بيروت – أنديرا مطر – ليس ادل على عمق الازمة الحكومية التي كلما اجتازت مطبا انتصب في طريقها مطب آخر سوى مغادرة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لبنان في زيارة مفاجئة الى باريس لم تكن مقررة على جدول اعماله. فالحريري الذي تقول اوساطه انه تجاوز كل العراقيل التي اعترضت مسار تأليف حكومته الثالثة على مدى خمسة أشهر ونيف وارتضى انتزاع مقاعد وزارية من حلفائه «التقليديين» في الحكومة العتيدة، «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، كان على وشك اعلان الحكومة بعدما اسقط عليها الحقائب والاسماء ليفاجأ بـ «شرك» ما يسمى بـ «العقدة السنية» التي يعتقد ان حزب الله يتلطى وراءها لانتزاع تنازلات اضافية منه وتكريس أعراف جديدة في المعادلات الوزارية المقبلة. وبخلاف ما يروج بأن استنباط العقد في مسار التأليف يهدف الى «إحراج الحريري لاخراجه» فإن اوساط رئيس الحكومة تعتقد أن حزب الله هو في امس الحاجة الى الحريري على رأس السلطة التنفيذية لما يحظى به من مظلة عربية ودولية في مرحلة العقوبات المقبلة عليه غير انه لهذا السبب بالذات يريده أضعف ما يكون. وتبدي أوساط تيار المستقبل ارتياحها الى مواقف رئيس الجمهورية التي عبّر عنها في مقابلته المتلفزة بمناسبة الذكرى الثانية لتوليه رئاسة الجمهورية، حيث بدا منسجما مع موقف الحريري في مقاربة العقدة السنية المستجدة، اذ اعلن ان السنة المدعومين من حزب الله «هم أفراد وليسوا كتلة»، مؤكدا على تمثيل الكتل ضمن معايير معينة، ليس لمن تم تجميعهم من هنا وهناك. وتعتقد اوساط المستقبل ان عون ربما اراد ايصال رسالة غير مباشرة لحليفه الاستراتيجي «حزب الله»، عندما اشار الى أن العراقيل التي «يتم اختلاقها ليست في مكانها وغير مبررة»، مشددا على ضرورة أن يكون رئيس الحكومة قوياً وليس ضعيفا لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة». بين بعبدا والضاحية في غضون ذلك، ورغم سفر الحريري الى باريس فإن الاتصالات على خط حلحلة العقدة السنية لم تتوقف لاسيما في قصر بعبدا، التي اعلنت مصادر اعلامية امس عن زيارة وشيكة لوفد من حزب الله، برئاسة النائب محمد رعد، للقاء الرئيس عون، وأن الموضوع الأساس في اللقاء سيكون توزير نائب سنّي من خارج تيّار المستقبل، وهو مطلب سيؤكّد الحزب عليه أمام عون. الا ان قناة المنار التابعة لحزب الله نفت هذا الخبر وقالت الا اتصالات بين حزب الله والقصر الجمهوري لحل العقدة السنية. وفي حين لم يبدِ حزب الله أي مرونة لايجاد مخرج لهذه العقدة متشبثا بموقفه بضرورة تمثيلهم وإلا لا حكومة، أشارت مصادره أمس الى امتعاض الحزب من اللغة الفوقية التي تعامل بها الحريري تجاه الفريق السني المعارض له بقوله «فليفتشوا عن غيري اذا استمروا على موقفهم»، وطالبت هذه المصادر الحريري بامهالهم الوقت الكافي لايجاد الحل كما أمهل حزب «القوات اللبنانية» أربعة اشهر، كما تطالب الحريري بالخروج «من منطق «انا او لا احد»، اذ لا يجوز ان يحتكر التمثيل داخل طائفته في حين ان التعديدية تُخيّم على طوائف أخرى». جنبلاط: مستقلون عمن؟ وفي سياق متصل، سأل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط متهكما عبر موقعه على تويتر عمن مستقلون هؤلاء السنة؟ رابطا بين عرقلة التأليف وبين التقرير الأخير للبنك الدولي الذي أشار في تقرير المرصد الاقتصادي اللبناني لخريف 2018 الى أنّ «إطار المخاطر الخاص بلبنان يرتفع بشكل حاد، وأن فائدة بعض الأدوات التي يستخدمها المصرف المركزي تُستنفَد بعد سنوات من التطبيق» وقال جنبلاط: «يبدو أنّ أخبار لبنان وصلت إلى بغداد فأخذ العراقيُّون يبحثون في شارع المتنبّي عن كتاب حول السنة المستقلين. والبعض الآخر وجد التقرير الأخير للبنك الدولي عن لبنان أنّه مخيف. فهل قرأه السنة المستقلون؟ بالمناسبة مستقلون عن من؟» وحيا جنبلاط في المناسبة النائب أسامة سعد على موقفه الوطني. كرامي يرد تغريدة جنبلاط استفزت النائب فيصل كرامي الذي رد عليه متسائلا: «عم تتهضمن يا بيك؟!»، ثم نشر سلسلة تغريدات عبر حسابه الخاص على «تويتر»، حيث قال: «السنّة المستقلون هم السنّة اللبنانيون الذين لم يتورّطوا في حروب مذهبية وماتوا اغتيالاً في دفاعهم عن عروبة لبنان».
مشاركة :