قالت الدكتورة نوف الغامدي مستشارة التخطيط الإستراتيجي والتنمية الاقتصادية لـ"سبق": إن الصفقة النووية مع إيران من أسوء الصفقات التي عقدتها الولايات المتحدة؛ إذ إنها تجاهلت 3 نقاط أساسية، هي صواريخ إيران الباليستية، وسلوك طهران في المنطقة، فضلًا عن المدة الزمنية التي تطلق العنان لطهران فى البرنامج النووي في عام 2025. وعلقت على العقوبات التي تتعرض لها إيران، موضحة أن إيران رفضت الطلب الأميركي بإدخال تعديلات على بنوده، كذلك رفضت الشروط الأميركية الـ12 التي طرحها وزير الخارجية مايك بومبيو فى مايو الماضي، وكانت أول دفعة من العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران قد اتخذت في 7 أغسطس الماضي. وبيّنت أن القرار الأميركي يعني منع كل الدول أو الكيانات أو الشركات الأجنبية من دخول الأسواق الأميركية في حال قرّرت المضي قدمًا في شراء النفط الإيراني أو مواصلة التعامل مع المصارف الإيرانية، إلا أنّ واشنطن أعلنت أنّ ثماني دول ستستفيد من استثناءات مؤقّتة تتعلّق بشراء النفط من إيران، وتعيد الولايات المتحدة فرض العقوبات على طهران في وقت تشهد دول منتجة سلسلة من الاضطرابات التي تؤثّر بشكل سلبي على إمداداتها، بينما يسعى ترامب لمنع ارتفاع الأسعار. العقوبات الأهم توقعت "الغامدي" أن تنخفض صادرات إيران النفطية التي تقدر بنحو 2.5 مليون برميل يوميًا، بمقدار مليون إلى مليوني برميل في اليوم، عندما تدخل العقوبات حيز التنفيذ، وقد يزيد هذا الأمر من الضغوط على سوق النفط المتوترة منذ سنوات، وأجبرت الاضطرابات في ليبيا وفنزويلا ونيجيريا والمكسيك وأنجولا ودول أخرى، منظمة الدول المصدّرة "أوبك" والدول المنتجة خارجها في يونيو الماضي على التراجع عن اتفاق لخفض الإنتاج. وأشارت إلى أن الأنظار تتجه إلى السعودية؛ كونها المنتج الوحيد الذي يملك طاقة إنتاج احتياطية مهمّة تقدّر بنحو مليوني برميل، قد تلجأ إليها المملكة لتعويض النقص الناتج عن العقوبات الأميركية على إيران. وأردفت: تعد العقوبات الأهم لأنها تستهدف القطاعات الأساسية للاقتصاد الإيراني، وهي: قطاع النفط والقطاع المصرفى، وتفصيلًا تشمل: شركات تشغيل الموانئ الإيرانية، وقطاعات الشحن وبناء السفن، بما فى ذلك خطوط الشحن الإيرانية، وشركة ساوث شيبينغ لاين والشركات التابعة لها، المعاملات المتعلقة بالبترول مع شركات النفط الإيرانية الوطنية وشركة نفط إيران للتبادل التجاري، وشركة الناقلات الإيرانية الوطنية، بما فى ذلك شراء النفط والمنتجات النفطية أو المنتجات البتروكيماوية من إيران، المعاملات من قبل المؤسسات المالية الأجنبية مع البنك المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية. وأضافت: تشمل فرض عقوبات على توفير خدمات الرسائل المالية المتخصصة للبنك المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية المحددة في قانون العقوبات الشامل، وسحب الاستثمارات الإيرانية لعام 2010، خدمات التأمين أو إعادة التأمين، قطاع الطاقة الإيراني، وضع أسماء أكثر من 700 فرد وكيان وسفن وطائرات على قائمة العقوبات، وسحب التفويض الممنوح للكيانات الأجنبية المملوكة، أو التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، من أجل إنهاء بعض الأنشطة مع الحكومة الإيرانية أو الأشخاص الخاضعين لولاية الحكومة الإيرانية. وتقول الدكتورة نوف: "إن الحزمة الأخيرة من العقوبات هي الخطوة الأميركية الأهم حتى الآن؛ لأنها تستهدف القطاعات الأساسية للاقتصاد الإيراني، وتغطي عمليات الشحن وبناء السفن والتمويل والطاقة، وسيتم وضع أسماء أكثر من 700 فرد وكيان على قائمة العقوبات، بما في ذلك البنوك الكبرى ومصدرو النفط وشركات الشحن؛ 400 منها كانت مدرجة قبل توقيع الاتفاق النووي، وضع حد لدعم الإرهاب أوضحت الدكتورة "نوف" أن الحديث يتجدد عن قائمة من 12 مطلباً اشترطت واشنطن على طهران الالتزام بها قبل تطبيع العلاقات معها، تتمثل أهمها في الكشف عن كل التفاصيل المرتبطة ببرنامج طهران النووي، والسماح لوكالة الطاقة الذرية بالتفتيش المستمر، والتوقف عن تخصيب اليورانيوم، وغلق المفاعل الذي يعمل بالماء الثقيل، ووضع حد لانتشار الصواريخ الباليستية والصواريخ التي يمكن أن تحمل رؤوسًا نووية، ووضع حد لدعم "المجموعات الإرهابية في الشرق الأوسط"، ووضع حد لدعم فيلق القدس في الحرس الثوري، ووضع حد لدعم ميليشيات جماعة الحوثي في اليمن، والانسحاب من سوريا وسحب ميليشيات الحرس الثوري الإيراني من هناك. وأكدت أن العقوبات الأميركية هنا ليست إستراتيجية في حد ذاتها أو هدفًا في حد ذاته، ولا ينبغي لها أن تكون كذلك حتى لو كانت ناجحة، وإنما هي، أو هكذا يجب أن تكون، أداة من ضمن أدوات أخرى لتحقيق أهداف الإستراتيجية الأميركية الجديدة حيال إيران، والتي بدأت بإعلان ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، تلاه إعلان وزارة الخارجية الأمريكي، أن بلادها بصدد تشكيل تحالف دولي ضد إيران بهدف "مراقبة النظام الإيراني من خلال منظور أكثر واقعية، ليس من خلال منظور الاتفاق النووي فقط، بل من خلال كل أنشطته المزعزعة للاستقرار التي لا تشكل تهديداً للمنطقة فحسب؛ بل للعالم أجمع"، وهو التحالف الذي بدأ يتبلور تدريجيًّا فيما يعرف بـ"تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي". تراجع شعبية إيران فيما يتعلق بردّ الفعل الإيراني، أشارت "الغامدي" إلى أن طهران الآن أضعف من أي وقت مضى، وليس لديها القدرة على القيام بأي خطوات تصعيدية لمواجهة هذه العقوبات؛ فالجبهة الداخلية تعاني شرخًا كبيرًا جراء سياسات النظام الإيراني الاقتصادية، والدعم الشعبي للنظام يتراجع يومًا بعد يوم، وأوراقها في الإقليم تتبعثر، وما يحدث في العراق وسوريا من رفض للوجود الإيراني خير دليل على ذلك. وأردفت: أعتقد أن النظام الإيراني لا يملك حاليًّا من الأدوات ما يمكّنه من تنفيذ تهديداته المتكررة، ولعل خير دليل على ذلك هو تصريحات وزير الخارجية الإيراني التي جاءت بعد ساعات قليلة من فرض الجولة الثانية من العقوبات، والتي قال فيها: إن طهران مستعدة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة إذا غيرت واشنطن توجهاتها بشأن الاتفاق النووي. السعودية أكبر مصدِّر للنفط من جهة أخرى، قالت الدكتورة "نوف": إن السعودية تعد أكبر مصدّر للنفط في العالم، جاهزة إلى جانب شركاء مهمّين في هذا القطاع، لتغطية أي نقص في الإمدادات بسبب العقوبات الأميركية على إيران رغم أن سوق الخام لا تزال غير مستقرة بشكل عام، فبعد ستة أشهر من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتّفاق النووي، تعيد الولايات المتحدة فرض الدفعة الثانية من العقوبات التي كانت رفعتها إثر التوصّل إلى اتّفاق مع طهران عام 2015. وتشير الأرقام إلى أن صادرات إيران من الخام انخفضت بنحو الثلث منذ مايو الماضي، بينما تقوم شركات في دول تعتبر من بين مجموعة الزبائن التقليديين لطهران، وبينها الصين والهند، بالتخلي عن عمليات الشراء من إيران. والحقيقة أن السوق مشبعة، والسعودية ليست مضطرة لتخطي حاجز الـ11 مليون برميل، ولديها القدرة (على إنتاج) 12 مليون برميل، لكن ليست هناك حاجة للسعودية لاستخدام كل طاقتها الاحتياطية، بعض التحليلات تنسى أن الطلب ينخفض في الربع الأول نسبيًّا بعد الربع الرابع، وأن وكالة الطاقة الدولية تتوقّع انخفاضًا بمليون برميل. وبيّنت أن الوصف الأكثر دقة لوضع المملكة حالياً هو: أنها أصبحت مصدر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي للنفط، وأكدت المملكة أنها قادرة على ضخّ ما لا يقل عن 12.5 مليون برميل يومياً، بزيادة عن الرقم القياسي المسجل في أغسطس والبالغ 10.4 ملايين برميل، وهو احتياطي قدره أكثر من 2 مليون برميل.
مشاركة :