لا أعرف كيف أصف تردي الوضع، فعندما أبدأ بالوصف تخونني حروف أبجديتي، وتهرب بعيدا من عظم المأساة. قبل أن يصبح المسؤول مسؤولا تغلب على أحاديثه «لو». لو كان الأمر بيدي لفعلت وفعلت، وعندما يعتلي المنصب وتسنح الفرصة لتنفيذ وعوده، يمحو النهار كلام الليل، والمواطن هو من يتجرع الويل! فذاك يسقط في بئر والآخر يبتلعه السيل، وما تبقى من أهله لا يسعهم سوى النحيب والعويل. وأهالي الضحايا هم بشر، مثلما أن كل مسؤول بشر، ولكن الفرق هنا أن المسؤول تجرد من إنسانيته فلم يتبق منها إلا أقل القليل! من يظن أن لعبة «السناك» التي بهواتفنا مجرد لعبة سأقول له: ظنك ليس بمحله، ها هي انتقلت للواقع، مالي أرى وجهك أيها القارئ الكريم وقد ارتسمت عليه علامة استفهام عريضة؟! نعم، لقد صارت تلك اللعبة واقعا، فالثعبان في اللعبة يلتقط ما يجد، ونحن يلتقطنا ما نصادفه من مفاجآت، سواء كان سيلا جاريا، أو حفرة صرف بقيت بلا غطاء، أو أسلاكا كهربائية مكشوفة في الشارع. والمسؤول يرى ويقول في كل مرة: سقط سهوا! هو لم يسقط سهوا يا سيدي المسؤول، بل سقط عمدا، لأن الإهمال وعدم المتابعة والمكوث في المكتب هو ممارسة للإهمال المتعمد! وكل الأفكار التي تسهم في حل هذه المشكلة تظل تحت الدراسة عاما بعد عام، ويظل السيد المسؤول يدرس الفكرة، والضحية البريئة تسقط في جوف حفرة. وكأن تلك الحفر التي تملأ الشوارع لا ترى بالعين المجردة، فتبادرون سعادتكم بسرعة التوجيه لتغطيتها، حماية لأرواح العابرين. بل إنك تكتفي بالقول: نعم، نعترف بوجود التقصير. يا سعادة المسؤول، إلى متى هذا التقصير؟! وهل سيبقى اعترافكم مجرد اعتراف بلا تصحيح لهذا التقصير المستمر؟! أعلم تماما أنه لن تحل هذه المشكلة وغيرها عندما أتوقف عن الكتابة وأضع قلمي جانبا، وكل ما سيحدث أنني وأنت يا من تقرأ سنترحم على من مات، ونضع أيدينا على قلوبنا، خوفا من أن نفقد أحد أحبابنا في جوف حفرة يعرف المسؤول مكانها مسبقا! بقي أن أذكر حضرتك سيدي المسؤول بعظم الأمانة التي تحملها، ألم تقرأ الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال بروح المسؤول الصادق: والله لو عثرت بغلة بالعراق لسألني الله تعالى عنها: لم لم تمهد لها الطريق يا عمر؟ رابط الخبر بصحيفة الوئام: سقط عمدا !
مشاركة :