يتجه الاهتمام في السادس من نوفمبر المقبل ناحية انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي، وما ستسفر عنه من نتائج سيكون لها تأثير على سياسات الإدارة الأميركية خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، حيث يتوقع الخبراء أن تشهد مواقف الرئيس دونالد ترامب بعض المراجعات، فيما يتوقع بول سالم، رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن تحولات لافتة في قضايا رئيسية مثل صفقة القرن والأزمة السورية وحرب اليمن، فيما سيبقى التركيز على إيران محور استراتيجية الأمن القومي. القاهرة – كشف بول سالم، رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، عن جملة من التغييرات المرتقبة في السياسية الأميركية تجاه المنطقة خلال الفترة المقبلة. وحدّد أربع قضايا رئيسية يمكن أن تشهد تحوّلات لافتة، إثر انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وهي: صفقة القرن والأزمة السورية وحرب اليمن والعلاقة مع السعودية. وحلّ بول سالم، الذي اختير قبل أسبوعين رئيسا لمعهد واشنطن، كأول رئيس عربي له، ضيفا على الجامعة الأميركية في القاهرة، في ندوة نظمت، مساء الاثنين، بعنوان “تقلبات السياسة الخارجية الأميركية.. التداعيات على المنطقة العربية”. شغلت قضية صفقة القرن جانبا كبيرا في الندوة، والتي أكد فيها سالم أنه لا وجود لتلك الصفقة حاليا، والطرح الأميركي بشأنها أصبح من الماضي، لأن الرئيس دونالد ترامب أدرك أنها صفقة من الصعب تنفيذها، بعد رفضها من الأطراف العربية والقيادة الفلسطينية. ولفت المحلل السياسي إلى أن دولة الانقسام العنصري تعد الحل الوحيد المقبول من إدارة ترامب وإسرائيل، والارتكان على هذا الحل يزداد قوة وتشجيعا من معاوني ترامب، تحديدا نائبه مايك بنس، وكان من نتائجه مصادقة الكنيست على قانون الهوية الإسرائيلية. غير أن بعض المهتمين بالشأن الأميركي، ممن حضروا الندوة، شدّدوا على أن هذا الموقف المتشدد قد يكون هدفه الحصول على تنازلات عربية وفلسطينية بشأن الطرح الأميركي، أو أنه يعد جزءا من السياسية الأميركية الداخلية، لأن ترامب يسعى إلى نيل ثقة اللوبي الإسرائيلي في بلاده قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في 6 نوفمبر. لا وجود لصفقة القرن حاليا، والطرح الأميركي بشأنها أصبح من الماضي، لأن الرئيس دونالد ترامب أدرك أنها صفقة من الصعب تنفيذها وقال نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري السابق لـ”العرب” على هامش الندوة، إن الهدف الأساسي لما أسماه ترامب بـ”صفقة القرن”، يستهدف التعدي على الحقوق العربية سياسيا وجغرافيا لصالح أطراف غير عربية، على رأسها إسرائيل، بالتالي فإنه لا وجود للصفقة على مستوى حل الصراع العربي الإسرائيلي، في وقت يتناسى فيه ترامب ما طرحه من قبل عن عمد. وأضاف أن ردة الفعل العربية التي رفضت هذه الصفقة من دون تقديم حلول بديلة لدعم القضية الفلسطينية، كان محفزا لترامب لاتخاذ المزيد من المواقف المتشددة بجانب إسرائيل، وعبر ذلك من خلال انسحابه من تمويل الأنروا، ولا توجد مواقف تفاوضية من قبل الولايات المتحدة مع القيادة الفلسطينية حاليا. مواقف متغيرة أشار سالم إلى إمكانية إحداث تغييرات في سياسية الولايات المتحدة مع إيران، مع بدء مرحلة جديدة من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، لافتا إلى أن هدف العقوبات الوصول إلى اتفاق أميركي إيراني في شكل معاهدة رسمية يقرها الكونغرس، وتستهدف تقييد عمل طهران تماما في الملف النووي. وأوضح سالم أن استمرار التواجد الأميركي في سوريا يستهدف عدم السماح بعودة تنظيم داعش، ورغبة ترامب في الخروج من سوريا عقب خروج القوات الإيرانية، والتوصّل إلى حلّ سياسي ينهي الأزمة الراهنة. وذهب البعض من المشاركين إلى التأكيد على أن تغيّر الموقف الأميركي من سوريا له علاقة بالفشل الروسي في تقويض التواجد الإيراني، وأن واشنطن ترى روسيا غير جادّة في هذا الأمر، لذلك ضغط ترامب للتدخّل الإسرائيلي ومواجهة إيران كأداة ضغط على موسكو، كما أن الحلّ السياسي الروسي في سوريا لا يمكن التعويل عليه حتى الآن. وقد يواجه الموقف الأميركي من الحرب في اليمن وعودة الشرعية تغيّرات مرتقبة، على إثر قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، بحسب بول سالم، لأن حالة الغضب التي تنتاب الرأي العام الأميركي والتي يغذيها بشكل أساسي الإعلام المعارض لسياسة ترامب وتركيزها على الجوانب الإنسانية في اليمن وربطها بالحادث الأخير قد تكون دافعا إلى تخلي الإدارة الأميركية عن سياستها الداعمة للتحالف العربي، لكن بول أوضح أن ذلك “سيتم تدريجيا وفقا لدرجة الشدّ والجذب بين الرئيس الأميركي والرأي العام الداخلي”. بول سالم: هدف العقوبات الوصول إلى اتفاق أميركي إيراني في شكل معاهدة يقرها الكونغرس، وتستهدف تقييد عمل طهران تماما في الملف النوويبول سالم: هدف العقوبات الوصول إلى اتفاق أميركي إيراني في شكل معاهدة يقرها الكونغرس، وتستهدف تقييد عمل طهران تماما في الملف النووي وأشار إلى أن الإدارة الأميركية تذهب باتجاه التأكيد على أنه “لا انتصار عسكري في اليمن، والحل يمكن في التسوية السياسية، وأن واشنطن ستحاول الحفاظ على مصلحتها الأساسية المرتبطة بعدم سيطرة الحوثي على باب المندب، والتدخل لمواجهة داعش”. العلاقة مع تركيا أجمع كثير من المشاركين، وفي مقدمتهم، مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على أن قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي قد تكون مقدمة لتغيّر في السياسة الأميركية بالمنطقة، وأن مدى نجاح الرياض وواشنطن في الخروج من هذا المأزق يحدّد طبيعة السياسية الأميركية الفترة المقبلة. وأكد سالم أن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على السعودية في سبيل إنهاء أزمة خاشقجي، قد تكون دافعا لتشكيل تحالف عربي- أميركي، تعرقل مع استمرار المقاطعة الرباعية العربية (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) لقطر، وإتمام التحالف الذي سيكون “سياسيا بالأساس وليس عسكريا لمواجهة إيران يعدّ رغبة أميركية ملحّة في الوقت الراهن”. قد لا تؤثر انتخابات التجديد النصفي على مجمل السياسة الأميركية الخارجية، غير أنها ستشكل عامل إرباك لترامب على المستوى الداخلي، حال حصول الديمقراطيين على أغلبية مريحة في مجلس النواب، ما يؤدي إلى فتح التحقيقات الخاصة بالانتخابات الأميركية الماضية، أو على الأقل سعي الديمقراطيين إلى مناورة ترامب بين حين وآخر للتأثير على موقفه في انتخابات 2020. وقال سعدالدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية في القاهرة لـ”العرب”، إن الأولوية المطلقة للرئيس الأميركي تكمن في الحفاظ على أغلبية الجمهوريين في الكونغرس، وأن قراراته الخارجية يحدّدها ما يرتبط بدعم حزبه. وأضاف، في تصريحات لـ”العرب”، أن تغييرات السياسية الأميركية ستكون في التفاصيل وليس في المواقف الكليّة التي عبر عنها ترامب، وأن نتيجة الانتخابات المقبلة ستكون محددة بشكل أكبر لما هو قادم، والانكفاء قد يكون بشكل أكبر على الأزمات الداخلية التي يواجهها، والتركيز على المواجهة الاقتصادية والعسكرية للصين.
مشاركة :