في نكتة طريفة تناقلها البرشلونيون منذ ثلاث مواسم: (أن عمارة قد احترقت كلها إلا شقة واحدة منها ظلت سالمة برغم النيران.. فقال أحد البرشلونين إنها - شقة زيدان - بإشارة واضحة الى الحظ الذي يتهمون الرجل بوقوفه الى جنبه دومًا). قطعًا أن كرة القدم والعلم لا يميلان إلى تصديق روايات الحظ والسحر وما شابه من تأثيرات تبقى مجرد تقلبات نفسية ومعنوية قد يكون لها تثير بسيط وبوقت محدد، الا ان زيدان حقق ثلاثية عالمية لا يمكن أن تتكرر. وهذا ما دعاه أن يغادر الفريق بذكاء بعد ان تسلمه بذكاء، فالكثير من المتابعين يعتقدون أن زيدان تسلم فريقًا متكاملاً به أفضل لاعبي العالم على رأسهم رونالدو بقمة عطائه، وهو فريق تم بناؤه بيد وزمن المدرب مورينيو الذي لم يتح له القدر أن يحصد زرعه، مما مكن زيدان ان يبتلع كل مواسمه وخيراته بدهاء. في قليل من التفكير نجد أن زيدان عبقري في التسليم والاستلام فقد استلم فريق بقمة مجده وغادر بعد أن علم أن أعمدة الفريق التي حققت له الإنجازات وقد بلغت خط النهاية، فراموس افضل مدافعي العالم قد كبر وشح عطاؤه، ورونالدو كبر ورحل ومودريتش منذ كأس العالم لم يعد كذلك ولم يستطع العودة ولا اظن سيعود.. كما ان فرص التعويض البيريزية غدت مستحيلة، مما يعني ضرورة ترك الفريق بعد الإعجاز. هنا ما وقع به لوبتيجي وبيريز، إذ أن الريال لم يعد كما كان وهو يحتاج الى عملية إعادة بناء وبث روح وتلك مهمة عسيرة شاقة لا يمكن ان تتم بشهر او بموسم، مما يعني ان رؤوس كثيرة ستطيح ونجوم تغادر واخرين ياتون، حتى يستقر الفريق عى تشكيلة وعقلية تدريبية، لها قدرة مجاراة الفرق الأخرى وتحقيق الألقاب. في ردت فعل متوقعة قد تشرح الكثير من ابعاد المشكلة والعقدة الريالية: نقرا عتاب راموس لكاسيميرو بعد الكلاسيكو، اذ وبخ راموس، زميله البرازيلي بعد ان وصف كاسيميرو السقوط المدوي بخماسية بـ«الكارثة». وبحسب صحيفة «ماركا» الإسبانية، فإن راموس رفض ما قاله كاسيميرو عقب المباراة. قائلا: (من غير المناسب أن نقول ذلك بهذه الطريقة، إنه ليس اليوم الذي نلمح فيه لأي شخص، علينا أن ننقد أنفسنا، في بعض الأحيان يكون خطأ من اللاعبين، لقد استسلمنا على مدار 45 دقيقة). مضيفًا بلهجة لا اظن انها واقعية على مستوى الموجود وارض الواقع حاليًا، لكنها ممكنة في وقت آخر وبعد تصحيحات وعمليات بناء جادة وجوهرية، فقد أضاف، (هناك من يعتبر ان ريال مدريد قد مات، لكن لا يزال هناك الكثير في الموسم). كرة القدم ام المفاجئات واي خسارة مهما كانت ثقيلة لا تعني نهاية المشوار او توقف ركب العالم الكروي او تعبر عن حقيقة الميزان الفني، بل انها ظروف مباراة تخدم جانب وتضرب الاخر، الذي عليه ان لا يعطي الأرقام اكثر مما ينبغي وان لا يجعلها تساهم بهدم البيت الكروي، فإن التداعيات النفسية والاجتماعية للأسرة الكروية أحيانًا تكون أكبر وأخطر من رقم الخسارة ذاتها، فقد هزت البرازيل بسباعية امام المانيا في عقر دارها، وانتهت القصة خلال أيام وعاود السامبا للعزف والرقص مرة أخرى.. وهذا ما ننتظره من الميرغني الأبيض بعيدا عن سيف كونتي ورأس لوبتيجي المعلق على مقصلة بيريز.
مشاركة :