شخصية عصامية اعتمد على ذاته منذ نعومة أظافرة حتى وصل إلى ما وصل إليه في عالم الكتابة و الصحافة، تجده في الكتابات الأدبية بمختلف ألوانها الشعر، والقصة، والمقال، والنقد، مثقف، صاحب يراع مميزة وجميل، كجمال روحه، ينتقي الكلمات من بستان أفكاره ليصيغها بأجمل الحروف. الإعلامي الأستاذ جمال عبد الله الناصر، معلم اللغة العربية بمدرسة الحسين بن علي الابتدائية بالقطيف، صحفي، وكاتب في صحيفة، نلتقي به، نبحر بسفينتنا على بحر أفكاره، ليطلعنا على سيرة حياته، وهو يرتشف كوبًا من القهوة. مغرم منذ الصغر في بداية حدثنا، يعرفنا على نفسه، وقال: جمال عبد الله عبد الكريم الناصر، من مواليد بلدة القديح في محافظة القطيف، خريج جامعة الملك فيصل بمحافظة الأحساء، تخصص اللغة العربية، وأعمل معلمًا في مدرسة الحسين بن علي الابتدائية بالقطيف “حي الناصرة”. عن الجانب الصحفي، أضاف: حقيقة دخلت عالم الصحافة منذ سبع سنوات تقريبًا، كنت في البداية، مع صحيفة جهينة الإخبارية الإلكترونية، بعدها في جريدة المدينة الورقية، وحاليًا في صحيفة القطيف اليوم الإلكترونية. وأشار أن الصحافة، كانت رغبة لديه منذ الصغر، شغوفًا بها، يراها حلمًا، شهيًا، تمنى تحقيقه، لافتًا أنه لم يتوقع يومًا، أن تكون في دنياه، يمارسها بعشق. علاقته مع اليراع وذكر ان اليراع، حكاية مغرم، أخذه الشوق إلى الولوج في أعماق أحرفه، ومعانيه، الكتابة شغف العاشق، بداياتها، جاءت في المرحلة الثانوية، ولكنها محاولات مشاغبة للقرطاس. وأضاف: بعد دخولي الجامعة، ازدادت ثقافتي عن الشعر، ودرست علم العروض، فأصبحت الكتابة الشعرية سليمة، بعد الشعر، وبالاعتماد على القراءة بشكل كلي، اتجهت إلى القصص، القصة القصيرة، والقصيرة جدًا، والخاطرة، كتابة السيناريو للأفلام القصيرة على استحياء. وعن سؤالنا له، هل لديك إنتاجات، أجاب: لدي مجموعة قصصية “القصة القصيرة جدًا”، بعنوان “تيه اللغة”، سيبزغ للنور من منتدى النورس الدولي بالقطيف قريبًا، كذلك رواية أدبية، لازالت في مرحلة الكتابة، تأخذ مجراها، وقد تبزغ في الأفق في يوم من الأيام. وواصل: كتبت فكرة وسيناريو فلمين قصيرين “حرمان ولكن”، و “أنين الصمت”. ولدي مجموعة من الكتابات في القراءة النقدية والمقالات والشعر، والقصة القصيرة، ولكنها لا زالت في المدونة، لم أراجعها، لأخرجها في كتاب، ولعلها في القادم، تبزغ في الأفق. وبين أن رؤيته في الكتابة لديه، تنتمي إلى مدرسة العشق، ودرامية الحياة، مغرم بالقصيدة النثرية، وكتابة المقال، وصولاً إلى القصة والصحافة بألوانها المختلفة. وتابع: ما أراه المثل الأعلى في دنياي، الأنثى بكل تفاصيلها، وهي “أمي”، مرورًا إلى معشوقة اليراع، التي تسكن كل كلماتي، بالإضافة إلى كل ما أرى فيه طموحي، وبعيدًا عن الأم والمعشوقة، لا وجهة معينة لمثلي الأعلى، فقد يكون طفلاً، وقد يكون شابًا أو كهلاً. وأكد أن المثل الأعلى، يأتي قيمة، تنساب على جسد إنسان الحياة، فتجدها فيه. الثقافة النقدية يقول: تأثرت بالنقد، وبالثقافة النقدية، حيث جاءت في كل مجريات حياتي، أكانت في الكتابة، أو في القراءة، متعلقًا بأذيال ثقافة السؤال، التي يرى فيها بوابة التعلم، مستشهدً من سؤال نيوتن عن التفاحة، ولماذا لم تذهب يمينًا أو شمالاً، أو إلى الأعلى، موجهًا السؤال: لماذا سقطت على الأرض، لافتًا: هكذا أجدني في تعاملي، مع الثقافة بألوانها المختلفة. وأجاب على سبب غيابه عن الأضواء، كمهتم بالأدب والنقد، بين: بالنسبة لوجودي في الأضواء، كناقد، أنا مبتعد عن الأضواء، أمارس النقد في قنوات التواصل الاجتماعي على مضض، إلا إذا جاء أحد، وطلب رأيي في شيء كتبه، أبادر بكتابة ذلك، وحقيقة لا أرى نفسي ناقدًا، وإنما قارئًا، يعشق التأمل في الأشياء. وأوضح عن ابتعاده عن المشاركة في المسابقات والأمسيات الأدبية: نعم، لم أشارك في أي مسابقات، ولم أحضر، كضيف في أي مناسبة، إلا حضورًا صحفيًا بهدف التغطية الصحفية، أو الحضور للاستفادة، وهذا لأمرين، الأول: إني في ذاتي لا أراني وصلت إلى مستوى، بأن أكون ضيفًا، ومتحدثًا أمام الجمهور، بكوني لا أملك كل تلك المقومات، فالمرء أكثر الناس معرفة بذاته من الآخرين. وقال: أذكر قبل جائحة فايروس كورنا بفترة، تواصلت معي إحدى الأخوات، بهدف استضافتي في أمسية أدبية، فرفضت، معتذرًا بأن هناك من هو أجدر مني، مرشحًا لها الناقد محمد الحميدي. ثانيًا: لدي قناعة، اتخذها مبدأ، وهي أن المتلقي، يحتاج إلى ثقافة، تليق به، وتحترمه، وهذه الثقافة للآن لا أمتلكها، إضافة بكوني لا أريد أن أطلع في الأضواء، أو “الشهرة” كما يحب أن يسميها البعض. وبين نظرته في هذا الجانب، بأن قراءة الإنجاز، ورؤيته، لديه أغلى من كونه جالسًا، ليتحدث، فإنه يعشق الصمت في العمل، فليس المهم أن يراه الآخرون، ولكن كل ما يهمه، أن يبصر الآخرون إنجازاته -بحسب قوله-. ويرى الناصر أن من الأشياء، التي يفتخر بها حقيقة، تأتي في تأسيس المركز الإعلامي بجمعية مضر الخيرية، معلقًا على ظاهرة الحسد، بأن منهجه، يتبع قاعدة: تميزك، هو تميز لي، لذا فإنه يعشق أن يرى الآخرين متميزين، يشعر أن تميزهم، تميز له، مؤكدًا إن نافذة النجاح، تسع الجميع، والكل يكمل الآخر. بمن تأثرت؟ يشير بأنه تأثر بكل ماهو مفيد، وجميل في درامية حياته، وقراءاته ومشاهداته، موضحًا فمن يكون مغرمًا بالقراءة، وتولد على يديه الكلمات من رحم المعاناة، يكمن تأثره في كل شيء. وقال: ثمة شخصيات، لا تمر ممر الكرام في حياتك، ولكنها تسكن في ذاتك، تتخذها قدوة حسنه، كالكاتبة ليالي الفرج، التي بكل فخر، تأتي من حدائق الثقافة والإنجاز، نموذجًا، لم يتوقف عند المرض، الذي تعاني منه، وهو “السرطان”، وحكايتها في الإرادة، والتأليف، فلم يثني هذا المرض عزمها، رؤيتها للعالم بالجمل، الإبداع، لتكتب، وتفكر، وتصدر عدة مؤلفات، وهي لازالت تتعالج. وأكد: فإنه حين تتحدث عن الكاتبة والشاعرة ليالي الفرج، فإنك، تتكلم عن الإنسان، المعجون بالأمل، والتفاؤل، الشغوف بالكلم والحلم، وانصهار الأحرف بين أصابعها، عن الابتسامة، والروح، التي تروي الكلم بكل إبداع وجمال، لترسم لوحاتها الفنية في كلمات، إنها من الكتاب، الذين لا أقوى، إلا أن أتابع خيوط أحرفها، وفاكهة فكرها. وأضاف: كذلك من الكتاب، الذي شغفت بهم، الكاتب والناقد محمد الحميدي، الذي أراه توأم الفكر والثقافية، والرؤية، فكم أتقاطع معه ثقافيًا، وأدبيًا، يغرقني جمالاً حين أقرأه، ويغريني أكثر، حين أغرس فكري في فكره، إضافة إلى الكاتب في جريدة الرياض فاضل العماني. فخر ورأي وبين أنه في الكتابة الصحفية، نحتاج إلى صياغة مواد، تكون خالية من الأخطاء الإملائية والنحوية، داعيًا المحرر إلى التعلم الذاتي والميداني، الذاتي من الدورات وورشات العمل في العالم الافتراضي، والميداني بحضورها هذه الدورات، ورشات العمل، فالإنسان مهما كان، فإنه متعلمًا في كل مراحل حيات. وقال: فإنه من المخجل جدًا أن نقرأ مادة صحفية، تعاني منه من الأخطاء الإملائية والنحوية، خصوصًا في الصحف الإلكترونية، لذا التدقيق في هذا الشيء، مطلب نوعي للرقي بالكتابة. وذكر أن بعض المواد الصحفية، التي كتبها، ولازالت الذاكرة، تشم رائحتها وتبصرها، مفتخرًا بها، هي المواد، التي كتبتها عن ذوي الاحتياجات الخاصة “المكفوفين”. وقال: إن الدخول في عالمهم، تحسس إبداعاتهم، معاناتهم، أحلامهم وتطلعاتهم، أن تتواصل معهم، أنت تبصر، ولكنهم لا يبصرون، أنت تستمتع برؤية الطبيعة والأولاد، زرقة مياه البحر والغيمات، وهم مسافاتهم الظلام، في بعض المواد، كانت عينياي، تذرف الدموع، لتتجمد على وجنتي، والأخرى، يضج من خلالها القلب دموعًا ساخنة، تأتي، كوجع. وتابع: هذه المواد، جعلتني أنظر للحياة من زاوية أخرى. الأم وفنجان قهوة من جهة أخرى، تعلقه بالقهوة، وقال: إن القهوة، هي في مسافاتي أنيس الكلم، وعناق الفكرة الحلوبة، والتعمق في اللاشيء، وصنعه شيئًا ما، القهوة، تأخذني إلى عالم، أشبه ما يكون بالإلهام، بقدر مرارتها، بقدر أنسها، كأنها تعانقني، لتقول لي، بأن في الألم حياة، ومن رحم المعاناة، يبزغ الإبداع. وأضاف: لا أعلم، كيف أوصف علاقتي بها، ولكن قد يكون إعدادها بأصابعي، يعبر بمدى العلاقة بيننا، كتصفيف الأم شعر فتاتها، بكل رقة وحنان، وجمالية، أراني هكذا في قهوتي السمراء. وأجاب على سؤالنا في تناوله ذكر أمه في بعض كتاباته، وماذا تنعني له: وهل قلت لي، ماذا تعني لك مفردة الأم؟، الأم، أراها في ذكرياتي، وأحرفي، كلماتي، وفي كل شيء، أمي أراها الصدارة، أمي في حكاياتها، منهج حياة، وفي ألوان مشاعرها، سيمفونية، لم تصل إلى نوتتها أصابع العازفين. وأضاف: أمي، التي علمتني أن الصمت لغة، وأن خدمة الآخرين نعمة، يوفق لها الإنسان، أمي، التي كان التواضع سمتها، علمتني أن لا أقول “أنا”، ولكن أن أقول “نحن”، أمي، هي مائدة وارفة الظل، وقلب، ينبض بالحنان والدفء، إن ابتسمت أمي، كل السعادة، كالعشب الأخضر في عيني، وذاتي، لازلت أسترجع كلماتها القديمة، الحديثة، لأقتنص منها ثقافة منهج. وفي رسالته الأخيرة، يوجه: إن في حكايات أمهاتنا ثقافة كبيرة ونوعية، فلا نمر ممر الكرام عليها، نفكر فيها، لنرشف أنفاسها، لنبصر جمال شفتيها، حين تقول، تذكروا أمهاتكم، كلماتهن، إن كانوا أحياء، أو إن فارقونا -رحمهم الله-، دائمًا تقول أمي: الأم، هي الدنيا، وهل ثمة إنسان، يشبع من الدنيا؟
مشاركة :