لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا» مجرد مواقع ترفيهية أو اجتماعية عابرة في حياتنا اليومية، بل أصبحت جزءا لا يتجزأ من يومياتنا «الشخصية» و«المهنية»، حتى لم يعد هناك انفصال بين الحياة الحقيقية في المجتمعات الواقعية عن الحياة «الافتراضية» بمواقع وشبكات التواصل الاجتماعي. ومع تزايد النسب الإحصائية لتواجد الأفراد عبر شبكات ومواقع الإعلام الاجتماعي، باتت المجتمعات الافتراضية مزدحمة بالعديد من الثقافات، حيث إن تجاوز هذه الشبكات الاجتماعية للحدود الجغرافية سمح باختلاط كافة المجتمعات العربية والغربية وتناقل الأفكار وامتزاج الثقافات مع بعضها البعض. وكان لذلك التداخل الثقافي والاجتماعي لقارات العالم عبر مجتمعات التواصل الاجتماعي «الافتراضية» دور فعال في التأثير على «الهوية الشخصية» التي من شأنها أن تتأثر بعدة عوامل ومؤثرات اجتماعية وانتمائية. وفي السياق التوضيحي لمفهوم «الهوية الشخصية» يمكن شرحها على أنها مجموعة من الصفات والسمات التي تتميز بها جماعة من الأفراد أو فرد من الجماعة بأي مجتمع كان، تميزهم عن غيرهم من المجتمعات الأخرى. وقد تتأثر تلك الصفات التي تعبر عن «هوية الفرد» بالأعراف الدينية والثقافية والاجتماعية وغيرها مثل التعليمية والمهنية المكتسبة مع الوقت والحياة بالمجتمع. وفي ظل الثورة السوشيالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت «الهوية الشخصية» بصورة محددة أكثر خطرا اليوم عبر تلك المواقع التواصلية، حيث إن النسبة الأكبر لمستخدمي القنوات والمواقع السوشيالية هم فئة «الشباب» الذين يعتبرون في مرحلة بناء «للهوية الشخصية»، ويعد اختلاطه بشكل مستمر ومتواصل ومنفتح للغاية على المجتمعات الأخرى التي قد لا تتماشى مع بناء وتكوين «هويته» يعد سلاحا ذا حدين ان لم يتم توضيح كيفية بناء «الهوية الشخصية» عبر شبكات الإعلام الاجتماعي. وفي هذا الضوء التثقيفي لبناء «الهوية الشخصية» عبر شبكات الإعلام والتواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا» لا بد من توضيح دور «المحتوى الإلكتروني» الذي يتم صناعته ونشره وتناقله عبر تلك المواقع، من ابراز لنوعية «الهوية» التي ينتمي إليها الفرد عبر «المجتمع الافتراضي»، ولذلك يجب الاهتمام بظهورنا الافتراضي الذي يعبر عنه «المحتوى» الذي نقوم بتداوله سوشيليا». ويبدأ هذا «المحتوى» من لحظة إنشاء «الملف التعريفي» الخاص بنا عبر حساباتنا على مواقع «التواصل الاجتماعي»، ولهذا لا بد من أن يكون ملفا تعريفيا واضح «الهوية» كالابتعاد عن الاسماء المزيفة أو المستعارة ووضع «صور» لا تمثلنا في خانة «الصورة» التعريفية بنا. ومن جانب آخر، يجب مراعاة نشر أو إعادة نشر «محتوى» لائق ومتماش مع العادات والتقاليد والأعراف الدينية، وأن يكون «محتوى» يعبر عن ثقافاتنا ومجتمعاتنا، ومن هنا أيضا «لا بد من مراعاة نوعية الحسابات التي نتابعها والحسابات أيضا التي تتابعنا عبر حساباتنا التواصلية». ومن منظور آخر، فإن سلوكياتنا وأخلاقياتنا عبر «التواصل الاجتماعي» تعكس جانبا مهمًّا من «هويتنا»، فإعجابنا بالمنشورات التي تنشر عبر مختلف المنصات والمواقع الاجتماعية وكيفية الرد أو التعليق عليها يبرز بصورة أكبر معالم «الهوية الشخصية» التي تمتلكها ذاتنا. وفي سياق ذلك، فإن بناء «الهوية الشخصية» عبر شبكات الإعلام الاجتماعي ومواقع «السوشيال ميديا» لن يمكن أن تبنى دون وجود قناعة تامة بكل ما اكتسبناه أولا «من مجتمعاتنا وثقافاتنا ومن ناحية ثانية من دون الاقتناع بما نتميز به نحن كأفراد عن غيرنا من الأشخاص، ومن هنا يمكن لبناء «الهوية الشخصية» عبر المجتمعات الافتراضية أن يخلق وينمي الإبداع بنا ويساعدنا على التفوق في التركيز على نقاط القوى بشخصياتنا. وفي سبيل تحقيق ذلك لا بد من الابتعاد عن «التصنع» والتقليد الأعمى لما يدور في العالم الافتراضي والانسياق وراء العديد من الأمور بحجة أنها الأكثر انتشارا، «ففي العالم السوشيالي قد يتكرر كثيرا» أن ما ينتشر كثيرا فهو لرداءته وليس العكس.
مشاركة :