الموهبة والإبداع وأسرار التميز | منى يوسف حمدان

  • 1/8/2015
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

شباب الوطن من الطلاب والطالبات هم عدة المستقبل، والاستثمار في عقولهم هو الاستثمار الأمثل لمواجهة التحديات التي نواجهها محليًا وإقليميًا وعالميًا. عالم الموهوبين والمبدعين والمبتكرين عالم لي معه ذكريات جميلة لا تنسى، وسنوات عمر قضيتها لايزال أثرها باق في نفسي، كنت أتعلَّم معهم ومن أجلهم لأحاكي عقولهم، وأعدت صلتي بمهارات البحث العلمي، الذي كان رفيقي يومًا في مقاعد الدراسة الجامعية. عدت بذاكرتي إلى بحث التخرج في السنة النهائية عن معجلات الجسيمات، التي تقذف نواة الذرة في المفاعلات النووية، كان بحثًا صعبًا للغاية في الفيزياء النووية، وكان الأول من نوعه في الكلية، ولا مراجع عربية تخدمني، ومهارات البحث العلمي تكاد تكون معدومة، واللغة الإنجليزية ليست بالمستوى المأمول.. ولكن تم المراد بتوفيق الله، وأتممت البحث بعد جهدٍ وعناء وبفرحة لا تصفها كلمات، عندما تم مناقشة البحث من قبل كل أعضاء هيئة التدريس، عرفت معنى فرحة الإنجاز بعد التعب، وكلمات الثناء والتقدير تنسيك آلام ومشقة الأيام والليالي. كل هذه المشاعر والمعاناة كنت أستشعرها مع طالبات العلم من الموهوبات اللاتي اخترن بطواعية واردة الاشتراك في أولمبياد الإبداع العلمي في مساريه البحث العلمي والابتكار. غبتُ عن هذا المجال أربع سنوات، وعدتُ لعالمي الجميل مع طالباتي كمُحكِّمة في نهائيات الأولمبياد في ينبع، ولي الحق أن أكتب وبكل فخر واعتزاز ما شاهدته ولمسته حقيقةً وواقعًا من تطور مشهود في كل تفاصيل العمل وفي أدقها، بدءًا من البحوث العلمية والابتكارات، ومن تنوع الأفكار وقوّتها وثقة الطالبات بأنفسهن وفصاحة ألسنتهن وتفكيرهن العلمي المنطقي والإصرار العجيب على المشاركة عامًا تلو العام بخبرات علمية متراكمة أصبح الطالبة من خلالها أكثر تمكّنًا وفهمًا لأبجديات البحث العلمي. هذا العمل الخلاق خلفه قسم كنت وما زلت أحب الانتماء إليه، إنه قسم الموهوبات بقيادة الأستاذة القديرة نسرين نحاس، تعلّمت منها مهارات متعددة وحرصها الكبير على كل صغيرة وكبيرة في العمل، تبحث دوما عن الكمالية والإتقان، لا ترضى أبدا إلا بالتميز، وهو شعارها دوما وأبدا. خبيرة تربوية من الطراز الأول وفكر إبداعي يُحلِّق بعيدًا في سماء الإبداع والموهبة، وهذا مقتبس من أول برنامج أقمناه معًا في هذا القسم عندما كنت أول مشرفة للموهوبات في إدارتنا- كان عنوانه-(كيف أُحلِّق في سماء الموهبة؟). أقول لك بصدق، لقد حلّقت بعيدًا أستاذتي ومعك خيرة المشرفات اللاتي أبدعن في العطاء المتميز والحرص الكبير على تحقيق معايير الجودة والإتقان، ما أروع فريق الموهبة في تعليم ينبع، إنهن الموهوبات بالفطرة والعلم المستمر، وأصبحن فعلًا مضرب الأمثال في التميُّز في أدائهن، فريق يضم وفية الصبحي وغادة الحويطي وجميلة فلاته وأمل مقدم وضحى سبيه وريما الرفاعي وزينب عيد وغيرهن، يحق لنا جميعا أن نرفع لهن القبعة احترامًا وتقديرًا وفخرًا بوجودهن ضمن كوكبة متميزة من المشرفات المبدعات. خرجت من معرض موهبة في تعليم ينبع ومشاعر الفخر تغمرني، وتمنيت أن تعود الأيام بي لطفولتي، وأسترجع مكاني في مقاعد الدراسة لأتعلّم من جديد وأتدرَّب على أيدي هؤلاء الخبيرات المخلصات في عملهن. ما أسعدني ليس المكان فقط بكل رونقه وجماله وتنظيمه، وإبداع يفوق الوصف في لوحات إعلانية كبرى تضم صورًا لتكريم المبدعين والمبدعات، وشهادات الشكر والتقدير لطالباتنا في كل المحافل المحلية والإقليمية والدولية، سعادتي بلغت عنان السماء بتلك النظرات والبريق في أعين طالباتنا، وحرصهن الكبير على تلقِّي العلم وعمق الفكر لديهن، والإصرار العجيب، والذي يدعو لكثير من التأمل، ومن ثم وقفة صدق مع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، وهذا الدور الريادي في الدعم والمساندة والحضور أيضا سعدنا كثيرًا بممثلة موهبة بيننا الأستاذة العرفج، والتي أعلنت في كلمتها عن أرقام تحكي قصص الإنجاز العظيم، الذي تحقق بفضل الله تعالى، حيث وصل عدد المشاركين إلى أكثر من 116.000 طالب وطالبة في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي 2015م، وتدريب ما لا يقل عن 25000 طالب وطالبة في مساري البحث العلمي والابتكار، وتدريب وتأهيل ما لا يقل عن ألفي مُحكِّم ومُحكِّمة، وستمائة مُدرِّب ومُدرِّبة. إنها لغة الأرقام، التي لا تكذب وتحكي للعالم بأسره مسيرة الإنجازات العلمية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قائد التغيير والتطوير والإبداع والتميُّز. ونزجي من الشكر أجمله لنائب رئيس مؤسسة موهبة سمو الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم ونهديه هذه الإنجازات باسم الوطن من أجل المستقبل الذي سنُحقِّق فيه الريادة العالمية -بإذن الله-ونحن على الطريق سائرون، وحقًّا إن السعوديين قادمون. Majdolena90@gmail.com

مشاركة :