حركة النهضة تكسر عزلتها بالدعوة إلى "حكومة ائتلافية"

  • 10/27/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - لا تتوقف حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي، عن إثارة الجدل بمواقفها المتناقضة والمتضاربة، التي لا تخلو من المناورات السياسية في مسعى للخروج من المأزق الذي دخلته بحسابات خاطئة ارتدت نتائجها عليها منذ إعلان الرئيس الباجي قائد السبسي عن انتهاء التوافق معها. وتتالت مثل هذه المواقف بشكل لافت خلال الأيام القليلة الماضية، كان آخرها دعوتها في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي، إلى تشكيل حكومة “ائتلاف وطني”، وذلك بعد يومين فقط من تأكيد رئيس مجلس الشورى، عبدالكريم الهاروني، أن النهضة تريد حكومة جديدة على قاعدة نتائج انتخابات أكتوبر 2014. وأكد المكتب التنفيذي لحركة النهضة، في بيانه، تمسك الحركة بـ”موقفها الداعم للاستقرار الحكومي، وضرورة الإسراع بإنجاز التعديل الوزاري بما يحقق الاستقرار السياسي والاجتماعي”. غازي الشواشي: الدعوة إلى حكومة ائتلافية مناورة جديدةغازي الشواشي: الدعوة إلى حكومة ائتلافية مناورة جديدة لكن اللافت في هذا البيان هو تلك الإشارة إلى “حرص حركة النهضة على مواصلة الحوار، والتشاور مع كل الأطراف السياسية والاجتماعية، ودعوتها كل الأطراف إلى المشاركة في حكومة الائتلاف الوطني برئاسة يوسف الشاهد”. ورأى مراقبون أن هذه الدعوة إلى المشاركة في حكومة “ائتلاف وطني”، تعني بوضوح أن حركة النهضة الإسلامية باتت تقر بأن الحكومة الحالية التي تسمى بحكومة “الوحدة الوطنية”، فقدت هذه الصفة وبات يتعين استبدالها بأخرى اختارت لها اسم “حكومة ائتلاف وطني”. ويأتي هذا الإقرار بعد إدراك حركة النهضة بأن المعادلات السياسية الراهنة طرأ عليها الكثير من المتغيرات، وسط تباينات حادة في مواقف ومقاربات بقية القوى المؤثرة في المشهد السياسي، ولم يعد بمقدورها التحكم بمخرجاتها، أو حتى توظيفها لصالح حساباتها التي ارتبكت عناصرها منذ انتهاء “التوافق” الذي استثمرت فيه طيلة السنوات الماضية، وراهنت عليه لتمكينها من صورة جديدة. وفي هذا السياق، لم يتردد النائب البرلماني، غازي الشواشي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، في وصف دعوة حركة النهضة إلى حكومة “ائتلاف وطني” في هذا التوقيت بالذات، بأنها “مناورة جديدة”، لا تخرج عن إطار التكتيك السياسي الذي دأبت عليه الحركة منذ الأيام الأولى للأزمة الحكومية التي تعيشها البلاد. وقال لـ”العرب” إن مثل هذا التكتيك “قد خبرناه، ولم يعد ينطلي على أحد، ذلك أن حركة النهضة تدرك جيدا بعد إعلان الرئيس السبسي القطيعة معها، أنه ليس من مصلحتها في هذه الفترة أن تكون القوة الوحيدة الداعمة للحكومة الحالية”. وأضاف أن حركة النهضة تندفع بحسابات خاصة بمشروعها إلى إبعاد الصورة التي لصقت بها، والتي تظهرها بأنها المساند والداعم الوحيد للحكومة، وبالتالي فهي تسعى إلى توريط أكبر عدد ممكن من الأحزاب للمشاركة في تشكيل حكومي جديد تحت عنوان “ائتلاف وطني”. واعتبر أن مثل هذه المناورة السياسية تستهدف “اكتساب عذرية جديدة استعدادا للانتخابات القادمة، وذلك من خلال التخلص من المسؤولية ومن تداعيات الفشل الراهن، عبر توزيعه على بقية الأحزاب”. خالد شوكات: ضرورة البحث عن أرضية تفاهم مشتركةخالد شوكات: ضرورة البحث عن أرضية تفاهم مشتركة وأكد في المقابل أن مختلف القوى في البلاد، وخاصة منها المعارضة، “تنظر إلى هذه المناورة التي تأتي في الربع ساعة الأخير من الأزمة الحكومية، على أنها مكشوفة، وبالتالي لن تسقط في فخها، حيث لن تكون طرفا في أي تشكيل حكومي جديد بغض النظر عن تسميته”. وتثير حركة النهضة بهذه المناورة، الكثير من الأسئلة حول المأزق الذي تردت فيه، والذي تحول إلى أحد العناوين البارزة في إطار الأزمة الحالية، التي جعلتها في عزلة سياسية لم تفلح في الخروج منها رغم ما يُثار ويُقال عن تفاهمات جديدة مع حركة مشروع تونس برئاسة محسن مرزوق. وسرعان ما تبدد الحديث عن تلك التفاهمات التي روج لها عبدالكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة، بعد البيان الرسمي لحركة مشروع تونس الذي تضمن نفيا قاطعا لما ذكره الهاروني، الذي عاد إلى مغازلة حركة نداء تونس عبر الحديث حول استعداد حركته للقبول بتشكيلة حكومية جديدة على قاعدة نتائج انتخابات 2014. ويبدو أن حركة نداء تونس التي فقدت أغلبيتها البرلمانية التي فازت بها في انتخابات 2014، ليست في وارد رفض هذه المغازلة، حيث اعتبر القيادي خالد شوكات، أن ما ورد في بيان المكتب التنفيذي لحركة النهضة “ينم عن رغبة ملحة للخروج من الأزمة السياسية الراهنة”. وقال لـ”العرب”، “إن المصلحة الوطنية تستدعي الخروج بسرعة من هذه الأزمة المستفحلة”، تاركا في نفس الوقت الباب مفتوحا أمام إمكانية مشاركة حركة نداء تونس في التشكيلة الحكومية الجديدة التي يعتزم يوسف الشاهد الإعلان عنها قريبا. ولفت في هذا السياق إلى أن حركة نداء تونس “دخلت في مشاورات مع حركة النهضة، يُفترض أن تنتهي قريبا، وذلك على قاعدة إيجاد أرضية مشتركة للخروج من الأزمة التي أصبحت ضاغطة على كل الاستحقاقات في البلاد”. وعلى وقع هذه التطورات التي جعلت المشهد العام في البلاد كأنه يسير وسط متاهة لا تخلو من الألغام السياسية، تستنفر حركة النهضة أوراقها، في محاولة للالتفاف على نهاية هذه الأزمة التي مازالت تضغط بقوة على موازين القوى في تونس.

مشاركة :