الأعراس الجماعية بالجزائر ملاذ الشباب الراغب في الزواج

  • 10/25/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أصبحت الأعراس الجماعية التي تنظمها العديد من الجمعيات الخيرية في الجزائر وفي مدينة ورقلة، على وجه الخصوص، لتيسير الزواج، ملاذا ”مفضلا” لدى الكثير من الشباب الراغبين في الارتباط الرسمي تجنبا للأعباء المالية الثقيلة من جهة وبحثا عن مستقبل عائلي يسوده التفاهم والاطمئنان النفسي من جهة أخرى دون الاكتراث بالمظاهر والتفاخر أمام الآخرين. ورقلة (الجزائر) – تكثر الأعراس الجماعية عادة بمدينة ورقلة والمناطق القريبة منها مع بداية كل موسم أعراس أو خلال المناسبات الدينية التي تقام فيها غالبية حفلات الزواج. وتتاح فرص ذهبية أمام الشباب الراغب في الزواج وفي تكوين أسر عند إقامة الأعراس الجماعية التي تمثل حلا بالنسبة للكثير من الشباب والفتيات الذين وجدوا صعوبات في إتمام مراسم زواجهم. باتت هذه العادة التي ترافق مواسم الأعراس والتي يعتبرها البعض حميدة تحفز الشباب على الإقبال على الزواج حيث يتخذها حلا لتيسير الأمر عليه وللتخلص من التكلفة المالية الثقيلة للزواج، في الوقت الراهن، والتي أصبحت من بين أهم الأسباب التي جعلت الشباب يعزف عن الارتباط الرسمي، كما يرى رئيس جمعية “أيادي الخير” حي القارة في مدينة ورقلة. وتستعد الجمعية لإقامة واحدة من حفلات الزواج الجماعي قريبا بحسب أحمد رضا بازيني الذي أوضح “أن الجمعية بصدد التحضير لإقامة عرس جماعي لفائدة 27 عريسا مطلع شهر نوفمبر المقبل”. ويؤدي أعيان المدينة وشيوخها وأئمة المساجد دورا محوريا في تقريب هذه العادة في أوساط المجتمع الورقلي ولا سيما بين الشباب وفي التعريف بأهميتها وبأهدافها السامية لكي تتجذر ضمن عادات المجتمع ويتمسك بها الشباب أكثر، ويشجع الأئمة وشيوخ وأعيان المدينة الشباب الأعزب على حفلات الزواج الجماعي ويدعون الآباء والعائلات إلى اتخاذها كحل يسهل به تزويج أبنائهم وبناتهم من أجل تقوية ودعم الروابط الأسرية والمجتمعية. يحرص منظمو حفلات الزواج على أن تكون للشاب وظيفة قارة تمكنه من تحمل أعباء معيشة أسرته المستقبلية ويقول بازيني “إن الأعراس الجماعية لم تعد اليوم تقتصر فقط على العائلات البسيطة ومحدودة الدخل أو الفقيرة بل أصبحت تفضلها كذلك العائلات الميسورة الحال وذلك بالنظر لبعدها الاجتماعي والديني وكذلك الثقافي حيث تعد واحدة من وسائل الحد من نسب العنوسة ومن نسب تأخر الزواج لدى الشباب والفتيات بالتالي فهي طريقة للتخفيف من الآفات الاجتماعية، مثل الإنجاب خارج إطار الزواج”. ويضيف رئيس جمعية أيادي الخير أنه “لم يكن العديد من شباب حي القارة الشمالية -أحد الأحياء الشعبية بمدينة ورقلة- يؤمنون بأنهم قادرون على إقامة حفلات زواج ولا بإمكانهم بناء أسرة وفتح بيوت خاصة بهم لولا الأعراس الجماعية التي مكنت العديد منهم من تحقيق أحلامهم”. وتحرص الجمعية المكلفة بإقامة هذه الأفراح الجماعية على أن يكون للشاب المقبل على الزواج عمل أو مورد رزق أو وظيفة قارة بما يضمن قدرته على تحمل أعباء المعيشة وتأمين مصاريف بيته وأسرته في المستقبل، لكن هذا لا ينفي أن الجمعية قد تجد نفسها في بعض الأحيان مجبرة على تقديم المساعدة والبحث عن عمل دائم وقار بالنسبة للشاب العاطل عن العمل فضلا عن تأكيد القبول والرضا بين العائلتين المتصاهرتين وغير ذلك من التدخلات والمساعدات والإجراءات التي من شأنها تيسير الزواج على الشباب. ومن جهته يرى فتحي هبالي عضو في جمعية “وسيط الخير بامنديل- بالضاحية الغربية في ورقلة” والتي تتأهب لتنظيم عرس جماعي لفائدة ما لا يقل عن 35 عريسا في شهر مارس المقبل أن ”هذه الزيجات أصبحت عادة اجتماعية تستقطب أعدادا متزايدة من سنة إلى أخرى من شباب المنطقة بالنظر لنجاحها ووعيهم وإدراكهم بأهمية التضامن والتعاون والتآزر في ما بينهم”. وباشرت هذه الجمعية منذ تأسيسها في العام 2007 عملها الخيري بتنظيم أول عرس جماعي لفائدة سبعة عرسان ثم 10 عرسان ليرتفع العدد بعدها إلى 20 عريسا ثم إلى 35 خلال السنوات الثلاث الأخيرة مثلما ذكر هبالي الذي أكد أيضا ”أن نجاح هذه الأعراس الجماعية يكتسب بعدا آخر حيث يلعب دورا هاما في تحقيق التماسك الاجتماعي وتكريس قيم التضامن بين الأسر والعائلات المتصاهرة. وهذا الإنجاز يعد ثمرة جهود شباب واع يتحلى بالمسؤولية لخدمة المجتمع وتقديم قيم مجتمعية للأجيال القادمة في إطار جمعياتي ومدني. تكريس قيم التضامن بين الأسر والعائلات المتصاهرةتكريس قيم التضامن بين الأسر والعائلات المتصاهرة وتستغرق التحضيرات الخاصة بالعرس الجماعي في المعتاد أشهرا عديدة يتم خلالها تنظيم دورات وتدريبات لفائدة العرسان الجدد يشرف عليها أساتذة ومرشدون ومشايخ من داخل وخارج المحافظة بالإضافة إلى أخصائيين نفسيين ويتم خلالها تسليط الضوء على أدوار الزوجين وحقوق وواجبات كل منهما في تحقيق التماسك الاجتماعي من جهة والأسري من جهة ثانية. كما يتم العمل على التأهيل الأسري فضلا عن توزيع هدايا متنوعة للعرسان غالبا ما تكون عبارة على أجهزة كهربائية وتجهيزات منزلية تساعدهم في بيوتهم وفي حياتهم الجديدة. ويقوم العرس الجماعي على فقرات متنوعة ومراحل عديدة غالبا ما تدوم ثلاثة أيام أو أكثر وتبدأ بإجراءات عقد القران في اليوم الأول وتنظيم احتفالية تطبعها الاستعراضات الفولكلورية لفرق البارود والقرقابو والخيالة ثم مأدبة العشاء التي تتكون أساسا من طبق ”الكسكسي” الذي يعد بطرق تقليدية محضة بفضل هبات وتبرعات تقدم للعرسان أو للجمعية. ويستمتع الحضور بعد الانتهاء من مأدبة العشاء -حسب عادة الأجداد بالمنطقة- بجلسات تلاوة للقرآن الكريم وإلقاء خطب وتقديم دروس وعظ وإرشاد تتناول مقاصد الزواج للشباب والفتيات والحضور أيضا وتطرح مواضيع من بينها أهمية العلاقات الأسرية بالإضافة إلى تقديم وصلات إنشاديه متنوعة وتكريم وتهنئة العرسان الجدد وتوزيع العديد من الهدايا عليهم. يذكر أن العديد من الأعراس الجماعية نظمت عبر مناطق متفرقة من محافظة ورقلة منذ مطلع السنة الجارية لفائدة ما يفوق عن 500 عريس بمبادرة من العديد من الجمعيات الخيرية المحلية ولا سيما منها جمعيات الأحياء والجمعيات الدينية وذات الطابع الاجتماعي والتي أقيمت جميعها وفقا لعادات وتقاليد السكان المحليين. وكانت المنطقة قد شهدت تنظيم أكبر حفل زفاف جماعي في شهر مارس الماضي لفائدة أزيد من 260 عريسا بمبادرة من جمعيات محلية. وبات الزواج الجماعي متداولا في غالبية محافظات الجزائر ليس فقط ورقلة.

مشاركة :