تعهدت طهران مواجهة عقوبات جديدة فرضتها عليها واشنطن، بـ «عقلانية وتدبير»، واستعجلت الاتحاد الأوروبي تطبيق آلية مالية تتيح الالتفاف على الحظر الأميركي الذي يُفترض أن يبدأ تطبيقه غداً. لكن مصادر رجّحت ألا يبدأ تنفيذ تلك الآلية قبل مطلع العام المقبل. وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلنت أنها ستعيد غداً فرض كل العقوبات على إيران، علماً أنها رُفِعت بعد إبرام الاتفاق النووي عام 2015. وتشمل العقوبات إضافة 700 شخص وكيان إلى اللائحة السوداء الأميركية، وإقصاء طهران من نظام «سويفت» الدولي للتحويلات المالية. وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إمهال ثماني دول «أسابيع» لإنهاء وارداتها من النفط الإيراني، يُرجّح أن بينها تركيا والهند. وتحوّلت العقوبات تحدياً بين ترامب والجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» الإيراني، إذ كتب الرئيس الأميركي على «تويتر» تغريدة مستوحاة من مسلسل «صراع العروش»، ورد فيها «العقوبات آتية». وعلّق سليماني، فكتب على تطبيق «إنستغرام»، مخاطباً ترامب: «سأواجهك». وحضّ الرئيس الأميركي النظام الايراني على «القيام بخيار واضح: إما أن يتخلّى عن سلوكه المدمر، وإما أن يواصل على طريق كارثة اقتصادية». وشدد على أن العقوبات الجديدة موجّهة ضد النظام «لا الشعب الإيراني الذي يعاني منذ زمن طويل»، لافتاً إلى أن ذلك دفعه إلى استثناء سلع، مثل الأدوية والأغذية. وتابع: «نبقى مستعدين للتوصل إلى اتفاق جديد مع إيران أكثر تكاملاً» من الاتفاق النووي. في المقابل، اعتبر المرشد علي خامنئي أن ترامب «ألحق العار بما تبقّى من هيبة أميركا والليبرالية الديموقراطية»، مضيفاً أن «القوة الخشنة لأميركا، أي الاقتصادية والعسكرية، تتراجع أيضاً». وتابع: «التحدي بين الولايات المتحدة وإيران استمرّ 40 سنة، ونفذت أميركا جهوداً كثيرة ضدنا: حرباً عسكرية واقتصادية وإعلامية. في إطار هذا التحدي، الطرف الخاسر هو الولايات المتحدة والرابح هو إيران». ورأى أن واشنطن «تستهدف استعادة هيمنة كانت تفرضها» على طهران قبل الثورة عام 1979، لافتاً إلى أن العقوبات الجديدة هدفها «شلّ الاقتصاد (الإيراني) وإبقاؤه متراجعاً». واستدرك: «شجّع ذلك حركة نحو الاكتفاء الذاتي في البلاد. شبابنا يؤيّدون الاستقلال. بعضهم قد لا يكون متديّناً جداً، لكنه حسّاس تجاه هيمنة الأجانب». وناقش وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف هاتفياً مع نظيرته الأوروبية فيديريكا موغيريني، ووزراء خارجية ألمانيا والسويد والدنمارك، تطبيق الآلية المالية الأوروبية لضمان تصدير نفط إيراني تشمله العقوبات الأميركية. وأوردت وسائل إعلام إيرانية أن «موغيريني والوزراء الأوروبيين شددوا على أهمية التزام وزراء المال تنفيذ الآلية المالية الأوروبية الخاصة لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، وأعلنوا أنها ستُشغل خلال أيام». لكن ديبلوماسياً فرنسياً بارزاً لفت إلى أن لا سبيل لتنفيذ تحويلات تجارية بهذه الآلية، قبل نهاية السنة، علماً أن أي دولة لم تعلن استعدادها لاستضافة الكيان الذي سينفذ تلك الآلية. واعتبرت الخارجية الإيرانية أن العقوبات الأميركية تنتهك الاتفاق النووي وقرارات مجلس الأمن، ورحّبت بالموقف الأوروبي الذي «يُبقي الاتفاق قائماً». وأضافت: «بالتعاون مع دول صديقة وباتباع منهجية عقلانية ومدبرة، نحن قادرون على مواجهة التحديات الناتجة من العقوبات». وفي محاولة لمواصلة بيع نفط، أطفأت كل سفينة إيرانية أجهزة الإرسال على متنها، لتجنّب أنظمة الرقابة الدولية. ولا يمكن تعقّب تلك السفن سوى باستخدام صور تلتقطها أقمار اصطناعية. إلى ذلك، أعلنت إيران بدء إنتاج «مكثف» لمقاتلة من طراز «كوثر» مصممة محلياً، علماً أن خبراء عسكريين يعتقدون بأنها نسخة من مقاتلة «أف-5» الأميركية. واعتبر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أن «السياسات العدوانية» الإيرانية هي «المسؤولة إلى حد كبير» عن إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران.
مشاركة :