قضية الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا: جدل أوروبي لا يعني الليبيين

  • 10/31/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بروكسل – عادت قضية الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا لتطفو على سطح الأحداث في بروكسل، عقب تحقيق صحافي بثته إحدى القنوات المحلية، وجه اتهامات لحكومة البلاد باستغلال تلك الأموال لدعم ميليشيات ليبية. وتتفاعل القضية منذ أيام وسط صمت رسمي ليبي. ولم يصدر عن حكومة الوفاق في طرابلس أي رد بالخصوص، وهو الموقف نفسه بالنسبة للسلطات الموازية شرق البلاد. وأقرت السلطات البلجيكية ضمنيا الثلاثاء بأنها رفعت الحظر المفروض على الأرصدة الليبية المجمدة منذ العام 2011، وذلك في أول اعتراف بهذا الشأن منذ تفجير القضية في مارس الماضي. ونشرت صحيفة بلجيكية حينئذ تقريرا أكد اختفاء 10 مليارات أورو من الأموال الليبية المجمدة في مصارف بلجيكا والمقدرة بـ16 مليار أورو. وكشف النائب العام البلجيكي جورج غيلكينيت مساء الاثنين، أنه فتح تحقيقات موسعة حول اختفاء المليارات من الدولارات من حسابات كانت تخص القذافي في بلجيكا، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تحقق أيضا في تلك الوقائع. وأكد غيلكينيت في تصريحات للإذاعة الحكومية البلجيكية أنه تمّ تسجيل اختفاء ما يصل إلى 5 مليارات أورو، أي ما يعادل 5.6 مليار دولار أميركي، من المصارف البلجيكية، مضيفا أنّ “كل ما نعلمه أن هناك مئات الملايين من اليورو خاصة بالقذافي تم إرسالها إلى أشخاص وجهات مجهولة داخل ليبيا”. وقال غيليكينيت إن “هذا يظهر أن بلجيكا لم تمتثل لقرار الأمم المتحدة بتجميد الأصول الليبية خاصة تلك الخاضعة للعقيد معمر القذافي”، مطالبا الحكومة “بتوضيح الوضع حتى لا يؤدي الأمر إلى فضيحة كبيرة”. ونقلت الإذاعة الحكومية البلجيكية “آر تي بي إف” الثلاثاء عن مصادر حكومية قولها إن “قرار بلجيكا برفع الحظر عن الأموال الليبية المجمدة اندرج بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الصادر في 4 أكتوبر 2012، عندما أصبح من الواضح أنه لم يعد هناك أساس قانوني لذلك”. رئيس لجنة الأموال الليبية المهرّبة والمنهوبة يؤكد أنه لا يمتلك أي معلومات أو خلفيات عن هذه القضية ونقل موقع “بوابة الوسط” المحلي الليبي عن الإذاعة الحكومية البلجيكية تصريحات المسؤول البلجيكي بأن مجلس الأمن فرض العقوبات ضمن القرار 1970، الذي اعتمد في 16 فبراير 2011. وأضاف “تم إلغاء تجميد الأصول الليبية وحظر الأسلحة على ليبيا جزئيا بموجب القرار 2009، الذي صدر في 16 سبتمبر 2011، قبل شهر واحد من مقتل العقيد القذافي وسقوط نظامه في 20 أكتوبر”. وتبرر مصادر الحكومة البلجيكية موقفها بالقول إنه تم “نقل هذين النصين إلى القانون الأوروبي، وبالتالي ينطبقان أيضا على بلجيكا، ولكن تفسيرا للقرار الثاني من قبل مجموعة المستشارين للعلاقات الخارجية تابعة للاتحاد الأوروبي، تم إرساؤه في 20 نوفمبر 2011، وحيث لم يعد من الممكن تجميد الفوائد المتولدة من الحسابات المحظورة”. وبحسب الإذاعة الحكومية البلجيكية فإن وزير المالية ستيفن فاناكير أذن لمصرف “يوروكلير” بالإفراج عن الأموال الليبية في 4 أكتوبر 2012، بموجب خطاب من نائب رئيس الخزانة. وأوضح النائب البلجيكي جورج غيلكينيت أن “وزير الخارجية الحالي ديديه ريندرس هو الذي أمر برفع الحظر في الواقع”؛ ونفى وزير الخارجية الثلاثاء هذا الأمر، مؤكدا “أن وزير الخزانة في ذلـك الوقت هو الـذي اتخذ القرار”. وكان تحقيق صحافي بث على نفس الإذاعة كشف معطيات عن تورط الحكومة البلجيكية في التصرف في جزء من عائدات وأرباح الأموال المجمدة، لصالح ميليشيات ليبية. وفي أول رد على التحقيق قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل، إنها لا تمتلك معطيات محددة حول ما تسرب الاثنين في وسائل الإعلام البلجيكية بشأن تصرف بلجيكا في جزء من الأموال الليبية المجمدة واستعمال هذه الأموال لتمويل أنشطة تشكيلات مسلحة في البلاد. وأكدت الناطقة باسم خدمة العمل الخارجي في بروكسل، مايا كوسيانتس، أن “مسألة التصرف في الأموال المجمدة ليست صلاحية اتحادية، ولكنها تعود لصلاحيات الدول الأعضاء”. واعتبر مراقبون تصريحات المفوضية رفضا لإقحامها في القضية. في حين لم تعلق السلطات الليبية على الجدل القائم. وقال أنور عريف رئيس لجنة الأموال الليبية المهرّبة والمنهوبة بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، إنه لا يمتلك “أي معلومات أو خلفيات عن هذه القضيّة”، حيث لم يتم التواصل معهم من أجل إعلامهم بوجود أشخاص أو جهات في ليبيا، تستفيد من فوائد وأرباح حسابات القذافي المجمدة في البنوك البلجيكية. وأضاف في تصريحات صحافية أنه “لم يطلب منهم كذلك فتح تحقيق لمعرفة هويّة هذه الجهات ومراقبة حركة الأموال القادمة إلى ليبيا”. وتواجه الأموال الليبية المجمدة في عدة دول أخرى ومن بينها بريطانيا خطر الاختفاء أو الاستيلاء عليها. ومؤخرا، تقدم نواب في مجلس العموم البريطاني (البرلمان) بطلب لمناقشة مشروع قانون يلزم ليبيا بدفع تعويضات مالية لضحايا الأسر البريطانية من هجمات الجيش الجمهوري الأيرلندي، الذي تتهم بريطانيا النظام الليبي السابق بدعمه في فترة الثمانينات من القرن الماضي. وفي يوليو الماضي، أعلن البرلمان العربي تحركه ضد مشروع القانون، معتبرا إياه “يفتقد إلى السند القانوني، ويُعد انتهاكا صارخا لسيادة دولة عضو في هيئة الأمم المتحدة”. كما طالب البرلمان العربي بريطانيا بالالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي في 2011، بشأن تجميد الأموال الليبية، “باعتباره قرارا دوليا ملزما لكافة الدول ذات العلاقة ومن بينها بريطانيا”.

مشاركة :