عاد التوتر بين أنقرة وواشنطن إلى واجهة الأحداث السورية، على خلفية تسيير دوريات أميركية- كردية على الحدود الشمالية لسورية مع تركيا. وفيما واصل الجيش التركي قصف مناطق يسيطر عليها الأكراد في شرق سورية، أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن الدوريات الأميركية- الكردية قرب الحدود مع بلاده «غير مقبولة»، متوقعاً أن يوقفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. واستبق أردوغان لقاءه ترامب في باريس مطلع الأسبوع المقبل، وقال للصحافيين إنه سيتطرق إلى الدوريات التي تنفذها الولايات المتحدة و «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) المتحالفة معها داخل سورية، والتي ستتسبب بـ «تطورات سلبية خطيرة» على طول الحدود. وأضاف: «أظن أننا عندما نتحدث مع ترامب، فإنهم سيوقفون هذه العملية على الأرجح». وأظهر قلق أردوغان من الدوريات الأميركية- الكردية، مدى تعقيد شبكة التحالفات والخصومات على الحدود، والتي فاقمت منها الحرب الدائرة في سورية. وفي طوكيو، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عدم القبول بالدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب الكردي في سورية. وقال: «منظمة بي كا كا مصنفة على لائحة الإرهاب في أميركا والأمم المتحدة»، لافتاً إلى تأسيس مجموعة عمل مشتركة مع الجانب الأميركي لمكافحة إرهاب «بي كا كا». في المقابل، نوه أوغلو بتطور علاقات بلاده مع موسكو في السنوات الثلاث الماضية، مشيراً إلى «الدعم الذي قدمته روسيا لاتفاق إدلب، الذي يفتح باب الأمل في سورية من أجل لقاءات تُعد الفرصة الأخيرة. بهذا الاتفاق، تمكنّا من منع وقوع كارثة إنسانية جديدة». وقالت الرئيس المشترك لـ «مجلس سورية الديموقراطية» (مسد) أمينة عمر، إن «الهدف من الدوريات المشتركة بين قسد والتحالف، هو منع التصعيد وردع تركيا عن شن هجمات جديدة ضد المناطق الشمالية من شرق الفرات». وقالت لـ «الحياة»: «من الطبيعي أن ترفض تركيا على لسان رئيسها، هذه الدوريات لأن تسييرها على الشريط الحدودي يعرقل مشروعها لاحتلال هذه الأراضي. معلوم أن تركيا صرّحت أكثر من مرة بأنها تجهز لعملية عسكرية لاجتياح هذه المناطق بالتعاون مع الفصائل المقربة منها في إدلب وعفرين ودرع الفرات، وهذه الدوريات تُحبط هذه المخططات». وقالت: «لا نتوقع تصعيداً كبيراً لوجود قوات التحالف، ولكن مع استمرار بعض المناوشات... ويجب عدم إهمال التصريحات الأميركية الداعية إلى وقف الهجمات التركية على هذه المناطق»، مشيرة إلى أن «الولايات المتحدة ترى أن التصعيد يمكن أن يؤثر سلباً في الحملة العسكرية لاجتثاث داعش من آخر معاقله في شرق الفرات، والتي توقفت بعد التصعيد التركي الأخير». وقال الناطق باسم قوات سورية الديموقراطية (قسد) أمجد عثمان لـ «الحياة»: «تركيا تدرك أهمية هذه الدوريات، ولكن تستغل كونها دوريات موقتة، لذلك نعمل على التوصل إلى خطط بعيدة المدى تضمن الأمن والاستقرار في المنطقة، وتنهي التهديد التركي لأراضينا». وأضاف: «استهدفت تركيا اليوم (الثلثاء) للمرة الثانية قرية تل جيهان شرق القامشلي، المعروف أنها قرية مسيحية، ربما لنشر المزيد من الخوف لدى المسيحيين في سورية، ولتشجيع حلفائها من الجهاديين في المعركة المزعومة». خريطة طريق منبج وأكد تقرير لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس، أن الدوريات المسيّرة للجيشين التركي والأميركي، في إطار خريطة الطريق المتعلقة بمنطقة منبج السورية، «عملت على خفض التوتر في المنطقة». لكن التقرير الذي أصدرته هيئة التفتيش في البنتاغون، أقر بـ «صعوبات أمام تطبيق الخريطة» التي تم الاتفاق عليها في حزيران (يونيو) الماضي، و «تهدف الى إيجاد حل لمخاوف تركيا المتعلقة بوجود الوحدات الكردية». وأضاف: «لم تُستكمل خريطة الطريق حتى الآن، ويبدو أنه تم تطوير العلاقات الثنائية مع تركيا، وفي الوقت ذاته تحقيق هدف الاستمرار بالعمل مع الوحدات الكردية، القوة المقاتلة الرئيسة ضمن قوات سورية الديموقراطية». وفيما أشار التقرير إلى أن «هدف الولايات المتحدة الأول في سورية محدد بالقضاء على داعش»، أكد «ظهور 3 أهداف أخرى في سورية تتمثل في إخراج إيران وامتداداتها من البلاد، والتأثير على نتائج الحرب السورية في عامها الثامن، وتحقيق الاستقرار في مناطق شمال شرقي سورية التي استُردت من داعش». ولفت إلى أن التنظيم «أعاد تنظيم نفسه العام الحالي، برغم خسائره الكبيرة من الأراضي، وتحوّل إلى شبكة إرهابية سرية عالمية». وأوضح أن إرهابيي التنظيم يمكن أن يكونوا لجأوا للاختباء في العراق وسورية، و «مهمة البنتاغون هي التغلب على داعش بشكل دائم، ومن الضروري إنشاء قوات أمن محلية قادرة على ضمان الأمن في العراق وسورية، ومكافحة الإرهاب».
مشاركة :