باتت الرسوم الإضافية الأمريكية المفروضة حاليا على الصين تؤثر في نحو نصف الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة. وتباطأ نشاط المصانع في الصين خلال الشهر الحالي، على خلفية الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. وبحسب "الألمانية"، أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصيني الصادرة أمس، تراجعا في مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع في الصين خلال الشهر الحالي إلى 50.2 نقطة مقابل 50.8 نقطة في أيلول (سبتمبر)، وتشير قراءة المؤشر أكثر من 50 نقطة إلى نمو نشاط القطاع، في حين تشير قراءة أقل من 50 نقطة إلى انكماش النشاط. ويعد تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، هو أول شهر كامل منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض رسوم على كمية قيمتها 200 مليار دولار من السلع الصينية المصدرة إلى الولايات المتحدة، في ظل تصاعد الحرب التجارية بين البلدين. وقال شاو شينجهي الإحصائي في مكتب الإحصاء الوطني "إن التباطؤ المسجل خلال الشهر الحالي يعود إلى العطلة الرسمية في بداية الشهر إلى جانب "الظروف الخارجية المعقدة" التي أدت إلى اضطراب العرض والطلب". وأعلنت الصين في وقت سابق، تراجع معدل النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث من العام الحالي إلى 3.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي وهو ما جاء أقل من التوقعات. من جهة أخرى، أظهرت نتائج بيانات رسمية أصدرتها وزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعي أمس استمرار استقرار سوق العمل الصينية في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري فيما واصل معدل البطالة الحضرية انخفاضه نتيجة دور الصناعات الناشئة كأكبر مصدر للتوظيف. وأوضح لو آي هونج المتحدث باسم الوزارة خلال مؤتمر صحافي أن نحو 11.07 مليون فرصة عمل جديدة تم إيجادها خلال الفترة ما بين شهري كانون الثاني (يناير) وأيلول (سبتمبر) الماضيين، بمعدل 100 ألف وظيفة جديدة أكثر من نفس الفترة من العام الماضي. وأضاف هونج "الوزارة حققت هدفها السنوي مسبقا وقبل حلول ربع كامل من العام، فيما يعتبر التوظيف مستقرا بالنسبة إلى خريجي الكليات والقوة العاملة للعمال المهاجرين الريفيين". وأرجع هونج الوجود القوي للوظائف الجديدة إلى ازدهار المحركات الاقتصادية الجديدة التي أسهمت بنحو ثلثي فرص العمل الجديدة، حيث تم تسجيل "أكثر من خمسة ملايين من الأعمال الجديدة في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري، أو أكثر من 18 ألفا يوميا، ما وفر دعما رئيسا للتوظيف". واعترف المتحدث بأن بقاء الضغوط على سوق العمل يرجع إلى تزايد حالة عدم اليقين داخل وخارج البلاد، مشدداً على أن الاستقرار سيتواصل بفضل الاقتصاد الثابت والإبداع وريادة الأعمال القويين. في المقابل، أظهر مسح أجرته غرفة التجارة الأمريكية في جنوبي الصين، أن مزيدا من الشركات الأمريكية قالت "إنها تضررت جراء النزاعات التجارية قياسا بنظيراتها الصينية". وأشار التقرير الخاص حول تأثير التعريفات الجمركية بين الولايات المتحدة والصين، إلى أن معظم المستَطلعين يرون توسيع السوق الصينية كأهم إجراء تعويضي لمواجهة زيادة التعريفات، الأمر الذي يسلط الضوء على أهمية السوق الصينية في العالم. وشارك ما إجماليه 219 شركة وأعضاء في الغرفة في المسح الذي أجري في الفترة ما بين يومي 21 أيلول (سبتمبر) و10 تشرين الأول (أكتوبر)، وشمل شركات من الصين والولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا، فيما يشغل ثلثها في القطاع التحويلي ونصفها في قطاع الخدمات، ويعمل أكثر من 90 في المائة منها في الصين. وذكر التقرير أن التعريفات الأمريكية والصينية أنتجت تأثيرات سلبية في مختلف الصناعات والشركات لم تقتصر على الأمريكية والصينية منها فقط، بل امتدت لتشمل دولا أخرى أيضا، ما أثر في الأعمال التشغيلية وأفضى إلى خسائر كبيرة في حجم التجارة وحصة السوق. وقال هارلي سيييدين رئيس الغرفة "إن التأثير الفوري لم يظهر بشكل تام، إذ إن معظم الطلبات على الصادرات من البلدين كانت قد عُقدت قبل زمن من حدوث النزاعات التجارية، وفي حالات كثيرة، لم توجد هناك خيارات بديلة". وأضاف أن "القلق الأساسي حاليا هو أن المستهلكين من الولايات المتحدة والصين قد ربما سيجدون أنفسهم مضطرين إلى دفع ثمن أكبر لعديد من البضائع، وقد يكون الثمن أعلى في المستقبل القريب". ومع أن معظم المستطلعين يفكرون في نقل خطوط إنتاجهم إلى خارج الصين، إلا أن هناك عددا قليلا جدا منهم يرغب في ترك السوق الصينية، وفقط 1 في المائة منهم أشار إلى خطط لتأسيس أعماله في أمريكا الشمالية". وتابع هارلي "إن ما يقلق حاليا ليس التأثير الفوري لنتائج التعريفات، إنما يتمثل في فقدان الشركات الصينية فرص الدخول إلى السوق الأمريكية على الأجل الطويل، وهو ما قد ينعكس الشيء نفسه على الشركات الأمريكية عند دخولها إلى السوق الصينية، التي تعادل خَمسة أضعاف سوق الولايات المتحدة من حيث تعداد المستهلكين"، لافتاً إلى ضرورة العمل على حلّ جميع الخلافات من خلال محادثات ودية.
مشاركة :