نظرة مستقبلية إيجابية لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي رغم انخفاض أسعار النفط

  • 1/8/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

شكل انخفاض أسعار النفط واحدة من القصص الكبرى التي تم تداولها في العام 2014، وذلك مع انخفاض سعر خام برنت بأدنى مستوى في خمس سنوات بدايات شهر ديسمبر وعلى الرغم من إيجابية هذه الأخبار بالنسبة للاقتصاد العالمي بشكل عام، لكن هذا الهبوط في أسعار النفط يشكل محوراً للعديد من القضايا في دول مجلس التعاون الخليجي. وخلال العقد المنصرم، وكردة فعل للزيادة في العائدات النفطية بالإضافة إلى النشاط السياسي، قامت الدول المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط بزيادة الإنفاق العام وذلك لما يصل إلى أربعة أضعاف تقريباً. وفي وجود ضريبة لا تزيد عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي تؤخذ من جميع المصادر في دول مجلس التعاون الخليجي، اضطرت السلطات إلى الاعتماد على الارتفاع في أسعار النفط، أو على الأقل بقائها عالية، في تمويل الإنفاق في الميزانية. وبالتالي، فإذا ما استقرت أسعار النفط على مستوى منخفض أو استمرت في الانخفاض، دون إدخال تغييرات على خطط الإنفاق، فسيواجه منتجو النفط في بلدان الخليج عجزاً مالياً، وكما هي حالة سلطنة عُمان عجزاً مالياً وتجارياً. ففي المملكة، على سبيل المثال، يمثل سعر ال20 دولاراً أمريكياً للبرميل سعر التعادل بالنسبة لميزانية العام 2003، بينما تشير تقديرات العام 2015 إلى أن السعر الذي سيغطي الزيادة في مستويات الإنفاق في البلاد يجب ألا يقل عن 90 دولاراً للبرميل. وفي مملكة البحرين يتحقق سعر التعادل للعام القادم بوصول سعر البرميل إلى 130 دولاراً أمريكياً. ومع ذلك، لا تزال توقعاتنا بالنسبة لدول الخليج وسوق السندات بها إيجابية على المدى المتوسطة. ويستند هذا الرأي على القوة المالية والنمو الذي تشهده القطاعات غير النفطية. وفي شهر أكتوبر 2014، توقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي –باستثناء القطاع النفطي- نحو 6 في 2014-2015، كما توقع صندوق النقد الدولي أيضا استمرار التضخم في ضوء تخفيض أسعار الغذاء العالمية وأسعار الصرف المرتبطة بالدولار الأمريكي أو بسلة من العملات المعيارية. وتمكنت بلدان الخليج من تحقيق الفوائض المالية الضخمة على مدى العقد الماضي، بالإضافة إلى كونها من أقل الدول في العالم من حيث معدلات الدين العام مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعني تمتع تلك الدول بقوة في الميزانية العمومية تمكنها في رأينا من التعامل لفترات طويلة مع انخفاض أدنى من المتوقع في عائدات النفط. وقد تراكمت الفوائض المالية لدول مجلس التعاون الخليجي لتصل إلى 189 من الناتج الإجمالي المحلي، أي 3.1 ترليونات دولار أميركي في الأصول الأجنبية العامة التي يمكن الاستفادة منها لتخفيف الصدمات الدورية. وعلى الرغم من أن التعديلات في الإنفاق على المشاريع الاستثمارية غير الاستراتيجية قد تكون على الورق، فإن هذه الأصول تغطي كامل الإنفاق الحكومي لعدة سنوات، ليؤكد ذلك إيماننا بإمكانية المحافظة على برامج الإنفاق. وتجسد الزيادة الكبيرة في الإنفاق الحكومي في دولة الكويت خلال النصف الأول من العام المالي الجاري الاستفادة من الفوائض الضخمة للميزانية في تحسين البنية التحتية. وبالنظر إلى الجانب الإيجابي لانخفاض أسعار النفط، فإن ذلك سيدفع في اتجاه الجهود الرامية إلى تقليص دعم الطاقة إذ إن إزالة بعض أو معظم الدعم سيعمل على إتاحة المزيد من النفط والغاز للتصدير وتحرير الموارد للإنفاق الإنتاجي وتحسين الحوافز نحو اعتدال نمو الاستهلاك. تعتبر أسواق السندات في دول مجلس التعاون الخليجي ديناميكية للغاية، حيث يمكن قياس ذلك من خلال الزيادة في إصدار السندات الجديدة من شركات دول مجلس التعاون الخليجي في القطاعات غير النفطية، في حين تقود مشاريع البنية التحتية القوية عمليات الإصدار وذلك عبر الحكومات والمؤسسات المرتبطة بها. كما أن لانخفاض أسعار النفط فائدة أخرى مهمة، حيث يمكن أن يسهم ذلك في زيادة وتيرة إصدار السندات والصكوك من قبل الدول والمؤسسات المالية لتمويل الميزانيات والحفاظ على برامج قوية للنفقات المالية. ونحن نعتقد أن تطوير سوق السندات المحلية أيضا سيدعم تقدم السياسة النقدية ويقوي البنية التحتية للأسواق المالية في المنطقة. وعلاوة على ذلك، فإننا لا نتوقع استمرار الوضعية الحالية في أسعار النفط، فنعتقد على أرض الواقع وجود مؤشرات على انخفاض كبير في تصاريح الحفر الجديدة كعلامة على أن السوق يتفاعل بشكل مناسب مع مؤشرات الأسعار. وفي المحصلة، فإن احتمالية أن تعاني بعض البلدان من العجز المالي فيما لو استمرت الاسعار في التراجع هو أمر سلبي، ولكن مثل هذا التطور قد يؤدي إلى إصدارات من كيانات جديدة ومثيرة للاهتمام في سوق السندات، وربما يسهم في تسريع الإصلاحات الهيكلية ومنها دعم الوقود وفرض الضرائب وتطوير السوق المالية. *فرانكلين تمبلتون للاستثمار (الشرق الأوسط)

مشاركة :