أكدّ سعادة فكرت أوزر، سفير الجمهورية التركية لدى الدولة، أن اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين ستجتمع شهر ديسمبر المقبل، برئاسة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية، لافتاً إلى أنه سيتم التوقيع على 5 إلى 6 اتفاقيات بين البلدين، في وقت بلغت المبادلات التجارية 1.3 مليار دولار نهاية 2017، ويتوقع أن تصل 2 مليار دولار بنهاية العام الحالي. وعلى الجانب الآخر، قال سعادة السفير أوزر إن المملكة العربية السعودية ستوافق على مقترح الرئيس أردوغان بشأن محاكمة المتورطين الـ 18 في اغتيال جمال خاشقجي في اسطنبول إن لم يكن لدى المملكة ما تخفيه، مؤكداً في الوقت ذاته أنه من غير المعقول ألا يكون الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي على علم بجريمة اغتيال خاشقجي مسبقاً، وهو الذي يحكم زمام الأمور في المملكة العربية السعودية. وتفاصيل أخرى في نص الحوار التالي:ما قراءتكم لخطاب الرئيس أردوغان بشأن قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي؟ كما تابعتم، فإن فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان قدم خلال خطابه آخر المستجدات، ولا تزال التحقيقات مستمرة، وتركيا متمسكة بإعلان جميع النتائج بمنتهى الشفافية. البعض قال إن أردوغان أحبط الرأي العام العالمي بعدم إعلان نتائج التحقيقات، ما تعليقكم؟ الرئيس قدم المختصر المفيد، وقال إن التحقيقات أثبتت أن مقتل خاشقجي جريمة مدبّرة، وتم التخطيط لها مسبقاً، وليس نتيجة حدث آني أو ناجمة عن شجار، كما حاول السعوديون إيهام العالم بذلك. كما أن الجريمة مرّت بثلاث مراحل من التنفيذ، بدءاً بالتخطيط، مروراً بدخول الشهيد خاشقجي إلى القنصلية، وأخيراً محاولة إخفاء آثار الجريمة، وإخفاء الأدلة. كما كشفت التحقيقات أن فريق الاغتيال عمل على محاولة تضليل المحققين الأتراك، بدءاً بمنح إجازة للموظفين غير السعوديين، تمهيداً لتنفيذ جريمتهم الشنيعة. وقد سمعنا اعتراف السلطات السعودية أخيراً. لكن الغريب، أنه لأول مرة، نتابع جريمة يكون الجاني فيها معروفاً، بينما الجثة والضحية مفقوداً! أردوغان اقترح على السعودية تسليم المتورطين ومحاكمتهم في اسطنبول، هل تتوقعون أن تقبل المملكة بذلك، وكيف سيكون رد فعل تركيا في حالة الرفض؟ فخامة الرئيس قدم اقتراحه، ولا نعرف كيف سيكون رد السلطات السعودية، ولكن إن لم يكن لديهم ما يخفونه، فمن الأفضل أن يقبلوا، أما إن كانوا يخشون من شيء معين، فبالتأكيد سيرفضون مقترح الرئيس أردوغان. والسعودية طبعاً دولة ذات السيادة، وقالت إنها سجنت المتهمين الثمانية عشر لمحاكمتهم. وتركيا -كما تابع العالم- لم تتجاوز القوانين الدولية، ولم تقم بأي إجراء خلال مرحلة التحقيق دون الحصول على موافقة السلطات السعودية، طبقاً لاتفاقية فيينا. لكن كما قال فخامة الرئيس، فالحصانة الممنوحة للقنصليات والسفارات ينبغي أن تستعمل في إطار العمل الدبلوماسي، مع ضرورة احترام قوانين البلد المضيف للسفارة، ولا تمنح قوانين فيينا السعودية تجاوز القوانين التركية. هل تتوقعون استجابة السلطات السعودية بتسليم المتهمين عبر الإنتربول، وهل ستقتنعون بمحاكمة السعودية للمتهمين؟ تعرفون أن بعض الدول لا تتجاوب مع طلبات الإنتربول دوماً. لكن أصول المحاكمة النزيهة، أن تحاكم تركيا المتهمين على جريمتهم التي ارتكبوها داخل الأراضي التركية. وما مصير جثة جمال خاشقجي؟ كما قال الرئيس أردوغان -في خطابه- نحن مستمرون في البحث عن الجثة، ونريد أجوبة عن هوية العميل المحلي الذي تقول السعودية إن القتلة سلموا له جثة الشهيد خاشقجي، ولكن إلى الآن، لا نجد رداً! وإخفاء الجثة يعكس المخاوف السعودية، لأن تقرير الطب الشرعي على الجثة سيثبت أن خاشقجي قتل بطريقة وحشية مع سبق الإصرار، وليس نتيجة شجار، كما كانوا يدعون. ونحن مستمرون في البحث عن الجثة. ما دلالة عدم ذكر أردوغان ولي العهد السعودي في خطابه؟ فخامة الرئيس خاطب الملك السعودي مباشرة، لأن تركيا مقتنعة تماماً أن الجريمة تتعدى الأشخاص الثمانية عشرة. ولذلك، خاطب الرئيس أردوغان الملك سلمان مباشرة، دون أي مسؤول آخر، مطالباً إياه بكشف المتورطين جميعاً دون استثناء. هل تشاطر تركيا الشكوك الدولية في ضلوع ولي العهد السعودي في الجريمة، وأن الأمر صدر منه شخصياً؟ ربما سيأتي الجواب لاحقاً من المملكة العربية السعودية على هذا السؤال. ولا يمكن لتركيا إطلاق اتهام مماثل دون أدلة مثبتة. لكن السعودية مطالبة بتقديم حقائق مقنعة للعالم. ولا يعقل أن ولي العهد الذي يُحكم بزمام السلطات والقرار في المملكة، لا يكون لديه علم بحدوث جريمة مماثلة مسبقاً. وهذا كلام الكثيرين في العالم، بما في ذلك الرئيس الأميركي الذي لم يقتنع بالرواية السعودية. ألا تخشون من تأثر العلاقات بين تركيا والمملكة بعد إعلان نتائج التحقيق؟ لا نخشى شيئاً. والرئيس أردوغان يدافع عن شرف 82 مليون مواطن تركي مستائين لاغتيال خاشقجي في بلادهم. وكما يقول فخامته: نحن لا نركع إلا لله وحده، ومبادئنا ليست قابلة للبيع. المملكة العربية السعودية مهمة لنا، ولدينا نصف مليون تركي يقصدون العمرة، و100 ألف حاج سنوياً، إلى جانب اعتناق الأتراك الدين الإسلامي، ومن هذا المنطلق نحرص على علاقاتنا مع المملكة. لكن في الوقت نفسه، فإن الرئيس أردوغان خاطب الملك سلمان بالقول إن تركيا تهتم بالعلاقات الثنائية، وإن كنت تهتم بعلاقاتنا فينبغي اتخاذ الخطوات والقرارات اللازمة بخصوص الجريمة التي نُفّذت داخل تركيا، بما يعنيه ذلك من تعدٍ خطير على سيادتنا. هناك انتقادات داخل تركيا للرئيس أردوغان بسبب تأخّر إعلان النتائج، وحديث عن تعرّضه لضغوط وحسابات سياسية، ما ردكم؟ تركيا بلد ديمقراطي يحترم حرية الرأي والتعبير. لكن للأسف، بعض الأحزاب التركية تعارض الرئيس من أجل المعارضة لا غير. والرئيس أثبت منذ بدء التحقيقات حكمته في تسيير الأزمة، الأمر الذي اضطر السعودية إلى الاعتراف بمقتل خاشقجي، بعدما كانوا يقولون إنه غادر القنصلية، وبعدما كانت هناك اتهامات من طرف البعض للمخابرات التركية والقطرية باغتيال خاشقجي. ممكن أن تكون هناك محاولات من بعض الكيانات في الولايات المتحدة الأميركية للضغط على الرئيس أردوغان، لكن تركيا أثبتت سابقاً أنها لا تركع لأية ضغوطات، أميركية أو غيرها، بدليل أن الرئيس ترمب وجّه تهديدات لبلادنا في حال لم نفرج عن القس الأميركي خلال يومين، ولكن تركيا لم تأبه لتلك التهديدات، ولم يتم إطلاق سراح القس الأميركي إلا بعد محاكمته من قبل القضاء التركي. إن تركيا لا يمكن أن تقايض حياة الإنسان بأية مكاسب مادية، مهما كانت. ولن تكون هناك صفقة سياسية على حساب الصحافي خاشقجي رحمه الله. هناك اتهامات لتركيا بالإفراج عن القس الأميركي ضمن صفقة مع واشنطن، بالتزامن مع قضية اغتيال خاشقجي؟ هذا غير صحيح، لأن محاكمة القس الأميركي كانت مبرمجة مسبقاً، بنحو شهرين أو ثلاثة. وسائل إعلام غربية قالت إن الأمير السعودي خالد الفيصل وعد بتقديم صفقات وإغراءات لتركيا مقابل إغلاق ملف قضية خاشقجي، ما صحة ذلك؟ أنا عرفت الأمير خالد الفيصل شخصياً خلال عملي في جدة. هو رجل حكيم، لا يمكن أن يتورّط في مثل هذه الأمور. هو جاء إلى تركيا واستمع إلى الأدلة، وأعتقد أنه اقتنع وأقنع الملك السعودي بما سمعه ورآه. كيف ترون تطور خطاب الرئيس ترمب الذي تحوّل من مدافع عن السعودية إلى القول إنه لو هناك متواطئ، فبالتأكيد سيكون ولي العهد السعودي؟ وزير الخارجية الأميركي السابق تيلرسون قال إن الرئيس ترمب يدير الدولة وكأنه رئيس شركة مقاولات، فهو مهتم بحصد الأموال للولايات المتحدة. وكثيرون في أميركا من الديمقراطيين والجمهوريين معاً، وغيرهم في دول العالم، انتقدوا هذا الخطاب، لأن القيم الإنسانية أولى من أية عوائد مادية، مهما كانت. 1200 عقار اشتراها قطريون في تركيا 2018 قال سعادة السفير فكرت أوزر سفير تركيا، في حوار لـ «العرب»، إن المبادلات التجارية بين البلدين بلغت 57 مليار دولار نهاية 2016، وارتفعت لتصل إلى 1.3 مليار دولار نهاية 2017، بزيادة 46 %. وبنهاية العام الحالي، نأمل أن نحقق ملياري دولار مبادلات تجارية بين قطر وتركيا. وأشار سعادته إلى أن هناك استثمارات قطرية في أكبر مصنع لإنتاج المواد البلاستيكية بالشرق الأوسط، بمساهمة 50 % من قطر التي ستوفر المادة الخام، ويوفر 60 % من احتياجات السوق التركية. وقد بلغت الاستثمارات المشتركة 25 مليار دولار، مقابل استثمارات لشركات تركية في مجال المقاولات بقيمة 16 مليار دولار. وتابع قائلاً: «بنهاية العام الماضي، أحصينا 600 عقار ووحدة سكنية اشتراها القطريون، وتجاوز 1200 عقار خلال العام الحالي. وهناك من سيشتري قطعاً أرضية، أو عقارات خاصة، وغيرها». 100 ألف سائح قطري في تركيا بنهاية 2018 قال سعادة السفير فكرت أوزر سفير تركيا، إنه بحسب الإحصائيات القطرية هناك 18 ألف مواطن تركي مقيم في الدوحة، يعملون في مجالات مختلفة، وبالنسبة للسياحة، سجلنا 46 ألف سائح قطري بنهاية 2017، وارتفع العدد إلى 71 ألف سائح قطري حتى نهاية أغسطس الماضي، أي خلال ثمانية أشهر فقط من العام الحالي، ونتوقع تسجيل 100 ألف سائح قطري بنهاية العام. تركيا أقوى في ظل النظام الرئاسي قال سعادة السفير فكرت أوزر، إن تركيا تستعد للاحتفال باليوم الوطني وهي اليوم أقوى، والنظام الرئاسي جعل آلية القرار أكثر نجاعة وسرعة في اتخاذ القرارات الإدارية. فمثلاً خلال أزمة الليرة، تمكّنا من اتخاذ قرارات سريعة مكنت من بداية تجاوز الأزمة، بدليل المؤشرات الاقتصادية الحالية، من قبل استقرار الليرة، وانخفاض الدولار، وتوفير كثير من البدائل، والتوفير في المصاريف. بسبب رفض أنقرة حصار قطر تراجع التبادل التجاري مع السعودية قال سعادة السفير فكرت أوزر، إن تركيا تطمح إلى علاقات طيبة بين دول مجلس التعاون الخليجي كافة، وتبقى قطر لها مكانة خاصة لدى الشعب التركي. وللأسف، بسبب موقفنا الرافض للحصار على قطر، تراجعت المبادلات التجارية مع المملكة العربية السعودية، مقابل ارتفاعها مع قطر، بسبب موقفنا المبدئي من الأزمة، حيث قال فخامة الرئيس أردوغان إننا سنقف ضد الحصار ولو كانت السعودية أو أي دولة خليجية ضحية له. لصناعة المدرعات العسكرية قطر أكبر المساهمين في «بي. أم. سي» قال سعادة السفير فكرت أوزر سفير تركيا، في حوار لـ «العرب»، إن هناك تعاوناً قائماً بين البلدين، حسب متطلبات كل بلد. ودولة قطر من أكبر المساهمين في مصنع «بي. أم. سي»، الذي يُعدّ من أكبر المصانع التركية لصناعة الشاحنات العسكرية المدرعة وتركيب الأسلحة. وسيُنتهى من بناء مبانٍ داخل القاعدة العسكرية التركية في قطر مع الاحتفالات باليوم الوطني لدولة قطر، التي ستشهد حضور أعرق الفرق الموسيقية العسكرية التركية. خلال ديسمبر المقبل 6 اتفاقيات في اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا قال سعادة السفير فكرت أوزر سفير تركيا، في حوار لـ «العرب»، إن العلاقات السياسية بين البلدين استراتيجية وممتازة، وقطر كانت دوماً إلى جانب تركيا. والأزمات التي مرّ بها البلدان قرّبت قطر وتركيا من بعضهما، وكانت قطر أول من وقف مع تركيا خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، وخلال أزمة الليرة الأخيرة. كما كانت تركيا أول من وقف مع قطر في مواجهة الحصار، ومدّ شعب قطر بمختلف احتياجاته التي سمحت بتجاوز الحصار. وهناك تنسيق دائم بين قطر وتركيا في القضايا الدولية أيضاً، مثل الأزمة السورية، والقضية الفلسطينية، والأوضاع في اليمن، وغيرها. وأضاف سعادته: «نترقب اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا شهر ديسمبر المقبل في تركيا، في دورتها الرابعة، برئاسة فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، وحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بعد النجاح الذي حققته الدورات الثلاث السابقة لاجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين». وأشار سعادة السفير إلى أن «البلدين نجحا في توقيع 40 اتفاقية للتعاون المشترك بينهما، ونتوقع التوقيع على نحو 5 إلى 6 اتفاقيات خلال الاجتماع المقبل للجنة الاستراتيجية العليا، تتعلق بتسهيلات لتشجيع حركة التجارة بين البلدين بحضور وزيري تجارة البلدين، والمصادقة عليه من قبل البرلمان، لتدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل. والاتفاقية تسمح بإلغاء بعض الرسوم وتخفيضها بين البلدين، واتفاقيات للتعاون في المجال الثقافي والصحة تسمح بتبادل ابتعاث المرضى للعلاج، إلى جانب اتفاقية لتوحيد المواصفات، واتفاقية بين لخويا والدرك التركي، واتفاقية في مجال الأمن لتبادل الخبرات والتدريبات بين أمن البلدين».;
مشاركة :