ذكراتنا اليوم تتحدث عن مؤسس المسرح العربي الذي أثر في حركة المسرح و قدم الكثير فالراحل محمد محمد عبدالهادي مواليد مدينة درنة عام 1898 م وتوفي 1953 عمر 55 عامًا، تعلم في طفولته في الكتاب كامعظم أبناء جيله، وإبان الاحتلال الإيطالي في ليبيا وتحديدًا في الفترة من 1918 وحتى 1920 انتقل إلى إيطاليا وعمل بالأفران، وهذه المرحلة ساعدته في مشاهدة المسرح والفن الإيطالي بصفة عامة، خاصة ما كان يقدم من عروض لمسرح الشارع، بعد عودته لليبيا كما عمل كموظف في الحرس البلدي واستمر معه هذا العمل حتى وفاته. قرر عبدالهادي القيام بجولة عربية قبل عودته لوطنه عام 1922 سافر إلى لبنان، واطلع على تجربة المسرح هناك وتأثر بمسرح أبوخليل القباني، ومنها ذهب إلى مصر التي اطلع فيها على تجربتهم المسرحية أيضًا، وكان معجبًا بمسرح نجيب الريحاني الذي كان يعد الأشهر في ذلك الوقت عاد الراحل محمد عبدالهادي إلى وطنه محملاً بالكثير من الكتب والروايات التي تتعلق بالمسرح وإصرار على تحقيق حلمه بمسرح ليبي لا يقل قيمة عما شاهده في رحلته. . وكانت عودته إلى ليبيا في الفترة ما بين العام 1925 والعام 1928 بعد رحلة في مصر ولبنان، ومشاهدته للمسرح هناك عمل لفترة خبازًا في «كوشة السقوطري» في مدينة طبرق، وفي تلك الأثناء أقام أول عرض مسرحي مرتجل بعنوان «آه لو كنت ملكًا»، وهو مستوحى من حكاية «ألف ليلة وليلة»، وكان من المفترض أن يعرض في سينما «حلمي». ولكن بسبب اعتراض صاحب السينما بسبب التقاليد الاجتماعية في ذاك الوقت عرض عبدالهادي المسرحية في منزل حمدي طاطاناكي بعد أن دعا مجموعة من أصدقائه، ولأن الخشبة لم تكن موجودة لم يسجل هذا التاريخ رسميًّا كأول عرض مسرحي ليبي. عام 1930 عاد لمدينته درنة وشكل «فرقة هواة التمثيل»، والتي قدمت أولى أعمالها بعنوان «آه لو كنت ملكًا» وعرض على خشبة تياترو بينتي بشارع طابق الكلب المتفرع من شارع البحر المعروف بشارع الحرية حاليًّا بمدينة درنة، وبما أنه كان هناك جمهور حاضر للعرض فلهذا اعتبر الكثيرون بأن هذا هو التاريخ الحقيقي لتأسيس مسرح ليبي بنص وخشبة وجمهور. في العام 1931 قدم مسرحية «خليفة الصياد» وهو تأليف جماعي بالفصحى مستوحى من قصة هارون الرشيد، والتي أعاد كتابتها الراحل أنور الطرابلسي العام 1934 بعد احتراق النسخة الأصلية، وهي مسرحية نثرية مستوحاة من حكاية «ألف ليلة وليلة» ومرتكزة في بطولتها على شخصيتين نسائيتين هما «قوت القلوب» و«الملكة زبيدة»، واللتين جسدهما الفنان أنور الطرابلسي والفنان هلال بن فايد بعدها. وفي العام 1936 عرضت المسرحية في طرابلس، وفي 1934 قدم مسرحية «العباسة أخت الرشيد»، وفي العام 1935 قدم مسرحية «لن أتزوج ولو شنقوني»، وهي مسرحية نثرية بالعامية الدارجة تخللها منولوج «هضا كله من النسوان»، وهذه المسرحية عرضت في طرابلس و بنغازي ، فكانت الفرقة الأولى عرفت باسم «فرقة هواة التمثيل العربية الدرناوية»، قدم أيضًا مسرحية «تاجر بغداد» و«أميرة الأندلس» و«سهاد»، كما قدم عملين صنفا بالوطنية وهما «غيث الصغير»، وهي مقتبسة من قصيدة للشاعر أحمد رفيق المهدوي، وكانت آخر أعماله المسرحية بعنوان «دندورة وغندورة» وهي مسرحية كوميديا اجتماعية من تأليفه. وفي عام 1948 اشتد عليه المرض فلم يعد قادرًا على الوقوف على خشبة المسرح ذهب صحبة أبنائه في رحلة علاج إلى مصر وبعدها عاد ليتوفى في مسقط رأسه مدينة درنة
مشاركة :