الجزائر تحاصر المعارضين مع اقتراب الانتخابات

  • 10/28/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - حذّر حقوقيون وإعلاميون في الجزائر من حملات التوقيف التي شنتها الحكومة ضد صحافيين وفنانين وبعض المدونين والناشطين في الآونة الأخيرة، والتي تكشف لجوء السلطة إلى محاصرة المعارضين، في الوقت الذي يستعد فيه البلد للانتخابات الرئاسية بعد ستة أشهر من الآن. وأمرت محكمتان بالعاصمة الجزائرية مساء الخميس، بحسب ما أفاد به محامون، بوضع ثلاثة صحافيين في الحبس الاحتياطي بتهم مختلفة بينها القذف والابتزاز والمسّ بمؤسسات الدولة وبالحياة الخاصة للأشخاص. والمتّهمون الثلاثة هم رئيس تحرير موقع “ألجيري بارت” عبدالرحمن سمار والصحافي بنفس الموقع مروان بوذياب والصحافي وصاحب موقع “دزاير برس” عدلان ملاح. وحذر المحامي والناشط الحقوقي عمار خبابة من التوظيفات الهامشية لقضية الصحافيين والمدونين والفنانين الذين أوقفوا مؤخرا من طرف مصالح الدرك، وأحيلوا على الحبس المؤقت بتهم الابتزاز والتشهير والقذف، وسط أجواء مشحونة تنذر بوقوع انزلاقات خطيرة، جراء استغلال قضايا قانونية في إطار تصفية حسابات بين بعض الأطراف. وذكر بأن الامتثال لقانون الجمهورية ومعالجة القضاء للملفات المعروضة أمامه، لا بد أن يتما في أجواء سلسلة بعيدا عن التوظيفات المشبوهة التي توحي بتصفية حسابات، ومحاولات التأثير على مسار القضايا المطروحة، الأمر الذي يمثل في حد ذاته مساسا بحرية وخصوصية الأفراد المعنيين، باعتبار أنهم أبرياء حتى تثبت إدانتهم. وأكد أن هؤلاء متهمون في نظر الضبطية القانونية، بناء على اجتهادات المحققين في جهاز الدرك الوطني، وأن القضاء هو الهيئة الوحيدة المخولة بإدانتهم أو تبرئتهم، ولأنه لم ينظر في ملفاتهم إلى حد الآن من طرف المحكمة المختصة، فهم أبرياء وليس من حق أي أحد ممارسة التشهير في حقهم، أو الترويج لهم لدى الرأي العام كمجرمين. واستنكر حقوقيون وإعلاميون حملة التغطية المفتوحة والمستمرة لقناة النهار المقربة من مؤسسة الرئاسة، وتعمد إظهارهم للرأي العام في لحظة ضعف، وفي صورة أشخاص مدانين بتهم معينة، لكن لم يعلن عنها رسميا لحد الآن من طرف القضاء، حيث ما يتم تداوله لا يتعدى حدود التسريبات والافتراضات والأخبار المنقولة عن شهادات المحامين الذين اضطلعوا بالدفاع عنهم. وكتب مالك قناة النهار محمد مقدم (أنيس رحماني) في تدوينة له على حسابه الشخصي في تويتر “أهل الشقاق والنفاق من المشفقين على عصابة الابتزاز والتشنيع بالضحايا، تذكروا الآن نفسية المتهمين وشعور ذويهم!، منافقون، أينما كنتم عندما كان هؤلاء يبتزون أسرا بكاملها كل يوم ببث صور نساء ومراهقات!، منافقون وجبناء، بطونكم كلها تبن وتخشون من القطيع!، مواقفكم تلخص داء الجزائر”. وتلخّص مفردات التدوينة حدة انحدار الخطاب الإعلامي والحقوقي بين من يصفون أنفسهم بـ”ضحايا عصابات الابتزاز “، وبين المشككين في تصفية الحسابات بين جناح في السلطة مع النخب الإعلامية والفنية والناشطين الإلكترونيين المنتقدين والمعارضين للسلطة، حيث تظهر في المعسكر الآخر حملات استهجان واسعة لما سلط على الوجوه الموقوفة في الآونة الأخيرة. حقوقيون وإعلاميون جزائريون يستنكرون حملة التغطية المفتوحة والمستمرة على قناة النهار المقربة من الرئاسة، التي تعمدت إظهارهم للرأي العام في لحظة ضعف وفي صورة أشخاص مدانين بتهم، في حين لم يعلن القضاء عنها بصفة رسمية وصرح في هذا الشأن الفنان والمخرج عبدالقادر جريو، بأنه “واثق في نزاهة القضاة ويهمني ما يجري لزملائي ولباقي الأشخاص الموقوفين، لكن ما أزعجني وأقلقني كثيرا هو الحملة الإعلامية الشرسة التي تقوم بها قناة النهار، لأنهم متهمون فقط، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، فبأي حق تفرد القناة تغطية مفتوحة ومستمرة للمسألة، وتروّج لتهم لم ينطق بها القضاء، وتصفهم بالشبكة الإجرامية؟”. وأضاف “هؤلاء ليسوا إرهابيين وليسوا أمراء داعش، حتى يتم تقديمهم للرأي العام بتلك الصور المشينة مكبلين بالأصفاد وهم في حالة ضعف، فمن منح الحق لهذه القناة للقيام بهكذا أفعال؟”، وتابع متسائلا “هل فكرت القناة في عائلات الموقوفين وفي أطفالهم، وهل فكرت في صورة وسمعة الجزائر في الداخل والخارج؟”. ولفت المتحدث، الذي أخرج أشهر برنامج تلفزيوني في شهر رمضان قبل الماضي (ناس السطح)، المنتقد للسلطة ولرموزها وشخصياتها، إلى أنه “يثق في قضاة وكوادر العدالة الجزائرية لمعالجة هذا الملف، إذا لم يرن عليهم الهاتف.. وأن العدالة لا بد أن تكون حرة ومستقلة، وأن تحتكم إلا للقانون وللضمير المهني”. وأكد أن القناة تنفذ مخططا رهيبا لتدمير مؤسسات الدولة تدريجيا، بدأت بتسويق صورة سلبية عن الجامعات الجزائرية، انطلاقا من حالة شاذة، عممتها على جميع الطالبات وشككت الأولياء والمجتمع في ما يجري داخل أسوار الإقامات الجامعية، واستغلال الخطاب الديني في الانحلال الأخلاقي، وتقديم الفن والفنانين كمرادف لسوء الأخلاق والانحراف، وبعدها الإهانة المتعمدة لأعتى مؤسسة أمنية في البلاد وهي جهاز الاستعلامات (المخابرات)”. ومازالت قضية ما وصف بشبكة المدون “أمير دي زاد”، تثير الجدل في البلاد، في ظل الالتباس القائم بين حملة التشهير والابتزاز التي طالت عدة مسؤولين كبار في الدولة وعائلات وأبناء كوادر في مؤسسات رسمية، وبين جهل هوية المشتكين منها لحد الآن، حيث لم يظهر إلا مالك مجمع النهار الإعلامي محمد مقدم (أنيس رحماني)، وإشارات عن محافظ العاصمة عبدالقادر زوخ، ورجل الأعمال وصاحب مجمع كوندور عبدالرحمن بن حمادي. وفيما يجري الحديث عن تفكيك جهاز الدرك لشبكة تتكون من نحو 200 شخص من وجوه مختلفة ومهن متعددة، كانت تعمل في التشهير وابتزاز الضحايا، يبقى رأس الشبكة (بوخرص أمير)، الشاب المقيم بفرنسا في وضع غير قانوني (حراق)، حرا طليقا ولم يتم استقدامه للمحاكمة، رغم وجود اتفاقيات تعاون قضائي وتبادل المجرمين بين البلدين. وذكر في آخر تسجيلاته بأنه سيواصل ما يسمّيه بـ”معركة المقاومة وفضح ممارسات المسؤولين وملفات الفساد، رغم المضايقات والتهديدات”، وزعم بأن “مصادره هم الشرفاء والخيّرون داخل مؤسسات الدولة”.

مشاركة :