الثقة المفرطة واتخاذ أفضل القرارات

  • 11/4/2018
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

أخذ الوقت اللازم للتفكير في المعلومات والمعطيات غير المتاحة، يساعد التنفيذيين على اتخاذ قرارات أفضل وصف دانيل كانيمان، الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، في كتابه "التفكير، السريع والبطيء"، الثقة المفرطة على أنها من الانحيازات المعرفية الأكثر أهمية، كونها شائعة ويترتب عليها عديد من النتائج السلبية. على سبيل المثال، تنجم عن الثقة المفرطة أخطاء عديدة عند صنع القرار، من الأخطاء الطبية إلى المبالغة بالتداول في سوق الأوراق المالية، إلى سوء توزيع استثمارات الشركة في فترات الركود الاقتصادي. وينظر إلى الثقة الزائدة كعامل مساهم في عديد من الكوارث المشينة، مثل انصهار مفاعل شيرنوبل، غرق سفينة تايتانيك، والتسرب النفطي في منصة "ديب ووتر هوريزون". تناول عديد من الأبحاث مسألة الثقة المفرطة لفهم مصدرها، وتطوير آليات فاعلة لتحسين مقياس المعايرة ــ المعرفة عن الدقة. قمت وزملائي فيليب فرنباك من جامعة كولورادو بولدر، وكريج فوكس من جامعة كاليفورنيا ــ لوس أنجلوس، وستيفين سلومان من جامعة براون، بتطوير آلية جديدة لتخفيف الثقة المفرطة بالنفس من خلال حث الأشخاص على الأخذ بعين الاعتبار المعلومات غير المتاحة عند اتخاذهم القرار. (نشر بحثنا الذي حمل عنوان: "المعرفة والجهل: مقرر حاسم للثقة والمعايرة" في مجلة علم الإدارة). كبح الثقة المفرطة قام المشاركون في التجربة الأولى من التجارب الثلاث التي أجريناها، بالإجابة عن عشرة أسئلة تتناول مواضيع عامة، أسئلة متعددة الخيارات، لتحديد مستوى ثقتهم بكل منها. وطلب منهم وضع قائمة بالأسباب التي جعلتهم واثقين إلى حد كبير أو غير واثقين تماما بإجاباتهم. تم تقييم تلك الأسباب لاحقا على مقياس يتعلق بكونها أدلة معروفة أو غير معروفة. على سبيل المثال، إذا كان السؤال "أيهما يحتوي على سعرات حرارية أكثر، شطيرة اللحم المكور من سابويه، أم شطيرة ماكدونالد كوارتر باروندر مع الجبنة؟"، عدم الإشارة إلى عدد وحجم اللحم المكور في شطيرة سابويه، قد يكون سببا في خفض الثقة لعدم وجود دليل. تجاوز متوسط درجة ثقة المشاركين 67 في المائة، عامل الدقة 62 في المائة. ومع ذلك، فإن المشاركين الذين أعاروا اهتماما أكبر بالأدلة غير المتاحة عند تقييمهم لمستوى ثقتهم بمعلوماتهم، كانوا أفضل معايرة في تقييمهم، وبدرجة لا تقل دقة. شملت الدراسة الثانية مشاركين طلب منهم الإجابة عن أسئلة متعددة الخيارات. طلبنا من مجموعة منهم تحديد معلومتين مفقودتين قد تساعدانهم في حال توافرها على الإجابة بشكل صحيح عن كل سؤال. وطلبنا من مجموعة أخرى كتابة سببين لاحتمالية صحة الإجابة التي لم يختاروها. بمعنى آخر، نظرت المجموعة الأولى في "المعلومات غير المتوافرة"، أما المجموعة الثانية فنظرت في البدائل، وهي آلية معروفة باسم "محامي الشيطان". أجاب المشاركون عن الأسئلة، موضحين مستوى ثقتهم بكل إجابة. في حين أخذت كلتا التجربتين بعين الاعتبار حقيقة تأثير المعلومات المجهولة وآلية محامي الشيطان على خفض مستوى الثقة بالنفس، إلا أن المعلومات المجهولة وحالة عدم اليقين كان لها التأثير الأكبر، بحيث خفضت نسبة الثقة 8 في المائة في المجموعة "16 في المائة مقابل 24 في المائة" في حين أسفرت البدائل الأخرى عن خفض الثقة بنسبة 6 في المائة. خولتنا الدراسة الثالثة اختبار إذا ما كانت المعلومات غير المتوافرة تخفض من مستوى الثقة أو ترفع من عامل المعايرة. يظهر الأشخاص في عديد من المجالات نوعا من عدم الثقة والحذر المفرط. تحسن عامل المعايرة يدل على أن أخذ المعلومات غير المتاحة بعين الاعتبار من شأنه خفض مستوى الثقة، في حال عانى الأشخاص الثقة المفرطة، وليس في حال قيامهم بالمعايرة على نحو جيد أو عدم امتلاكهم الثقة اللازمة. قام المشاركون بهذه الدراسة بالإجابة عن مجموعتين من الأسئلة العامة. قسمنا الأسئلة إلى تسعة مجالات معرفية منها "عدد السكان، وعدد السعرات الحرارية"، بحيث يختلف مستوى الثقة لدى المشاركين ليراوح بين الثقة المفرطة وعدم الثقة. كما في الدراسة الثانية، نظر المشاركون في المعلومات غير المتاحة أو البدائل "آلية محامي الشيطان". وتمت مقارنة كل منهما مع مجموعة ليس لديها دافع للتفكير في معلومات إضافية. كما توقعنا، النظر فقط في المعلومات غير المتاحة يخفض مستوى الثقة فقط في حال كانت في غير محلها "في مجالات الثقة المفرطة"، في حين يكون لآلية "محامي الشيطان" التأثير ذاته في الحالات التي تدعو إلى عدم الثقة أو الثقة المفرطة بالإجابات.

مشاركة :