الله يجازي بعض أعضاء مجلس أمتنا الحالي.. أرجعونا عقوداً إلى الوراء، وأعادونا إلى زمن طفولتنا وبداية مراهقتنا.. كنا نجتمع لنلعب ألعاباً جماعية بالفريج -أي الحي– كرة قدم أو «صيده ما صيده» أو «لبيده» وغيرها من ألعاب الطفولة البريئة، وكان يتواجد دائماً بين أغلب المجاميع طفل مدلل نزق، يريد أن يقرر كل شيء ويبدأ الأول في كل لعبة.. وهكذا كان بقية الأولاد يجاملونه أحياناً، ولا يجيبونه لطلبه أحياناً أخرى.. عندما يزعل هذا المدلل ويعطي وجهه للحائط، مغطيًا عينيه بذراعيه، أو يرجع راكضًا لمنزلهم في كنف والدته ووالده، حيث الدلال الدائم والإجابة للطلبات.. كنا كأطفال نضحك على هذا النزق المدلل ونعلق على تصرفه غير المبرر بالقول: يا هالمركب.. يا ما تركب؟! *** هذا ما تذكرته عندما غاب أحد أعضاء اللجنة التشريعية عن الحضور، معلنًا استقالته مقدماً، ولوّح الثاني باستقالته لأن من كان يريده لرئاسة اللجنة من حزبه لم يحز إلا صوتين، في حين حاز منافسه أربعة أصوات؟! ان هذا التصرف غير مبرر ويثبت أن بعض أعضاء ذلك المجلس لا يؤمن بالإجراءات الدستورية القانونية، التي تنص دوماً على أن الفائز هو من يحوز أغلبية الأصوات.. ويبدو أن هؤلاء يريدون تغيير تلك القاعدة الذهبية ليكون الفائز دوماً هو من ينتمي لأفكارهم وأحزابهم الأصولية حتى لو لم يحز إلا صوته نفسه. وهذا دليل آخر ناصع واضح بعدم إيمان هؤلاء بالديموقراطية ما لم تخدم مخططاتهم وأفكارهم وآراءهم المتشددة.. فقد رأيناهم يتكالبون على عضوية اللجنة التشريعية في دور الانعقاد الماضي، لأنهم يعرفون أنها مطبخ المجلس والعقل القانوني المدبر له.. وقد أساؤوا التصرف في أول اختبار عندما خالفوا آراء خبراء اللجنة الدستوريين والقانونيين، مثبتين عضوية المدانين بجنايات صادر عليهم حكم بات نهائي قاطع، لا مراجعة عليه إلا بأضيق الحدود، ليس من بينها موافقة اللجنة التشريعية على استمرار عضويته وعرضها للتصويت على المجلس بموجب المادة الـ16 من اللائحة الداخلية السيئة الذكر – أي المادة الـ16 – المطعون الآن بعدم دستوريتها، لأنها تخالف نصاً أعلى وأسمى وأكبر منها درجات وهو نص المادة الـ82 من الدستور، التي تنص على الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس الأمة، وعلى رأسها ألا يكون محكوماً بجناية عقوبتها الحبس بما يزيد على 3 سنوات. وأخيراً وليس آخراً نقول للبعض الذين ابتلينا بهم في هذا المجلس: أنتم تريدون ديموقراطية مفصلة على قدر أو حد تفكيركم وعقائدكم، وهذه الديموقراطية ليست حتى داخل تنظيماتكم الخطيرة، لأنكم تؤمنون بالمقولة القديمة يا هالمركب.. يا ما اركب. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. علي أحمد البغليAli-albaghli@hotmail.com
مشاركة :