ما الذي يجب أن يكون له الأولوية لدي الشباب، هل بناء وتخطيط الحياة المهنية، أم البحث عن شريك الحياة، أم ادخار أموال لشراء عقار هو الأولوية الشباب؟ فالواقع أن كل هذا النقاط لها أهمية كبيرة وتؤثر بصورة مباشرة النقاط الأخرى، ولكن ترتيب الأولويات وفقا للمخطط، وأيضا وفقا للإمكانيات يمثل حجر الزاوية في أي إجابة.الإيجار أم التمليك؟ يصاحبنا هذا السؤال دائما مباشرة بعد التخرج من الجامعة، وحتى قبله أثناء الدراسة لو كانت الجامعة أو المعد بعيدًا عن الأهل، ووفقا لاستطلاع رأي قام به موقع"رينت"بات 85% من الشباب من سن 18 وحتى 34 يفضلوا الإيجار عن التمليك، وكان الدافع الأكثر شيوعا لهذا الاختيار، هو قدرتهم على توفير تكاليف الإيجار مقارنة بالتمليك. وحسب تقرير نشره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر قبل أشهر قليلة، بلغ متوسط سن الزواج في المجتمع المصري 30.1 سنة بالنسبة للرجال، و 24.4 سنة بالنسبة للنساء، وهو متوسط متراجع عن الإحصاءات السابقة التي تم رصدها قبل ثلاثة سنوات، ومتراجع أيضا عن الكثير من الإحصاءات العالمية التي ترصد متوسط سن الزواج الرسمي.والأمر لا يحتاج لتحليل عميق لندرك أن عقبة تمليك الشقة التي يتحملها في الغالب الرجال تمثل السبب الرئيسي في تأخير سن الزواج في مصر بصورة متزايدة، حتى مقارنة بالمجتمع الأمريكي الذي يبلغ فيه سن الزواج 29.5 سنة بالنسبة للرجال، و27.4 بالنسبة للنساء. يؤثر عامل التوقيت بصورة جوهرية على قرار الإيجار أو التمليك خاصة من الشباب الذين يبحثون عن سكن للزوجية، ففي هذه المرحلة العمرية يصعب أن تجد شابين يمتلكان مبلغ لشراء شقة تمليك في أحد واجهات المدن الجديدة الأكثر طلبا من قبل الشباب، فضلا عن تجهيزها وتشطيبها، وما يتطلبه هذا من مصاريف وأيضا وقت؛ وربما في مرحلة أخرى من حياتهم يستطيعون تدبر مبلغ للتمليك، أو يستطيعون ماليا الالتزام بقرض عقاري.في الواقع ليس كل من يفضل الإيجار مجبر عليه لأهداف تمويلية، وربما لما يحملهقرار الإيجار من خيارسهل غير محمل بالمخاطر، ويسهل اتخاذه بسرعة والتراجع أيضا فيه بمرونة، خاصة مع طبيعة عمل الشباب التي تتطلب التحرك والانتقال من مكان لأخرى أو دولة لأخرى، وهنا يكون الإيجار الاختيار الأفضل، سواء من ناحية الانتقال من مكان لأخر، أو حتى من مستوى عقاري لأخر.ولا ننسى أن التمليك يحمل أيضا بعض المصاريف الدورية المعلنة والخفية، مثل مصاريف الصيانة وتكاليف كل المرافق الداخلية والخارجية، ويكون خيار التحديث الدائم ملزما للحفاظ على الاستثمار العقاري على حالته، وهذا يتطلب تخصيص ميزانية ليست بسيط، مع الأخذ في الاعتبار أن القرض العقاري التزام لا مفر منه مع أي ظرف اقتصادي، لذا يتطلب استقرار مادي للالتزام به، بينما الإيجار به الكثير من المرونة في البحث عن أسعار عقارات أقل في أي وقت تتعرض فيه لازمة. الأمر أيضا قد يحمل بعد استثماري، نعم، فعندما يتعلق بحجز مبلغ كبير من المال في استثمار عقاري، مع التسليم أنهسيحفظ قيمة الأموال وسيحقق مرود إيجابي على مدى البعيد، ولكن الكثير من الشباب بات يفكر في الاستثمار المباشر أو تأسيس بزنس صغير أو مشاركة أخريين، كل هذه الأفكار تستلزم توافر عنصر سريع من الأموال يمكن تحريكها بسهولة.المؤكد أن فكرة الإيجار تجد انتشارا عالميًا بين الشباب أكثر من أي وقت مضي، حتى لدى الأسر التي لديها طفل أو طفلين، ففي أمريكا مثلا أكثر من 50% من الأسر تقوم بالاستئجار وليس التمليك، وفقا لمركز الأبحاث الشهير "Pew Research Center"، وهذه النسبة هي الأكبر على الإطلاق.الجيد في الأمر أن هناك الكثير من العادات بدأت تتغير في مصر، وحسب ما رصده موقع بروبيرتي فايندر الرائد في السوق العقاري في مصر، فهناك إقبال كبير على البحث عن الشقق الإيجار بصورة غير مسبوقة، وبالطبع جاءت الشقق في مقدمة هذا الطلب واستحوذت على أكثر من 70% من طلبات التأجير السكني، تليها الفيلات، ثم دوبلكس، وتاون هاوس وبنتهاوس وتوين هاوس، وجاءت في نهاية القائمة الشقق الفندقية.وحسب تقرير موقع "بروبيرتي فايندر" جاءت الشقق مساحات 150-190 متر الأكثر طلبا، ثم مساحات 100-140 متر، وفي المركز الثالث المساحات الصغيرة خاصة مساحات 70-100 متر، والتي تشهد نموا كبيرا في السنوات الماضية، نظرا لقبول فكرة الشقق الصغيرة أو الأستوديهات في بداية الحياة العملية قبل تكوين أسرة، وجاء في نهاية القائمة الشقق أكبر من 200 متر. وفيما يتعلق بالمناطق الأكثر طلبا في القاهرة الكبرى على سبيل المثال، رصد التقرير إقبال كبير على الإيجار في مناطق التجمع الخامس، ثم كومبندات الشيخ زايد، ثم مدينة الرحاب، وسرايات المعادي ووادي دجلة المعادي، والمناطق الواقعة على بداية طريق مصر إسكندرية الصحراوي بعد تطويره، ثم منطقة المستثمرين الجنوبية في القاهرة الجديدة، التي شهدت نموا كبيرا في الإيجار والتمليك في الفترة الماضية.وجاءت منطقة الزمالك تالية في المناطق الأكثر طلبا للإيجار، خاصة شارع أبوالفدا، وشارع أحمد حشمت، وشارع محمد مظهر، ثم مناطق النرجس بالقاهرة الجديدة، ومشروع أب تاون كايرو في المقطم، ثم منطقة المستثمرين الشمالية بالقاهرة الجديدة
مشاركة :