فرنسيات محتجزات في سورية يواجهن معضلة أبنائهن

  • 11/2/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يضع الاقتراح الذي قدّمته فرنسا أخّيراً، زوجات متشدّدين فرنسيين في سورية أمام معضلة تصدم العائلات والمحامين على حدّ سواء، إذ عليهن الاختيار ما بين التخلّي عن أطفالهن ليعودوا إلى فرنسا من غير أن يعرفن متى سيلتقينهم مجدداً، أو إبقائهم معهنّ أسرى البؤس في سورية. وقبل بضعة أيام، تمكّنت نادين (اسم مستعار) في فرنسا من التحدّث هاتفياً مع زوجة ابنها المحتجزة لدى المقاتلين الأكراد في معسكر بشمال شرقي سورية، فسألتها الأمّ الشابّة وهي تبكي: «هل يجدر بي التخلّي عن أطفالي حتى يتمكّنوا من العودة إلى فرنسا؟». وأعلنت باريس الأسبوع الماضي، استعدادها لإعادة 150 من أبناء متشددين فرنسيين محتجزين لدى الأكراد إلى البلاد، بشرط أن توافق أمهاتهم على الانفصال عنهم. وقال نديم حوري الذي يزور هذه المعسكرات بانتظام لحساب منظمة «هيومن رايتس ووتش» معلّقاً على العرض الفرنسي، إنّه خطوة مهمة «تضع حدّاً لوضع لا يحتمل». ويُندّد محامو الفرنسيّات المحتجزات منذ أشهر، بالظروف المعيشية «المُزرية» لأطفالهن، ما بين الاحتجاز وعدم توافر مدارس ونشاطات خاصة بهم وغياب الظروف الصحيّة والعناية. كما أنّ الظروف في غاية الصعوبة لحوالى أربعين أمّاً تم إحصاء وجودهن في مناطق سيطرة الأكراد، وهنّ أرامل أو تم فصلهنّ عن أزواجهن عند توقيفهن، ولدى الواحدة منهنّ، في معظمهنّ، ثلاثة أو أربعة أطفال. وتروي نادين لوكالة «فرانس برس»، أنّ «زوجة ابني تكون في غالب الأحيان مريضة، على غرار أطفالها أيضاً»، مضيفة: «لم تعد تزن سوى 45 كلغ». لكن لا أمل في إعادتها إلى فرنسا، وقد أكّدت باريس أنّ الأطفال فقط يمكن إعادتهم، في حين أنّ البالغين سيحاكمون في أماكن سيطرة الأكراد في سورية، في وقت تتخوّف باريس من مدى تطرّف هؤلاء الأشخاص الذين اختاروا البقاء في صفوف تنظيم «داعش» حتى هزيمته. وعاد حوالى 260 بالغاً و80 قاصراً حتى الآن إلى فرنسا بعد ذهابهم إلى سورية والعراق، وفق أرقام الحكومة. وإن كان وضع هؤلاء الفرنسيين واضحاً في العراق، الدولة ذات السيادة وحيث يحاكم البالغون من المتشددين، فيما أعيد الأطفال إلى فرنسا، فإنّ ذلك لا ينطبق على سورية. وبالنسبة إلى حوري، فإنّ فرنسا «تتمسّك بحجّة واهية بأنّ البالغين الفرنسيّين سيحاكمون هناك» حتى تُطمئن رأيها العام. ويدعو محامو الفرنسيات باريس إلى وضع حدّ لهذا «النفاق» وعدم «تجاهل قيمها» بفصل الأطفال عن أمهاتهم و»التخلّي» عن النساء في سورية. وأكّد وليام بوردون، محامي العديد من الفرنسيات المعتقلات في سورية والعراق، أنّ النساء «لم يكن لهن بغالبيتهن الكبرى أي دور مقاتل أو ناشط داخل داعش» و»يحقّ لهنّ بمحاكمة عادلة، لا يمكن أن تحصل إلاّ في فرنسا». وأعربت نادين في اتصال هاتفي مع «فرانس برس» عن غضبها، وقالت باكية: «أن تضطر إلى تسليم أطفالك من غير أن تعرف إن كنت ستراهم مجدداً وإلى من سيتم تسليمهم، هل يمكنك أنت أن تفعل ذلك لأم؟ زوجة ابني لا تزال ترضع طفلها الأخير، عمره ثمانية أشهر فقط! هذه وحشية لا توصف!». ويحذّر نديم حوري وعائلات عدد من الموقوفات الفرنسيّات، من أنّ «العديد من الأمّهات سيرفضن الانفصال عن أولادهن». وقال شقيق إحدى هذه النساء وهو من سكّان شمال فرنسا، إنّ الأطفال «هم عزاؤهن الوحيد، سبب عيشهن الوحيد». وتقول ساره (اسم مستعار) التي ذهب ابنها وزوجته في 2016 إلى سورية حيث هما معتقلان منذ سنة لدى الأكراد، إنّ «زوجة ابني لن تتخلّى عن طفلها بسهولة، من دون أن تعرف مصيرها هي أيضاً». وتؤكّد أنّ الأم ستحتفظ بابنها حتى لو كان كلاهما «مريضاً في غالب الأحيان» و»يكافح الفئران يومياً في خيمتهما». أما نادين، فلا تستبعد أن تقبل زوجة ابنها بالتخلّي عن أطفالها «لأنّها باتت منهكة» من شدّة ما «تقلق عليهم». وعلى غرار المحامين والعائلات، يقول الطبيب النفسي للأطفال سيرج حافظ، إنّ «الحفاظ على رابط مع أحد الوالدين، ولو عبر زيارات في السجن، أمر أساسي حتى لا يجعل الطفل (العائد من سورية أو العراق) منه بطلاً أو شهيداً (...) ولا ينمّي إحساساً بالذنب أو رغبة في الانتقام».

مشاركة :