لا تصدقوا الغرب.. يقولون ما لا يفعلون

  • 10/29/2018
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

لا تصدقوا ساسة أوروبا وأميركا، فالتجارب والأحداث أكدت أنهم «يقولون ما لا يفعلون.. ويفعلون ما لا يقولون»، وإن تحدثوا فهم يقولون أمام المايكروفونات والكاميرات ما لا يقولونه في المكالمات الهاتفية والغرف المغلقة، عودوا فقط واعملوا «جردة» عاجلة لتصريحاتهم حول قضية جمال خاشقجي -رحمه الله- منذ بدايتها إلى اليوم ستجدون كل التناقضات والتباينات والتذبذب والتقلب وبشكل يوصلك في نهاية المطاف إلى ما يشبه الابتزاز السياسي والاقتصادي، تصريحات ومواقف في ظاهرها الانتصار لحقوق الإنسان وحرياته وفِي باطنها مكاسب حكومات ومغانم حكام، وبالتالي لم تكن قضية جمال خاشقجي الأولى التي ستُتخذ جسراً ومشجباً وسبباً لينسج عليها الغرب في أميركا وأوروبا القصص والأفلام والبطولات والتنافس الحاد للأحزاب بينها البين من جهة أو بين الدول من جهة أخرى، وفِي الوقت ذاته لن تكون القضية الأخيرة وبالتحديد عندما تكون مثل هذه القضايا متصلة بشكل أو بآخر بدول لها حسابات خاصة ومصالح متداخلة ومشتركة، وهم في هذه الحالات يسيرون في اتجاهين متوازيين؛ الأول صوب تحقيق أعلى المكاسب في الشارع المحلي إما لحاجة انتخابية أو لتحسين السمعة ورفع نسب الرضا في الاستفتاءات السياسية والاقتصادية، فيما يكون الاتجاه الثاني السير صوب استثمار الحدث لتصفية الحسابات وممارسة الضغوط والخروج بأكبر المكاسب. لاحظوا فقط تصريحات المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وكيف كانت مؤشراتها إلى أن وصلت لموقف مخجل لها أمام الشارع الألماني ثم أمام العالم عما أعلنت في أكثر من مرة سعيا لتسجيل المواقف ومجاراة الأميركان والأوروبيين بقولها ان ألمانيا ستوقف مبيعات الأسلحة الألمانية للسعودية حتى تقف على كامل تفاصيل قضية جمال خاشقجي، قالت ذلك وهي تعلم تمام العلم أنها تكذب، ولكنها في ذات الوقت كانت تبالغ في ثقتها بنفسها، ولَم تكن تتوقع أن يأتيها الجواب الصاعق من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي أعلن من المنامة أنه لا توجد للسعودية في الأصل عقود مشتريات أسلحة مع ألمانيا منذ سنوات حتى تهدد ميركل بإيقافها، أيضا الرئيس الفرنسي ماكرون لم تكن تصريحاته تقل تفاوتا عن ميركل ووصل إلى حد التلويح بعقوبات مشددة ثم عاد أخيراً ووصف من يطالبون بوقف بيع الأسلحة للسعودية بالغوغائيين! وعلى الخطى نفسها كان يسير الأسبان والنمسويون والهولنديون. وبلا شك كانوا جميعا يتبعون سياسة أميركا المتمثلة في مواقف وتصريحات ترامب التي تذبذبت بأكثر من صيغة وأكثر من معنى وفِي أكثر من اتجاه. في النهاية يمكن لنا أن نجمل كل ما حدث ويحدث وسيحدث في قضية جمال خاشقجي، والتي كانت بلا شك تمثل جريمة بشعة أعلن عنها بكل وضوح الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد والحكومة السعودية، في التأكيد على أن قلوب ومشاعر الغرب بقادتها وببرلمانييها لم تكن تخفق عطفا وتعاطفا مع خاشقجي -رحمه الله- مثله مثل آلاف الضحايا الذين تشهدهم دول العالم الثالث بقدر ما كان هدفهم وتوجههم ومقصدهم هو المملكة كدولة والأمير محمد بن سلمان كقيادة شابة تخطط لهذه الدولة للانتقال بها لمصاف الدول المتقدمة، وبالتالي كانت حملاتهم المسعورة مدعومة بترسانة إعلامية ضخمة تهدف إلى تقييد كل تلك الطموحات وتحجيم كل تلك التطلعات ولكن دون جدوى، وستثبت الفترة القادمة أن السعودية وهي صاحبة تجربة ناجحة للتصدي لمثل هذه المواقف والأزمات، وستواصل مسيرتها التنموية الضخمة وحضورها الاقليمي والدولي المتنامي على المستويين الاقتصادي والسياسي. * باحث إعلامي وكاتب صحافي. @khaliddarraj

مشاركة :