من ذاكرة فلسطين: دور بريطانيا «المشبوه» في سرقة التاريخ والجغرافية

  • 11/3/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في سجلات التاريخ، وذاكرة فلسطين، تقف «بريطانيا» وحدها، وراء جريمة اغتصاب التاريخ والجغرافية في فلسطين العربية.. وإذا كان الفلسطينيون وجامعة الدول العربية، يطالبون بريطانيا، في كل عام، وتزامنا مع ذكرى وعد بلفور 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917  بـ«الاعتذار عن خطيئتها التاريخية» التي مهّدت لنكبة الشعب الفلسطيني ومعاناته المستمرة.. فإن «المؤامرة ـ الجريمة» سبقت «الوعد» ولحقت به، ومنذ ان كان التخطيط البريطاني لترتيب أمور الشام ينتقل بسرعة للتركيز على فلسطين، وبالتحديد للعمل على إقامة وطن لليهود فيها، يؤدي دوره المرسوم في الإستراتيجية البريطانية !!  تصورات «هربرت صمويل» لمستقبل فلسطين وتسجل ذاكرة فلسطين.. أنه أثناء الحرب العالمية الأولى طلبت الحكومة البريطانية سنة 1915 من السير «هربرت صمويل » ـ اليهودي الصهيوني ـ  أن يضع تصورا لما ينبغي أن يكون عليه أمر فلسطين بعد النصر، وكتب «هربرت صمويل»  بوصفه عضوا في وزارة الحرب، مذكرة بعنوان «مستقبل فلسطين»،  تاريخها 5 فبراير/ شباط 1915، توصل فيها إلى نتيجتين : إحداهما : إن الحل الذي يوفر أكبر فرصة للنجاح ولضمان المصالح البريطانية، هو إقامة إتحاد يهودي كبير تحت السيادة البريطانية في فلسطين.. والثانية: أن فلسطين يجب أن توضع بعد الحرب تحت السيطرة البريطانية، ويستطيع الحكم البريطاني فيها أن يعطي تسهيلات للمنظمات اليهودية في شراء الأراضي وإقامة المستعمرات وتنظيم الهجرة والمساعدة على التطور الاقتصادي بحيث يتمكن اليهود من أن يصبحوا أكثرية في البلاد !!      دبلوماسي بريطاني: إعداد  فلسطين كلها لاستقبال «شعبها الجديد»!! وفي نفس السياق كتب  الدبلوماسي البريطاني، «إدوارد لودفينج  ميدفورد»، في نهاية القرن التاسع عشر،  ما أسماه  «نداء بالنيابة عن اليهود لإنشاء كومنولث بريطاني في الشام» .. وقال : «إن فلسطين إذا ما أخذنا في الإعتبار مساحتها، تبدو صغيرة ولا تتسع لكل اليهود، وقد تنشأ مشاكل بسبب هجرة مستوطنين كثيرين، لذلك يستحسن قبل القيام بتوسيع نطاق الإستيطان في فلسطين، أن يتم إعداد البلاد كلها لإستقبال شعبها الجديد، ويمكن إقناع الحكومة العثمانية بتهجير كل السكان «المحمديين» وتوطينهم في المناطق الشاسعة الخالية من شمال العراق، حيث يستطيعون إمتلاك أرض أفضل من تلك الأرض التي سوف يتركونها وراءهم»!!  «العروس جميلة جدا.. ولكنها متزوجة بالفعل» وكانت بريطانيا وراء «ماكس نوردو»، وهو من أقرب أصدقاء ثيودور هيرتزل، حين بعث ياثنين من الحاخامات الأوروبيين، إلى فلسطين، يريان رأي العين، ثم يعودان ليقدما تقريرهما عن حقائق الأوضاع هناك، وأثناء تواجدهما في فلسطين بادرا فورا بإرسال برقية إلى «نوردو» يقولان فيها  بالرمز: «إن العروس جميلة جدا، وهي مستوفية لجميع الشروط ، لكنها متزوجة فعلا»..وعندما عاد  الحاخامان والتقيا بـ «ماكس نوردو» أكدا له في تقريرهم الشفوي: «أن هناك شعبا عربيا فلسطينيا يسكن فلسطين من آلاف السنين، ويزرع أرضها ويعتبرها وطنه، وبالتالي فإن اليهود الراغبين في الذهاب إلى فلسطين والإستيطان فيها، أمامهم معركة قاسية مع أصحابها الأصليين، وأن تصرفات المستوطنين اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين، هي تصرفات تحمل ظواهر علل نفسية قد تزيد مع الأيام، ومن المحتم أن تزيد، ذلك أن المستوطن اليهودي، لكي يريح ضميره، ولكي يستطيع مواصلة حياته في الأرض الموعودة، يتحتم عليه إنكار وجود «الآخر» ـ أي الفلسطيني ـ بمثل ما يمكن تصوره من رغبة عاشق لزوجة رجل آخر في الخلاص من زوجها إلى درجة قتله، لكي ينتهي منه جسدا وروحا وذكرى!!وكانت تلك هي الظروف والأجواء التي صدر فيها «وعد بلفور» الشهير في 2 نوفمبر 1917 .. ولم يكن في القدس قبل وعد بلفور غير 30 ألف يهودي فقط، إندمج معظمهم مع الفلسطينيين، وتحدثوا لغتهم ومارسوا عاداتهم.. ومع الإنتداب البريطاني لفلسطين فتحت الأبواب  على مصراعيها أمام هجرة اليهود !!وأثناء إعداد وثائق مؤتمر السلام في «فرساي» 1919  أصرّت الحركة الصهيونية على ضرورة أن يتضمن قرار المؤتمر، الخاص بإنتداب بريطانيا على فلسطين، إشارة واضحة في مقدمته لـ «وعد بلفور» تأكيدا إضافيا بأن المهمة الرئيسية للإنتداب البريطاني هي العمل على إنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين !!     وكان حاييم وايزمان ـ رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، والرئيس الإسرائيلي في بداية تأسيس دولة الاحتلال ـ أكثر وضوحا في كشف دور بريطانيا «المشبوه» في نكبة اغتصاب فلسطين..وقال في مذكراته التي نشرها في كتاب «التجربة والخطأ»: ( لقد كان يجب أن تساعدنا دولة كبرى، وكان في العالم دولتان تستطيع كل منهما مساعدتنا : ألمانيا وبريطانيا..أما ألمانيا فقد آثرت أن تبتعد عن كل تدخل.. وأما بريطانيا فقد أحاطتنا بالرعاية والعطف.. ولقد حدث في المؤتمر الصهيوني السادس الذي عقدناه في سويسرا، أن وقف «هرتزل» يعلن يهود الدنيا أن بريطانيا العظمى، وبريطانيا العظمى وحدها دون كل دول الأرض، قد إعترفت باليهود كأمة ذات كيان مستقل، منفصلة عن غيرها، وأننا نحن اليهود خليقون بأن يكون لنا وطن، وبأن تكون لنا دولة) !  بريطانيا المسؤول الأول والأخير عن احتلال فلسطين..والوثائق التاريخية تدعم الحقوق الفلسطينية والعربية في مطالبة بريطانيا ليس بالاعتذار فقط، ولكن بالتعويض عن تشريد ملايين الفلسطينين خارج ديارهم، وأن تعلن «لندن» اعترافها بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.

مشاركة :