كم هي كثيرة المرات التي نجحت فيها الجهات المختصة في وزارة الداخلية بقيادة وزيرها الفاضل معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في فترة وجيزة في الضرب بيد من حديد وفي الوقت المناسب على الأيدي العابثة بأمن البحرين واستقرارها. سؤال مهم لا بد من طرحه، لأن الرد عليه يوصلنا إلى حقيقة نعتز بها كبحرينيين، وهي أن أمننا في أيادٍ أمينة. فعشرات المرات التي سجلت فيها وزارة الداخلية ضربات قاسمة لأوكار الإرهاب والفساد والتزوير. كان آخرها تمكن الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية من القبض على خلية إجرامية تضم 7 أشخاص من جنسيات مختلفة لهم ارتباط بجماعات مشبوهة في عدة دول، هذه العصابة التي تم إحباط عملها الخبيث تخصصت في ارتكاب جرائم التزوير والرشوة وغسل الأموال، والقيام بتزوير عديد من جوازات السفر، وهو الأمر الأكثر خطورة والمخيف بكل المعاني لما يمكن أن يسببه من أضرار لأمننا الوطني. كما استطاعت هذه العصابة الإجرامية تزوير أختام السفر وتأشيرات الدخول والإقامة الخاصة بعدة دول خليجية وأجنبية لعدد من الأشخاص مقابل الحصول على مبالغ مالية كبيرة، لتسهيل تحرك هؤلاء الأشخاص بين عدد من الدول والاستفادة من عدد من المنافع والتسهيلات. والحقيقة أن هذه الواقعة التي كشفت عنها وزارة الداخلية مؤخرا تثير 3 جوانب مهمة يجب أن نتوقف عندها: - الأول: أن الجهود الكبيرة التي تبذلها الأجهزة المختصة في وزارة الداخلية تستحق كل التقدير والثناء لأنها تتمكن باستمرار من إحباط مثل هذه الجرائم الخطرة التي تمس أمننا واستقرارنا واقتصادنا الوطني. - الثاني: إن تورط عدد من العاملين في الوظيفة العامة ممن بيدهم إصدار الوثائق واستخدام الأختام مقلق حقيقة ويتطلب قدرا كبيرا من اليقظة والحزم في الضرب على الأيدي العابثة، خاصة أن هؤلاء قد أقدموا على هذا الفعل الإجرامي مقابل الحصول على مبالغ مالية على سبيل الرشوة ليس في البحرين فقط بل وفي دول أخرى، وذلك بهدف تسهيل دخول أصحاب هذه الجوازات والتأشيرات المزورة مع علمهم بتزويرها، مستغلين نفوذهم والصلاحيات الممنوحة لهم، حيث بلغ عدد المتعاملين مع تلك الخلية من خارج البحرين 12 شخصًا موجودين في عدة دول، بالإضافة إلى 28 شخصًا موجودين في البحرين من بينهم بحرينيون وعرب وآسيويون، يعملون في دوائر حكومية ومكاتب لتخليص المعاملات وشركات خاصة. - الثالث: إن الإجرام قد تطور بشكل كبير ومخيف وأصبح عابرا للحدود والجنسيات، والدليل على ذلك أن هذه العصابة مؤلفة من عدد متنوع من الأشخاص والجنسيات، كما أن الجريمة قد وقعت في أكثر من دولة وتحركت عبر مطاراتها واستخدمت أختاما وجوازات وتأشيرات وغيرها من وسائل التزوير والتدليس بهدف جني الأموال والتربح من وراء ذلك. وهذا يطرح الحاجة الماسة إلى التعاون وتنسيق الجهود على مستوى إقليمي ودولي لمحاصرة هذه العصابات التي أصبحت تستخدم التقنيات المتطورة وأساليب التدليس والتزوير والتمويه المعقدة، كما في الدول المتطورة. فالجريمة أصبحت عابرة للحدود وللجنسيات، كما هو واضح. صحيح أن الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية، قد باشرت بالفعل اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وإحالة المقبوض عليهم إلى النيابة العامة، ومتابعة العناصر الأخرى الموجودة خارج البحرين ومواصلة عمليات البحث والتحري للكشف عن بقية المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم، وهذا يستحق كل التقدير والثناء، إلا أن مثل هذه الجرائم لا تقل خطورة على بلادنا من الجرائم الإرهابية والتخريبية لأنها تلحق ضررا فادحا بالمجتمع وبالاقتصاد وتتسبب في نزف حقيقي لاقتصادنا فضلا عن الأضرار الأخرى المحتملة والناجمة عن استخدام الوثائق المزورة باسم البحرين وأهلها.
مشاركة :