لم تعد الخيانة الزوجية تقتصر على حالات نادرة في المجتمع، ولم يعد الحديث عنها يدور سرا بين الأصدقاء لأنها تعد واحدة من أهم أسباب الطلاق في المجتمعات العربية. كما لم تعد الخيانة تهمة الرجال فقط بل شملت النساء أيضا، ويعتبر كثيرون أن الانفتاح الاجتماعي وتوفر تقنيات التواصل الاجتماعي من أهم العوامل المسببة لهذه الزيادة رغم وعي الجميع بتأثيراتها المباشرة على تماسك الأسرة وعلى حياة الأبناء. القاهرة – لا تختلف أسباب الخيانة الزوجية كثيرا وعندما تستمع إلى تبريرات الأشخاص الذين خانوا شركاءهم وحكاياتهم تجد العديد من نقاط التشابه، وكثيرا ما يكون الملل وعدم تفهم الآخر وكثرة الخلافات وعدم وجود الحب والاهتمام في العلاقة هي الأسباب التي تقدم كتعلات للخيانة وهي جميعها تدل على وجود خلل ما سواء في العلاقة بين الزوجين، أو وجود خلل نفسي عند أحدهما يدفعه للمغامرة بالبحث عن علاقة جانبية قد تكلفه استقراره الأسري. يقول المهندس أحمد عطا (40 عاما) “الكل يتهم الزوج بالخيانة ولكن ما رأيكم أن زوجتي هي التي دفعتني للخيانة، فكلما رجعنا من زيارة أو فرح أو حفل تسألني عن أسماء بعض النساء، وتتهمني طوال الوقت بأنني أهتم بنساء غيرها، وذات يوم اتهمتني بأني أنظر إلى جارتنا المطلقة وهذا أيضا لم يحدث ولكن من قبيل حب الاستطلاع قلت لماذا لا أنظر إلى جارتنا، ومن هنا بدأت علاقتي بهذه الجارة، ثم علاقتي مع أخريات، ربما تفهّمنني أكثر من زوجتي التي تنظر لي دائما نظرة اتهام”. وأضاف “بالرغم من أننا نعيش في بيت واحد من أجل تربية طفلينا، إلا أنني أدرك أن الحب لم يعد يجمعنا، وأن علاقتنا اجتماعية لا أكثر، لا أحب أن أكون خائنا، وأدرك أن ما أفعله خطأ، لكني غير سعيد في حياتي الزوجية، ولا أعرف حتى هذه اللحظة حلا للمشكلة”. وتعترف وفاء، طبيبة (50 عاما)، أنها تزوجت وعاشت حياتها بين العمل والبيت والأولاد وأنها تقوم بكل واجباتها نحو زوجها، وكلما طلبت منه الخروج معها للترفيه يرفض لأنه مشغول بالعمل ويدعوها للخروج مع أصدقاء العائلة والأهل دون أن يكون معها. كما أنه لا يوفر لها متطلباتها الخاصة مثل اللباس وغيره معتبرا أن نفقات البيت باهظة وتحتاج إلى ادخار وترتيب وأنه لا داع للإسراف، مؤكدة أنه يستولي حتى على راتبها. وتوضح وفاء أنها لا تشعر مع زوجها بالحب وأن هناك دائما مسافة بينهما وأنه يهملها ولا يهتم لمشاعرها وتقول “بدأت أهتم برجل من أصدقاء العائلة يعبر عن اهتمامه وحبه لي وطلبت الطلاق لكي لا أكون خائنة وإلى الآن مازلت أطلب الطلاق، وهو يرفض، ما حاجتي للبقاء في زواج أنا غير سعيدة فيه، مع أن أولادي الثلاثة تخرجوا في الجامعة، وكل منهم له عالمه الخاص، أما أنا فأمضي أمسياتي وحدي أنتظر عودة زوج لا يهتم بأمري ولا باحتياجاتي العاطفية والمادية، لذا أنا مصرة على الطلاق، وسيظل بيننا انفصال حتى وإن كنا نعيش تحت سقف واحد”. مشكلة الخيانة تستمر في الكثير من الحالات بسبب التبريرات والهروب من الاعتراف بالخطأ ومن الشعور بالندم وترى أستاذة الطب النفسي بجامعة القاهرة رضوى مصطفى، أن الخيانة الزوجية قضية مشتركة، لا تمس الزوج وحده ولا يجب أن نلقي اللوم على الزوج فقط، وهنا في هذه الحالة يتعين على الزوجة أن تنظر إلى المرآة أولا وتسأل نفسها بكل صراحة عما إذا كانت هي السبب وراء التصرفات الطائشة للزوج؟ والشيء ذاته بالنسبة للزوج أيضا، فهو في حاجة للمرآة نفسها، عليه أن يرى نفسه فيها أولا ثم يتساءل بصراحة وجرأة: هل هو الزوج الكامل حتى يطالب زوجته بالكمال؟ وتؤكد مصطفى أنه يجب على الزوجين أن يبذلا كل ما يستطيعان من الجهد لإنقاذ الحياة مع الزوجية وأيضا من أجل إنقاذ الأسرة بأكملها، وهو ما يحتم على الطرفين تجديد حياتهما وعواطفهما باستمرار ومحاسبة الذات قبل الشريك. وأيضا على كل طرف أن يسعى لإظهار مشاعره للآخر ويعبر عليها وهو ما من شأنه أن يسعد الطرف الآخر ويقوي علاقتهما. والكثير من الرجال في المجتمع المصري من الذين يرتكبون الخيانة الزوجية يرسمون خطا فاصلا بين الحب والجنس، ولا يؤمنون بوجود علاقة بين الاثنين، فتسمع أحدهم يؤكد أنه يحب زوجته جدا لكن علاقته بالثانية مسألة أخرى تماما، وهذا الكلام يردده لينقذ نفسه من الانتقادات ومن الشعور بالذنب تجاه ما يفعل خلف ظهر زوجته التي يدعي أنه يحبها. وتلاحظ الأخصائية النفسية أن مشكلة الخيانة تستمر في الكثير من الحالات بسبب التبريرات والهروب من الاعتراف بالخطأ ومن الشعور بالندم، كل ما يهم هو التأكد من أن الشريك في الخيانة لن يكشف السر، لكن غالبا ما ينكشف الأمر بسبب الطرف الخائن ذاته لأنه يشعر مع الوقت بالضغط والتوتر وبتشتت أفكاره وحياته بين قسمين غير متوافقين ما يؤدي إلى وقوعه في أخطاء كثيرة في حياته الأسرية والاجتماعية، ومن الممكن أن يؤدي ذلك لاحقا إلى نهاية علاقته الزوجية. ويعتبر أستاذ الدراسات الاجتماعية بجامعة حلوان فؤاد عبدالكريم، أن الدافع الرئيسي للخيانة هو الملل الذي يتسبب في انهيار الحياة الزوجية، وينصح الشريك الذي يريد الحفاظ على زواجه من الانهيار وعلى أسرته أن يعالج ملل الطرف الآخر بالابتعاد عن الرتابة والروتين القاتلين للعاطفة، وعليه أن يدخل عامل المفاجأة والتشويق الدائم في كل مناحي الحياة المشتركة، من المطبخ إلى غرفة النوم، مرورا بكل صغيرة وكبيرة حول الملابس والأطفال والأصدقاء والعمل وبرامج التلفزيون والجيران وأن يقترح رحلات ومشاوير ثنائية فقط تسودها الرومانسية والمتعة، وفي هذه الحالة فقط يمكن للزوج أن يبعد الملل عن شريكه، ويبعده عن التفكير في الخيانة كبديل للرتابة”. ويرجح عبدالكريم أنه إن لم يكن الملل السبب الأكبر لخيانة الزوج أو الزوجة فإن الطرف الذي يقدم على الدخول في علاقة أخرى سيلجأ إلى ذرائع أخرى مثل عدم التفاهم، مشيرا إلى أن الرجل التقليدي في مجتمعاتنا العربية لا يستطيع مقاومة الإغراءات، خاصة إذا كانت زوجته قد بدأت بالفـعل تهمل نفسها وتهـمل قوامـها ومظهرها وزاد وزنـها ولم تعد تهتم بملابسها وبيتها ولم تعد تولي الزوج اهتمامها كما كانت تفعل في بداية العلاقة.. وهي بذلك تعطيه مبررات لما يفعله”.
مشاركة :