معهد «التحليلات والدراسات الدفاعية»: ملف خاشقجي لن يمس العلاقات بين السعودية وأميركا

  • 10/24/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

استبعدت مراكز دراسات دولية أن تتأثر العلاقات القوية والتاريخية القائمة بين السعودية والولايات المتحدة جراء الجدل الدائر في الوقت الراهن بشأن واقعة وفاة الصحفي المعروف جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية مطلع الشهر الجاري، مُشددةً على وجود العديد من الاعتبارات السياسية والاقتصادية التي تؤكد أن الروابط الاستراتيجية بين البلدين ستبقى على حالها في المستقبل. وفي مقال تحليلي نشره «معهد التحليلات والدراسات الدفاعية» للأبحاث على موقعه الإلكتروني، أبرز الباحث مَداسير كومار النهج الشفاف والحازم الذي تتبعه السلطات السعودية في التعامل مع هذه الواقعة، والذي بدأ بإصدارها بيانين شاملين فجر السبت الماضي، أفصحت فيهما عن الملابسات التي فارق خاشقجي فيها الحياة بداخل القنصلية، وهو ما تلاه قراراتٌ أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بإعفاء عدد من المسؤولين البارزين - غالبيتهم يعمل في جهاز الاستخبارات - وبتشكيل لجنة لإعادة هيكلة رئاسة هذا الجهاز، بجانب إعلان الرياض أنها تجري تحقيقات مكثفة مع 18 شخصاً محتجزين على ذمة هذه القضية. وفي المقال الذي حمل عنوان «ليس من المرجح أن تؤثر قضية خاشقجي على العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية»، وحرص كومار على الإشارة إلى رد الفعل الأوليّ للرئيس الأميركي دونالد ترامب على هذه الإجراءات من جانب المملكة، والذي تمثل في وصفها بأنها «خطوةٌ أولى جيدةٌ»، واعتبار ترامب الرواية التي قدمتها السلطات في الرياض لملابسات وفاة الصحفي المعروف بأنها «جديرةٌ بالثقة». وأشار الباحث الهندي البارز إلى أن هذا الموقف من جانب ترامب جاء على الرغم من محاولات معارضيه وأوساط أخرى على الساحة السياسية الأميركية، إحداث ضجة وضوضاء بلا مبرر على خلفية واقعة القنصلية، بهدف النيل من العلاقات القوية التي تربط بين الرياض وواشنطن، دون اكتراث بالخطوات الجادة التي تتخذها المملكة بهدف إماطة اللثام عن حقيقة ما حدث في إسطنبول، من قبيل الاتفاق مع تركيا على إجراء تحقيق مشترك في هذا الشأن، والسماح للمحققين الأتراك بتفتيش مقار دبلوماسية سعودية في المدينة. ومن بين هذه الخطوات والإجراءات أيضاً، تعهد المملكة بإجراء تحقيقات شاملة بشأن وفاة خاشقجي، ومعاقبة أي شخص يثبت تورطه في ما حدث، بجانب عدم تردد الرياض في أن تطال قرارات الإقالة التي أُعْلِنَت مؤخراً مسؤولين في مناصب استخباراتية رفيعة، مثل اللواء أحمد عسيري نائب رئيس جهاز الاستخبارات، فضلاً عن شخصيات مثل سعود القحطاني الذي كان في السابق مستشاراً للديوان الملكي. وأكد كومار في مقاله التحليلي أن الإدارة الأميركية عازمةٌ «على منح وقت أطول للرياض (للانتهاء من تحقيقاتها في واقعة وفاة خاشقجي).. كما أن الرئيس ترامب لم يُنح باللائمة» على قيادات المملكة فيما حدث، وهو ما يبرز ثقته في مصداقية ما أعلنت عنه السعودية حول كون المتورطين في الواقعة، تصرفوا من تلقاء أنفسهم دون تلقي أي أوامر من قياداتهم. ومن بين مؤشرات رغبة البيت الأبيض في الحفاظ على العلاقات الوثيقة بالسعودية - كما يشير الكاتب - رفض ترامب الإضرار بالتعاون العسكري القائم بين البلدين، عبر تمسكه باستكمال صفقات التسلح المُتفق عليها بينهما منذ مايو من العام الماضي، حين أجرى زيارةً إلى الرياض كانت الأولى خارجياً له منذ توليه منصبه رئيساً للولايات المتحدة. وأشار الباحث المخضرم في شؤون السياسة الدولية إلى أن هناك عامليْن يقفان وراء حرص الرئيس الأميركي على الإبقاء على العلاقات القوية التي تربط بلاده بالسعودية، أولاهما الأهمية الاقتصادية التي تكتسي بها المملكة، خاصةً في ظل دورها الريادي في ضمان استقرار أسواق النفط الدولية، بالنظر إلى أن أي تقلص أو تذبذب محتمل لإنتاجها النفطي سيقود إلى ارتفاع هائل في أسعاره. وقال كومار إن الولايات المتحدة - مثلها مثل بقية القوى الكبرى في العالم - لا ترغب في حدوث مثل هذه الزيادة بأي شكل من الأشكال، فضلاً عن اهتمام هذه الدول بالحفاظ على الاستثمارات السعودية الكبيرة في الأسواق الأميركية والأوروبية. أما العامل الثاني الذي يحدو بالبيت الأبيض لانتهاج سياسات كفيلة بتعزيز العلاقات مع الرياض مهما كانت الضغوط الداخلية والخارجية، فيتمثل - كما يؤكد مَداسير كومار - في الدور الإقليمي الذي تضطلع به السعودية كحليف استراتيجي للولايات المتحدة على الساحة السياسية في منطقة الشرق الأوسط. وقال الباحث المرموق في هذا السياق إن المملكة «حليفٌ تاريخيٌ لأميركا». وألمح إلى التناغم الكبير بينها وبين القيادة الحالية في واشنطن، مُشيراً إلى أن الرياض رحبت بالسياسات التي ينتهجها ترامب تجاه الشرق الأوسط، لا سيما أنه نبذ منذ توليه منصبه أوائل العام الماضي الكثير من توجهات سلفه باراك أوباما، بما في ذلك النهج التصالحي الذي كان يتبناه الأخير حيال إيران. وتجلت أبرز سياسات ترامب في هذا المضمار في اتخاذه قبل شهور قراراً بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته القوى الكبرى مع إيران عام 2015، وشابه الكثير من السلبيات بحسب خبراء ومحللين. وأكد المقال أن هذه السياسات لاقت ترحيباً كبيراً من جانب السعودية، بوصفها خطوةً لا يُستهان بها على صعيد كبح جماح محاولات نظام الملالي الحاكم في طهران للتوسع وممارسة نفوذ إقليمي وزعزعة استقرار دول الخليج. وتزيد أهمية السعودية والعلاقات معها بالنسبة للولايات المتحدة، في ضوء الدور الحيوي الذي تضطلع به المملكة - وفقاً للمقال - في دعم الجهود الرامية لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، بهدف إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ عقود. وأشار كومار إلى تقدير أميركا بشكل كبير لهذا الدور، مؤكداً أن هذا التقدير لم يتأثر بقيادة الرياض للمعارضة العربية والإسلامية للخطوة التي أقدمت عليها الولايات المتحدة قبل شهور بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس. وأبرز المقال في الوقت ذاته تطابق مواقف الولايات المتحدة والسعودية حيال العديد من الملفات الإقليمية الساخنة، وعلى رأسها الحرب الدائرة في سوريا، والحملة التي تقودها المملكة لاستعادة الشرعية في اليمن، بجانب الوضع في ليبيا.

مشاركة :