يسعى علماء الذكاء الاصطناعي منذ عقود إلى صنع كمبيوتر يحاكي قدرات الدماغ البشري، وهي عملية معقدة وتكاليفها غالية جدا، ومع ذلك قطعوا أشواطا في تطوير كمبيوترات سوبر تمتلك مرونة العقل البشري. مانشستر - نجح خبراء الكمبيوتر الفائق الأكبر في العالم في تشغيل كمبيوتر سوبر بعد عشر سنوات من التصنيع أطلقوا عليه أسم "سبيناكر"، يتكون من مليون معالج صغير من النوع الذي يستخدم في الهواتف الذكية، حتى صار قادرا على أداء ما يقرب من 200 تريليون عملية في الثانية، ما يعني أنه يمكن أن يحاكي المزيد من الخلايا العصبية البيولوجية في الواقع، متفوقا بذلك على أي آلة أخرى تم بناؤها في السابق. وصمم الكمبيوتر سبيناكر وبني في جامعة مانشستر في كلية علوم الكمبيوتر، ويمكنه محاكاة خلايا الدماغ التي تسمى النيورونات البيولوجية بالوقت الحقيقي ليتفوق على أي كمبيوتر تقليدي آخر. والنيورونات هي خلايا الدماغ الأساسية الموجودة في النظام العصبي وتتواصل من خلال إرسال نبضات طاقة كهروكيميائية، والحوسبة التي تحاكي هذه الخلايا تعتمد على دارات إلكترونية تحاكي هذه النبضات البشرية ولكن في الكمبيوتر. ويقول فوبر عالم الكمبيوتر في جامعة مانشستر البريطانية “إذا أردنا استخدام الكمبيوترات بمرونة تعادل حتى جزء من ألف من مرونة عمل الدماغ البشري، نحتاج إلى الانطلاق من مكوّنات عملية معقولة التكلفة ولا تستهلك طاقة كبيرة”. ويستخدم كمبيوتر سبيناكر الجديد نماذج مستنسخة من معالج طور عام 1987 من قبل فوربر نفسه وزملائه في شركة أكورن كمبيوترز في كامبريدج. وتعتمد حوسبة الخلايا العصبية على معمارية أساسها نقل المعطيات بالتوازي مع إرسال كميات هائلة من المعلومات الصغيرة بذات الوقت للآلاف من الوجهات. ويشمل أحد الاستخدامات الأساسية للكمبيوتر، مساعدة علماء الأعصاب على فهم أفضل للكيفية التي يعمل بها دماغنا. وقال عالم هندسة الكمبيوتر في جامعة مانشستر ستيف فورير “لقد أنشأنا كمبيوتر يعمل مثل الدماغ أكثر من كونه كمبيوتر تقليديا، وكان الهدف النهائي للمشروع وجود مليون معالج في كمبيوتر واحد لتطبيقات نمذجة الدماغ في الوقت الفعلي، وقد حققنا ذلك الآن، وهو أمر رائع”. وأضاف فورير “سبيناكر يحاكي المزيد من الخلايا العصبية في الوقت الحقيقي من أي كمبيوتر آخر على الأرض، لكنه لا يفكر مثل الدماغ”. من أهم استخدامات هذا الكمبيوتر، مساعدة علماء الأعصاب في فهم كيفية عمل الدماغ مثل تحليل معطيات الحواس الخمس ومحاكاة مرض باركنسون واختبارات الأدوية الصيدلية وعلى عكس أجهزة الكمبيوتر التقليدية، فإن الكمبيوتر الجديد لا يتم الاتصال به، بإرسال كميات كبيرة من المعلومات، من النقطة “إي” إلى النقطة “بي”، عبر شبكة قياسية، ولكنه يحاكي بنية التواصل المتوازي للدماغ البشري، حيث يرسل مليارات الكميات الصغيرة من المعلومات، في وقت واحد إلى الآلاف من الوجهات المختلفة. ومن أهم استخدامات هذا الكمبيوتر، مساعدة علماء الأعصاب في فهم كيفية عمل الدماغ من خلال تشغيل عمليات محاكاة ضخمة لا يمكن إجراؤها في الكمبيوترات الأخرى مثل تحليل معطيات الحواس الخمس ومحاكاة مرض باركنسون واختبارات الأدوية الصيدلية. وتمت تجربة الكمبيوتر مؤخرا للتحكم بروبوت وهو “سبومنيبوت” الذي يتعرف على المعلومات المرئية، ويتوجه نحو أشياء معينة ويسير نحوها مع تجنب العوائق أي جعل الروبوت يمشي ويتحدث ويتحرك بمرونة ودون استهلاك طاقة كبيرة. ويقول فوربر “إن نظام التحكم الروبوتي، إذا توفرت له بعض السمات الشبيهة بالوظائف الدماغية، سيكون أكثر كفاءة في أداء مهام مثل التعرف على الصور والملاحة وصنع القرارات”. ويضيف “الروبوتات توفر بيئة حسية طبيعية لاختبار الكمبيوترات الشبيهة بالأدمغة، لأن بوسعك معرفة ما إذا كانت مفيدة في الاستخدامات العملية”. وقال “من فوائد الكمبيوتر سبيناكر، أنه يعمل كمحاك عصبي واقعي، يساعد علماء تصنيع الروبوتات على تصميم شبكات عصبية واسعة النطاق في روبوتات متحركة، حتى تتمكن من المشي والتحدث والتحرك بمرونة وقوة منخفضة في نفس الوقت”. وسبيناكر ليس الكمبيوتر الوحيد الخارق، فقد سبقته محاولات أخرى، وهناك بعض الأجهزة الأخرى قد تنافسه، فالصين أعلنت مؤخرا أنها تعمل على كمبيوتر خارق يستطيع إجراء أكثر من مليار- مليار عملية حسابية في الثانية الواحدة أطلقت عليه اسم “إكسا سكايل”، و”إكسا” تعني الرقم الفلكي مليار مليار. وتعهد القائمون على هذا المشروع التقني بأن تصل سرعة الكمبيوتر إلى درجة المليار-مليار بحلول عام 2020، إذ يراهنون على أن يصبح حينها أسرع كمبيوتر خارق على وجه الأرض. كما يشكل الكمبيوتر الخارق امتدادا لسلسلة كمبيوترات “صن واي”، صينية الصنع الشهيرة، والتي تستطيع إدارة عمليات الذكاء الاصطناعي بسرعة عالية، إذ يمكن استخدامها في عمليات استكشاف المحيطات والسيطرة الأمنية الفائقة، بالإضافة إلى أبحاث الفضاء وقطاع الطاقة. وتأهيل أي كمبيوتر للعمل مثل دماغ بشري مهمة صعبة، فالخلايا العصبية الدماغية والدوائر الكهربائية الحاسوبية كلاهما يتصل بواسطة الإشارات الكهربائية، لكن في البيئة البيولوجية، "الأسلاك" التي تنقل تلك الإشارات ليست لها أدوار ثابتة كما هي الحال في الإلكترونيات.
مشاركة :