أثار الهجوم الذي استهدف بسيارة مفخخة مساء الخميس مطعمًا في مدينة الموصل وأدى لمقتل ثلاثة أشخاص على الأقل المخاوف من عودة الجهاديين، كونه الأول من نوعه في ثاني كبرى مدن العراق منذ استعادت القوات الحكومية السيطرة على «العاصمة» السابقة لتنظيم داعش. وبالنسبة إلى عدد من أهالي الموصل الذين أمضوا ثلاث سنوات تحت حكم التنظيم الجهادي فإن التفجير الذي استهدف مطعم «أبو ليلى» الشهير في غرب المدينة هو مؤشر على هشاشة الأمن في المدينة ودليل على وجود خلايا جهادية نائمة في محافظة نينوى، وكبرى مدنها الموصل.ويقول مصعب (25 عامًا) الذي اكتفى بذكر اسمه الأول وهو أحد عمال المطعم الذي استهدف بالتفجير «كنا نعتقد أننا بأمان. قلنا إننا تحررنا وتحقق الأمن، هذه المرة نعود إلى الأسوأ». وأدى التفجير الذي وقع وقت العشاء إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 12 آخرين بجروح، وفقا لمصادر أمنية وطبية. ويضيف الشاب وقد علا جبينه ضماد يخفي الجرح الذي أصيب به في التفجير إن أغلب الضحايا هم أرباب عائلات، ويتساءل بحسرة «من سيعوض عليها الآن؟». ولم يجد عامل المطعم هذا لدى عودته صباح الجمعة إلى مكان عمله سوى هيكل متفحم لسيارته كما لجميع السيارات التي كانت مركونة هناك.«بشربة ماء» ويقول بينما هو ينظر بحسرة إلى الهيكل المتفحم «تعب العمر كله راح. أربع سنوات وأنا أعمل حتى اشتريتها وها قد ذهبت بشربة ماء». بدوره يقول خضر علي (38 عامًا) الذي يسكن قرب موقع التفجير «إذا بقي الوضع الأمني على حاله، زفت في زفت، أحسن شيء لنا أن نبيع الوطن ونسافر». ويضيف بينما يراقب العمال أثناء تنظيفهم مكان التفجير «لم نكد نصدق أننا تخلصنا من داعش (...) حتى انفجرت عربة مفخخة وقتلت أناسًا أبرياء». ولا يخفي هذا الموصلي عتبه على المسؤولين الحكوميين الذين برأيه «لم يتمكنوا من الحفاظ على المدينة» التي استعادتها القوات العراقية في 10 يوليو 2017 من سيطرة الجهاديين. ولا يقتصر القلق الذي خلفه التفجير على المواطنين العاديين بل امتد ليصل الى مسؤولين بارزين في محافظة نينوى، لم يتوانَ بعضهم عن تحميل جهات أمنية المسؤولية عن وقوع التفجير لأسباب عدة. وانتقد أحمد الجربا، النائب عن محافظة نينوى، في بيان «تعدد مصادر القرار العسكري، قيادة عمليات نينوى من جهة والحشد الشعبي من جهه ثانية». وتتولى حفظ الأمن في محافظة نينوى قوات حكومية متعددة أبرزها الجيش والحشد الشعبي، الهيئة التي تشكلت بالدرجة الأولى من فصائل شيعية للتصدي لتنظيم داعش وشرعت الحكومة العراقية وضعها باعتبارها قوة عسكرية حكومية.«فساد وابتزاز» وفي بيانه اعتبر النائب الجربا أن «فساد» بعض القادة الأمنيين، الذين لم يسمهم، «حول واجبهم من كشف الخلايا النائمة الى حماية الخلايا النائمة، ومن مطاردة الإرهابين الى ابتزاز أصحاب المعامل ومكاتب الصيرفة». وتعلن القوات العراقية بصورة شبه يومية عن اعتقال جهاديين أو أشخاص تشتبه بتورطهم مع تنظيم داعش، كما تؤكد باستمرار العثور على مخابئ ومخازن أسلحة وذخيرة ومتفجرات في الموصل ومناطق أخرى من محافظة نينوى. وكانت السلطات العراقية أعلنت في 10 يوليو 2017 استعادة السيطرة على مدينة الموصل التي ظلت طوال ثلاث سنوات «عاصمة» لـ«دولة الخلافة» التي أعلن تنظيم داعش إقامتها في المناطق الشاسعة التي سيطر عليها في كل من سوريا والعراق. وفي ديسمبر من العام نفسه أعلنت السلطات العراقية دحر التنظيم الجهادي من كل المناطق الحضرية التي كان يسيطر عليها. لكن التنظيم المتشدد ما زال يحتفظ بخلايا سرية في أنحاء عدة من العراق، مثل غرب الموصل، وكذلك أيضا في المناطق الصحراوية وعلى طول الحدود مع سوريا.
مشاركة :