سيف غباش.. مسيرة كفاح تكللت بالشهادة

  • 10/25/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: محمود محسن قدمت سياسة دولة الإمارات على مر عصورها انطلاقاً من قيام الاتحاد رموزاً تركوا بصمة في مسيرة الخارجية الإماراتية، الحنكة والتمرس والبصيرة صفات اعتلت نهجهم، وبها قادوا السياسة الخارجية إلى المحافل الدولية، ليؤكدوا قوة حضورها وثقل مكانتها، تحت قيادة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،طيب الله ثراه.اليوم وبعد مرور 41 عاماً على انطلاق طلقات غادرة ضلت طريقها مستقرة في جسدٍ أعزل لتمنح روحه البريئة الشهادة، نستذكر أحد أبرز العلامات السياسية الفارقة في تاريخ الدولة الإماراتية، ففي مثل هذا اليوم 25 من أكتوبر/‏‏ تشرين الأول عام 1977 رحل سيف سعيد بن غباش أول وزير دولة للشؤون الخارجية في الحكومة الاتحادية، قامة سياسية ومنارة تفوق وكفاح لم تجنح يوماً عن طريق النجاح في مسيرتها العلمية والعملية، وبرحيلها فقد الوطن والأمة العربية والإسلامية شعلة نضال أطفأ توهجها غدر أسود. نشأ يتيماً في 21 أكتوبر 1932 شهد حي المعيريض بإمارة رأس الخيمة ولادة الطفل سيف سعيد بن غباش المري الذي ما لبث أن بلغ عامه ال 12 حتى فقد والده سعيد بن غباش بن مصبح بن أحمد بن زايد بن صقر بن أحمد المري، ووالدته كذلك بعد مرور 3 أشهر من وفاة والده.بعدها انتقل إلى إمارة دبي، ليستقر في كنف عمته لمدة 3 سنوات، التحق خلالها بالمدرسة الأحمدية لفترة من الزمن وكان يدرس اللغة الإنجليزية في مدارس ليلية، وفي عام 1946 تعلم على يد الشيخ أحمد بن حجر، النحو والبديع والبيان والفقه الإسلامي وعلم الفرائض، وتميز بذكائه. بين العلم والعمل لم يعرف سيف غباش للاستسلام طريقاً، بل حفلت مسيرته العلمية والعملية بالتفوق والتمييز، فجاب خلالها أقطاراً عربية وأوروبية ليعود إلى مسقط رأسه إمارة رأس الخيمة بكم من العلم والخبرة مكنته من اعتلاء أعلى المناصب. واستهل حياته العلمية عام 1949 حينما سافر إلى مملكة البحرين، وعلى الرغم من التحاقه بالدراسة في المدرسة الابتدائية الشرقية في المنامة قبل الامتحان النهائي للسنة الرابعة الابتدائية بعدة أشهر فقط، إلا أنه تمكن من تحقيق النجاح بتفوق وامتياز حاصداً المركز الأول في الترتيب على مستوى طلبة البحرين.بعد ذلك غادر متجهاً إلى العراق بعد تخرجه في الثانوية العامة عام 1953 ليدرس الهندسة في جامعة بغداد، مجتازاً السنتين الأولى والثانية بنجاح لافت، إلا أن الظروف السياسية التي أعقبت العدوان الثلاثي على مصر حالت دون إتمامه السنة الثالثة، فاضطر إلى الرحيل عن العراق عام 1956 متوجهاً إلى مصر، وهناك حصل على بعثة من المؤتمر الإسلامي، لكن كلية الهندسة لم تعترف بدراسته في بغداد.وطلباً للعمل توجه إلى الكويت ليعمل بوظيفة مساعد مهندس في دائرة الأشغال الكويتية.العيش في أوروبا واتخذ من النمسا وجهته الأولى لأوروبا ففي عام 1959 أقام في مدينة كراتس التابعة للعاصمة فيينا، وعكف على دراسة اللغة الألمانية بشغف واهتمام لينمي ذاكرته بروائع الأدب الألماني مثل الشاعر غوته، إلا أن الظروف المادية وغلاء المعيشة حالت دون التحاقه بالجامعة لمتابعة دراسة الهندسة، فقرر الانتقال إلى ألمانيا وتحديداً إلى مدينة ديسلدورف، وهناك عمل مساعد مهندس في شركة إنشاءات ألمانية، مصراً على جمع ما يكفي من المال لمتابعة دراسته، وانتقل بعدها إلى سويسرا متقدماً للعمل في شركة أخرى مساعد مهندس، فتمكن بذكائه وتفوقه من الحصول على الوظيفة.حصد غباش على ثراء وفير من الثقافة والأدب والفنون وتعدد اللغات، وذلك لزياراته المتكررة إلى إيطاليا، وفي عام 1963 انتقل إلى العاصمة الفرنسية باريس لإتمام دراسته الجامعية في الهندسة.العودة للوطن وخدمته أيقن غباش بعد رحلة دامت 20 عاماً من التسلح بالعلم والخبرات أن الوقت قد حان للعودة إلى أرض الوطن وخدمته، ففي عام 1969 حط في مسقط رأسه وهو مملوء بالحماسة للعمل في خدمة وطنه وتأمين مستقبل آمن لعائلته، حيث رزق تباعاً بأبنائه الثلاثة عدنان وعمر وسعيد. وكيل الخارجية في 2 ديسمبر/‏‏ كانون الأول 1971 حظي بمنصب وكيل وزارة الخارجية، حيث عمل جاهداً على تنظيم الوزارة، وتجهيز العناصر الجيدة من شباب الإمارات لإرسالهم إلى سفارات الدولة في الخارج، وقام بتنظيم الإدارات التابعة للوزارة، ومنها الشؤون السياسية والشؤون القنصلية والمالية والإدارية والسكرتارية، كما عين أول وزير دولة للشؤون الخارجية بعد تشكيل وزارة اتحادية جديدة في 25 ديسمبر/‏‏ كانون الأول 1973 ليصبح المتحدث الرسمي باسم الإمارات في المحافل الدولية، محاولاً بكل جهده إيصال صوت الإمارات إلى العالم ودعوتها إلى صداقة الشعوب واستتباب العدالة والسلام.

مشاركة :