قرأت وباستغراب ما نقل عن أحد المسؤولين في وزارة الإعلام بالصحف المحلية (.. أن الوزارة ستسمح، بداية من معرض الكويت للكتاب الـ43 المقرر انطلاقه الشهر المقبل، بتداول الكتب المسموح بها في أي من دول مجلس التعاون الخليجي..) وطبعاً هذا شيء جيد، لكن السؤال «شنو اللي تغيّر عندكم؟»، وكذلك قبل كم شهر سمعت خبرا عن منع الإعلام ٤٠٠٠ كتاب على إذاعة الـ «بي بي سي» البريطانية، ولم تخل نبرة المذيع من التندّر، ما يدعونا للتساؤل: هل في الرقابة من قرأ تلك الكتب الممنوعة من الغلاف إلى الغلاف ومن ثم قرر المنع؟ وهل لدينا أصلا العدد الكافي من المراقبين القادرين ثقافيًا ولغويًا على مجاراة تلك المؤلفات، ومن ثم إبداء الرأي.. الصراحة انا ما عندي الجواب واتركه لأهل الاختصاص! ولكن وبمنظار آخر هل يمكن اعتبار هذا القرار اشارة غير مباشرة للكتاب باللجوء الى دور النشر الخليجية لطباعة ونشر مؤلفاتهم ومن ثم نشرها بالكويت من دون المرور على رقيب وزارة الاعلام، وهل اخذ بالاعتبار ماذا سوف يحل بصناعة النشر والطباعة في الكويت والضرر الذي سوف يصيب هذا القطاع نتيجة توجه الكتاب للخارج؟! أيضا اترك الجواب لأهل الاختصاص! وخلونا الآن نحلل هذا الامر بشكل موضوعي لربما نصل الى نتيجة، فيلاحظ أن العديد من تلك الكتب الممنوعة متواجدة بمكتبات دول الخليج، ومع أن الطابع المحافظ يطغى ولا يزال بشكل عام على المجتمعات الخليجية ويتوازى مع المجتمع الكويتي في قيمة المحافظة، ومع ذلك نرى أن سقف المسموح بنشره في تلك المجتمعات يفوق بمراحل ما نحن عليه، ولم تحل قيمها المحافظة من دون وجود قرار بتوسعة الهامش الرقابي في تلك الدول واحتضان الكثير من الأعمال الأدبية والترجمات التي ما كان ليسمح بها في الكويت. فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل القيم المحافظة للمجتمع تتعارض مع توسعة هامش الحرية والتنوع في العمل الثقافي: الإجابة لا، فها هي معارض الكتب الخليجية وضمنها معرضا الشارقة وأبو ظبي (الإمارتان المحافظتان الرائدتان في الثقافة وصناعة الكتاب بمقاييس عالمية، تتمتعان بتنوّع كبير وهامش واسع على عكس الحال في الكويت)، والذي الى الآن «محنا عارفين وين رايحين وبالضبط شنو نبي؟!». هذه وجهة نظر الكاتب، لكن فلنر الموضوع من وجهة نظر الرقيب التي لا تقل أهمية عن سابقتها. فالرقيب يقوم بواجبه التنفيذي، فهو سلطة تنفيذية، وليس بسلطة تشريعية، وبكونه منفذا فهو من سيتحمّل العاقبة القانونية في حال إجازته لنص يخالف قانون الإعلام أو يحمل شبهة المخالفة، وهو ما يفسر التشدّد لدى الرقيب، واعتقد هذا من حقه، ففي واقع الأمر الوزارة تطبق القانون وتحمي الكاتب من الوقوع تحت طائلة مخالفته، وهذا عمل يجب أن تشكر عليه. وعلشان ما أطول عليكم اعتقد المشكلة الاساسية لا هي عند الكتاب ولا هي عند وزارة الاعلام، بل هي عند المشرع، واقول لكتّابنا الاعزاء ان أردتم مزيدا من الحريات فليست الوزارة قبلتكم، بل مجلس الأمة، فهم من شرعوا قوانين قد يراها البعض مقيّدة للحرية، فمشاكلنا تبدأ وتنتهي هناك. وتسلمون. عدنان عبدالله العثمان@AdnanAlothmanwww.adnanalothman.com
مشاركة :