يوسف أبو لوز دأبت دائرة الثقافة في الشارقة، منذ أوائل ثمانينات القرن العشرين، على تعميق ثقافة القراءة من خلال خزانة إصدارات أدبية وفنية ونقدية وجمالية وإبداعية، تتلاءم وروح مشروع الشارقة الثقافي بمكوّناته الرئيسية: معرض الكتاب، والمسرح، والبينالي. وفي مرحلة تالية من هذا المشروع العربي العالمي التنويري، اتسعت دائرة النشر في الدائرة إلى كيانات متخصصة مثل هيئة الشارقة للكتاب، ومدينة الشارقة للنشر، والهيئة العربية للمسرح، ومعهد التراث. ولكل من هذه الكيانات آليات نشرية منتظمة تخدم مشروع الشارقة الثقافي، ومرة ثانية، تعزّز ثقافة القراءة.وجدتني أضع هذه المقدمة لهذه المقالة وبين يديّ واحد من أبرز وأهم إصدارات دائرة الثقافة 2018، وهو كتاب «سينما وأعلام في 100 عام» للدكتورة مانيا سويد.اشتغلت د. سويد على أفلام راسخة في ذاكرتنا الثقافية منذ العام 1916، وحتى 2017؛ أي أنها مرّت على مراحل ومفاصل مهمة في السينما العالمية منذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم.جمعت د. سويد في الكتاب 103 أفلام، وفق خطة عمل منظمة، ففي البداية تثبت للقارئ المعلومات الأساسية والأولية حول الفيلم، بدءاً من اسم المخرج، مروراً بأسماء الممثلين، وأسماء فريق صانعي الفيلم: السيناريو، التصوير، المونتاج، الإنتاج، والموسيقي، ومن حيث التاريخ، وهو أمر مهم. لا تنسى سويد سنة إنتاج الفيلم، وسيكون فيلم «جوان السيدة» Joan the woman في العام 1916، أول مادة في كتابها التاريخي والتوثيقي والمعرفي هذا.تبدأ سويد من مرحلة السينما الصامتة أو الأفلام الصامتة: «جوان السيدة» و«الراهب الأسود»، على سبيل المثال، إلى أفق أوسع من سينما الشخصيات السياسية والأدبية.. وسوف نقرأ عن أفلام نادرة تماماً الآن، وربما لم يُتح للبعض أن يُشاهد هذه الأفلام، ولكنه في هذا الكتاب الحيوي والغزير سيقرأ عن هذه الشخصيات، وأكثر من ذلك يشعر أنه يضع نفسه في جوّ الفيلم.يعود بنا هذا الكتاب الذي يقع في 844 صفحة من القطع الكبير، إلى حيوات أعلام دخلوا التاريخ من أكثر من بوابة.. بعضهم من باب السياسة، وبعضهم من باب الفن، وبعضهم من العلوم والاختراعات، وبعضهم من باب التديّن، وبعضهم من باب الموسيقى والرياضة، إلى آخره من المداخل العظمى للتاريخ: محمد علي كلاي، أدولف هتلر، موزارت، إبراهام لنكولن، لويس باستير، نابليون بونابرت، فولتير، إميل زولا، جراهام بيل، جول جمال، تشي جيفارا، تشايكو فيسكي، هتلر، فان جوخ، بيكاسو، ليو تولستوي، نيلسون مانديلا... إلخ.هذه الأسماء معروفة تماماً لدينا من حيث القراءة، لكن تصبح للقراءة متعة أعمق عندما تضع نفسك في جوّ فيلم سينمائي، لكن من خلال كتاب. yabolouz@gmail.com
مشاركة :