أكد تقرير "ريج زون" الدولي أن صناعة النفط الخام تتجه حاليا إلى الانتعاش بعد سنوات من الحذر والانكماش، بسبب تراجع الأسعار وتقلبات السوق، لافتا إلى أن شركات النفط والغاز متفائلة إلى حد كبير بشأن توقعات عام 2019. وقال التقرير - المعني بالاستثمار وأنشطة الحفر في القطاع النفطي – "إنه بناء على مسح أجرته شركة دلويت، فإن التنفيذيين في الصناعة لديهم تفاؤل متزايد بعودة بيئة أعمال أكثر ملاءمة". وأشار التقرير إلى أن أكثر التوقعات إيجابية تظهر عندما يتعلق الأمر بالإنفاق الرأسمالي ونمو الاستثمار، حيث يتوقع 71 في المائة ممن شملهم الاستطلاع نموًا كبيرًا في النفقات الرأسمالية مقابل 34 في المائة في 2017، مشددا على أن النمو في مشروعات المنبع سيكون المحرك الرئيسي للتغيير الشامل فى الصناعة النفطية. ولفت التقرير إلى أن أغلب التوقعات المتفائلة جاءت بسبب ارتفاع الإنتاج من منطقة بيرميان على ساحل الخليج الأمريكي، التى تعد محور إنتاج النفط الصخري فى العالم التي اعتبرها 62 في المائة من المشاركين فى الاستطلاع مركزا لنمو الإنتاج والاستثمار في العام المقبل. وفيما يتعلق بقطاع التكرير، توقع تقرير "ريج زون" أن تحقق مصافي التكرير نموا جيدا في عام 2019 مع ارتفاع متوسط هامش الأرباح مقارنة بعام 2017. ونوه التقرير بأنه لا يزال هناك قدر من عدم اليقين بالنسبة إلى بعض الشركات التي تركز على مشروعات المنبع التي يتضح أنها تهتم أكثر بالاستراتيجيات قصيرة ومتوسطة الأجل وليس طويلة الأجل، لافتا إلى توقع زيادة الإنفاق الاستكشافي وارتفاع عدد الموظفين مع تحقيق زيادات جيدة في رأس المال تتجاوز 52 في المائة. وأضاف أن "صناعة النفط تعد أفضل بكثير من العام الماضي وقد ظهرت مشاعر إيجابية في جميع القطاعات"، مشيرا إلى أن النقطة المضيئة الحقيقية هي في قطاع الصناعات التحويلية والكيميائية. وأشار التقرير إلى أن الغالبية من الشركات على قناعة بأن هناك أيامًا أفضل في المستقبل لكنها يتعامل بحذر أكبر مع السوق نظرا لوجود بعض المصاعب مثل القيود المتزايدة على خطوط الأنابيب الأمريكية والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، كما أن ارتفاع أسعار النفط قد يؤدي أيضًا إلى ارتفاع التكاليف والخدمات في الصناعة بشكل عام. ويرى التقرير أنه مع النمو المستمر والتطور التكنولوجي المتلاحق، يمكن أن تصبح التكنولوجيات الرقمية حيوية لتعزيز الإنتاجية وتوسيع هامش الربحية، لافتا إلى وجود عدد من التقنيات ذات التأثير الأكبر في صناعة النفط والغاز والمواد الكيميائية في السنوات المقبلة ومنها التحليلات المتقدمة وتخزين الطاقة وكفاءتها والحوسبة عالية الأداء والعمليات الآلية والتصميم الرقمي. إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، جون هال مدير شركة "ألفا إنرجي" الدولية للطاقة، أن سوق النفط الخام تميل إلى انخفاض الأسعار بفعل زيادات إنتاج "أوبك" وحلفائها وتوقعات تباطؤ النمو الاقتصادي والطلب على النفط، لافتا إلى أن هناك حالة من المخاوف من احتمال زيادة المعروض في الأسواق خلال الأشهر المقبلة. وأشار هال إلى أنه من المحتمل – بحسب تقارير دولية – أن تقوم شركات الطاقة بخفض أسعار بيع النفط إلى عديد من الأسواق الرئيسية خاصة أسواق آسيا الناشئة – الأسرع في النمو- وذلك خلال الشهر المقبل، تفاعلا من عودة حالة وفرة الإمدادات إلى السوق. من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، بيل فارين برايس مدير شركة "بتروليوم بوليس إنتلجنس"، "إن أسعار الخام تميل إلى تسجيل أكبر خسارة شهرية منذ عام 2016"، مشيرا إلى أن السوق تواجه حالة من التوتر وتأثير العوامل المتضادة، ما يرفع حالة عدم اليقين. وذكر برايس أن المخاوف من التباطؤ الاقتصادي وتراجع مستويات الطلب باتت تخيم على السوق مع عودة القلق من تجدد تخمة المعروض بسبب الزيادات التي تقودها "أوبك" وحلفاؤها حيث تعتزم أيضا في شهر ديسمبر المقبل تطوير الاتفاق المشترك بما يدعم تأمين الإمدادات ويبدد المخاوف بشكل كامل من خصم الإنتاج الإيراني والفنزويلي من المعروض العالمي. من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندريه جروس مدير قطاع آسيا في شركة "إم إم إيه سي" الألمانية للطاقة، أن ارتفاع المخزونات الأمريكية كان له تأثير واسع في تهدئة وتيرة الأسعار وتقليل المخاوف على المعروض، خاصة أن السوق مقبلة على فترة ضعف الطلب الموسمي بسبب صيانة المصافي الأمريكية في الربع الأول من كل عام. وأضاف جروس أن "اضطرابات وخسائر أسواق المال العالمية أدت إلى العزوف عن المخاطرة إلى جانب التداعيات المستمرة لتصاعد الحرب التجارية الصينية الأمريكية التي جعلت توقعات الأسعار تميل إلى التراجع في الشهور المقبلة خاصة مع تعهد السعودية بتوفير أي حجم من الإمدادات تحتاج إليها السوق. من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، قفزت أسعار النفط أمس للمرة الأولى في ثلاثة أيام، لكن زيادة الإمدادات والمخاوف بشأن توقعات الطلب في ظل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أبقت الضغط على السوق. وبحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 49 سنتا، أو ما يعادل 0.7 في المائة، إلى 76.40 دولار للبرميل. وكانت العقود قد هبطت 1.8 في المائة الثلاثاء ولامست في وقت ما أدنى مستوى منذ 24 آب (أغسطس) عند 75.09 دولار للبرميل. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 28 سنتا، أو 0.4 في المائة، إلى 66.46 دولار للبرميل. وهبط الخامان القياسيان بنحو عشرة دولارات للبرميل من أعلى مستوى في أربع سنوات الذي بلغاه في الأسبوع الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، وهما على مسار تسجيل أسوأ أداء شهري منذ تموز (يوليو) 2016. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس "إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت الأسبوع الماضي، بينما انخفضت مخزونات البنزين ونواتج التقطير". وارتفعت مخزونات الخام بمقدار 3.2 مليون برميل في الأسبوع الماضي، في حين كانت توقعات المحللين تشير إلى زيادة قدرها 4.1 مليون برميل. وذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما ارتفعت 1.9 مليون برميل. وأظهرت بيانات الإدارة أن استهلاك مصافي التكرير للخام زاد بمقدار 149 ألف برميل يوميا، وزادت معدلات تشغيل المصافي 0.2 نقطة مئوية. وتراجعت مخزونات البنزين 3.2 مليون برميل، في حين أشارت توقعات المحللين في استطلاع إلى انخفاض قدره 2.1 مليون برميل. كما هبطت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، بمقدار 4.1 مليون برميل، في حين كان من المتوقع أن تهبط 1.4 مليون برميل. وانخفض صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي بمقدار 639 ألف برميل يوميا.
مشاركة :