تباكيتُ كثيرًا بيني وبين نفسي.. فلم تعد الأحوال هي الأحوال.. ولم تعد الدنيا هي الدنيا.. وأصبحت الصداقة عملةً نادرةً، فلم يعد لها وجود على ظهر الأرض.. صديقك الذي يدعي أنه صديقك الذي كنت تسمع منه أحيانا كلاما طيبا لا يتورع الآن وفي أي لحظة عن أن «يخرم» طبلة أذنك بكلام يخدعك به ويؤلمك أو يسيء إليك، ويقلب لك ظهر المحبة نهارا جهارا..! أصبحنا «عتاولة» المتناقضات وجهابذتها.. وقد برعنا في فعل الشيء ونقيضه في الوقت ذاته.. أصبحت أصالتنا في ذمة التاريخ.. جسَّدنا نظرية عذاري التي تروي البعيد وتضن بعذوبتها على القريب في أعتى صورها.. صديقتك هي «مصلحتك» وصديقك هو المال والاستحواذ وعشق الذات.. والنفخ بكل أنواعه في الصعود بأرصدتنا بالبنوك. بصراحة أصبح أقل شيء يبكيني من فرط ما تباكيت، لأنني أرى السعادة تقترب مني أحيانا، ولكن قبل أن تقترب أراها سرابا.. الصدق في هذه الدنيا أصبحت تسمع عنه فقط.. ولا يمكنك أن تحسه أو حتى تلامسه!! {{{ اتصل بي عدد من التجار والمتعهدين والمقاولين مؤخرًا يحملونني إيصال الشكر والتقدير والامتنان إلى سمو رئيس الوزراء على اهتمام سموه بهم وبكل المواطنين، وجعله المواطن اهتمامه الأول.. وقد تجسَّد هذا الاهتمام وهو يشدد على كل الوزارات بأن تسارع إلى إيصال مستحقات التجار والمتعهدين والموردين والمقاولين إليهم.. والابتعاد عن كل ما له علاقة بالروتين العقيم والبيروقراطية أو التسويف والبطء في إيصال هذه الحقوق التي في ذمتها إلى أصحابها، وبحسب ما هو متفق عليه ومنصوص في العقود المُبرمة فيما بينهم جميعًا. ومما يُؤلم حقا أنه في الوقت الذي يُجهد سموه نفسه في تكرار هذه التوجيهات إلى ذوي الشأن، وفي الوقت الذي يشكو فيه أصحاب الحقوق مرَّ الشكوى.. نجد بعض الوزارات لا تأبه بكل ذلك.. بينما هي التي تسارع إلى إرسال حصص البحرين المالية السنوية وغير السنوية في المنظمات والهيئات والتجمعات الدولية والعربية في الوقت المناسب.. وأحيانا قبل الموعد أو الوقت المحدد، بينما يوجد بين هذه المنظمات الدولية من يعادي البحرين ومن يعمل ضدها وضد سمعتها.. بل نراهم يكيدون للبحرين كيدًا.. لا نقول ذلك جُزافًا من عندنا.. بل إن هذه المنظمات هي التي تردد ذلك وتذكره في تقاريرها. نحن لا نعترض على هذه المُسارعة إلى سداد حصص البحرين في المنظمات والتجمعات الدولية في وقتها.. فهذا يُسهم في إعلاء سمعة المملكة ويضيء صورتها في الخارج.. ولكننا نُطالب بالتوازن والموازنة بين جميع المصالح.. فليس مُستساغا أبدًا أن أُوفي بمستحقات المنظمات الدولية التي بينها من يعادوننا ثم نستهين بحقوق التجار والموردين والمتعهدين والمقاولين البحرينيين وغيرهم، متسببين في نشر الركود في الأسواق.. والتأثير سلبًا على حركة ازدهارها وتعطيل مصالح وأعمال الناس عند التسويف في الوفاء بالحقوق وإيصالها إلى أصحابها في الوقت المناسب. أليس ذلك يجسد تكريس نظرية «عذاري التي تسقي البعيد وتَضِنُّ على القريب»؟!! {{{ إذا كان هناك ما يمكن أن يطلق عليه «ضرْب من الفوضى» فهذا يتجسد بأعتى صور التجسيد في عملية الدعايات التي يُمارسها بعض المترشحين للانتخابات بصفة عامة.. صحيحٌ أن هناك قلة هم من يمارسون دعاياتهم بشرف وطهر ونقاء سريرة «الظاهر فيها مثل الباطن» من دون تزيد أو نقصان.. وكل ذلك من خلال دعاية محترمة وراقية وهادئة ونافذة في اقتدار إلى مشاعر الناس.. لكن هناك من يتخبطون ويمارسون نوعا من اللمم بغير علم.. ويتفننون في نشر الصور.. نشر أصم.. وكأن الشكل هو الأهم وهو الهدف.. وكأننا مقدمون على مجلس «للشكل وللصورة» مجلس أجوف لا لون ولا طعم ولا أداء عميقا أو نافعا.. نشر الصورة هو الأهم.. وكل ذلك عبر ممارسات النصب على الناس والعباد!! المرشحون أنواعٌ وأصنافٌ ومستوياتٌ.. منهم من يعلم أنه مُقدم على مشروع وطني صميم، ومشاركة وطنية رفيعة وراقية.. لا مانع عنده من أن يضحي من أجلها ومن أجل خدمة وطنه خدمة حقيقية.. الرواتب العالية والامتيازات السخية والمكانة الأعلى والأبهة ليست في منظوره أو مفهومه.. المهمُّ هو أن يخدم وطنه مهما كانت التضحيات.. يعلم أن هذا المشروع الوطني يحتاج منه إلى التضحية ورصد الميزانية الصادقة.. ومن بينها ميزانية الدعاية الراقية وتبصير المواطنين وتوعيتهم بالكلمة الصادقة المعبرة.. ولكن للأسف كثيرون هم من يلقون علينا بياناتهم الفضفاضة والمقالات المجلجلة للنشر مجانا.. وهي التي نلقي بها عرض الحائط.. لأن الصحافة ليست مرفقا للخدمات الخاصة المجانية.. وتحتفظ بأكبر قدر من مساحات صفحاتها لخدمة الوطن ونفعه بأكمله.. ولكن يكفينا أن هناك من يعرفون الأصول ويتعاملون معنا في شرف.. وفي غير نصب! ويدركون أن الصحافة تمر الآن بموقف صعب.. وإن كانت هناك صحف رضيت لنفسها أن تلعب دور«البهلوان» واللف والدوران!! مجلس النواب الجديد في فصله التشريعي الخامس يلفظ كل من يسعى إليه عبر النهم والطمع في الحصول على الرواتب والمعاشات والامتيازات والاقتراب من الوجاهة والمناصب العليا الأخرى من خلال الاستفادة من البروز والشهرة. إنه المجلس الذي لا ينفعه غير الصادق الأمين الذي لا يبغي جاها ولا مالا.. بعيدًا عن هواة أو عتاة النصب على خلق الله.. وإنما ينشد في إلحاح من يبتغون مرضاة الله وحده.. ومن يسعون مضحين إلى خدمة الوطن والمواطنين بمالهم وراحتهم وجهودهم الصادقة.. إنه مجلس يمقُت أصحاب الوجوه المتلونة، بعيدًا عن كل النماذج المفضوحة التي سعت من قبل إلى مجلس النواب عبر الأطماع والرغبة الجامحة والمستميتة في المزايا المادية والوجاهة والمناصب.. وهم الذين سقطوا وسيسقطون بإذن الله.. والله لا يحب غير الصادقين.
مشاركة :