الفاروق عمر بن الخطاب

  • 9/23/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لقبه الرسول عليه الصلاة والسلام بلقبين: الأول «أبو حفص»، والحفص شبل الأسد، وقيل أعطي هذا اللقب نسبة لاسم ابنته حفصة، والثاني أنه بعد أن أسلم لقبه الرسول عليه الصلاة والسلام بـ «الفاروق»، لأنه كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «يفرق به الله بين الحق والباطل». بعد ذلك أتى لقبه الثالث من أصحابه وهو «أمير المؤمنين» ورضيه عمر لنفسه بعد ما خلف أبا بكر ليصبح ثاني الخلفاء الراشدين. وما أحوج العرب والمسلمين اليوم لقادة مثل عمر ! يعتبر أمير المؤمنين عمر أحد كبار صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام ومن أبرزهم علما وزهدا، وأحد العشرة المبشرين بالجنة. وقد اتصف عمر بقدر كبير من الإيمان والغيرة على الإسلام وتحقيق الحق، كما اتصف بالعقل والحكمة وصواب الرأي، ولذلك جاء القرآن موافقا لرأيه في مواطن عدة. وقد تحقق تلقيب الرسول عليه الصلاة والسلام له بالفاروق حيث اشتهر عمر بأحكامه العادلة والمنصفة بين الناس، ولا فرق بينهم، مسلمين وغير مسلمين، ويتسق ذلك مع قول الرسول عليه الصلاة والسلام عنه: «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه..» (الترمذي وأحمد). وفي عهده قام عمر بأعمال يعتبر السبق له فيها، في مجالات الحرب والسياسة والإدارة والعلاقات العامة والعبادات، لا يتسع المجال لذكرها، ومنها اتخاذ التاريخ الهجري تاريخا للمسلمين، واتساع رقعة الإسلام، وإدخال القدس تحت حكم المسلمين. ولقد شهدت مدة خلافته اتساع بلاد الإسلام إذ شملت الشام وشرق الأناضول وأرمينية ومصر وليبيا والعراق وخراسان وسجستان وكامل الأراضي الفارسية التابعة للإمبراطورية الساسانية، ومعظم الأراضي التي كانت تحت حكم الإمبراطورية البيزنطية. وبعبقريته فقد فتح عمر بلاد فارس خلال سنتين رغم كثرة أعداد الفرس التي فاقت عدد المسلمين. وبذلك وغيره من أعماله البارزة الأخرى أثبت الفاروق قدرته وحنكته السياسية والإدارية في الحفاظ على تماسك دولة الإسلام ووحدتها رغم كبر حجمها الذي كان ينمو بازدياد في عهده مع ما رافق ذلك من تنوع في أعراق ولغات سكانها. وهكذا اشتهرالفاروق كأحد القادة العظام ومن أكثرهم قوة ونفوذا وتأثيرا في التاريخ الإسلامي والعالمي. وطبقا لما جاء في الكتاب الشهير: «الخالدون المائة»، لمؤلفه اليهودي الأمريكي، مايكل هارت، فإن عمر بن الخطاب أخذ مرتبة الواحد والخمسين(Michael H. Hart, The 100 : A Ranking of the Most Influential Persons in History). لم يمهل القدر عمر فقد قتله أبو لؤلؤة: فيروز النهاوندي، فارسي من نهاوند، وكان مولى عند المغيرة بن شعبة، وذلك بطعنه وهو في الصلاة (والمعروف عن أبي لؤلؤة كونه كافرا ومجوسيا من عباد النار). ويربط سبب إقدام أبو لؤلؤة على هذا العمل بأخذ الثأر لفتح بلاد فارس وسقوط إمبراطوريتها في عهد الفاروق وبتوجيهات منه. فقد كان الفرس (ولا زالوا) يكرهون عمر ويحقدون عليه لأنه فتح بلادهم وأخضعهم للإسلام. وقد قام أبو لؤلؤة بقتل عمر رغم أن عمر كان يحسن التعامل معه وزاد حصته الشهرية من الخراج (من درهمين إلى مائة درهم). اعتبر الفرس يوم قتل عمر يوم عيد لهم من أعظم الأعياد، فعظموه انتصارا لأبي لؤلؤة، الذي اعتبروه بطلا قوميا لهم. وإجلالا له بسبب قتله عمر، فقد أقام الفرس ضريحا له في مدينة قاشان في إيران، يحتفون به ويحتفلون عنده، واعتبروه مزارا له سمي (مزار أبو لؤلؤة)، أو (بابا شجاع الدين) كما يسميه فرس إيران. لقد مات العملاق عمر لكن بقيت أعماله الجليلة وأفكاره العظيمة خالدة وصالحة لكل الأجيال، والله أعلم.

مشاركة :