اثنان من أعضاء لجنة توم لانتوس الأمريكية لحقوق الانسان التابعة للكونجرس، عبرا قبل أيام، باسم اللجنة، عن موقف من الانتخابات القادمة في البحرين. هذا الموقف يمتزج فيه السخف والاستفزاز مع الجهل والغباء. البيان الذي أصدره عضوا الكونجرس جيمس ماكجفرن وراندي هالتجرن، هو بداية في منتهى السخف والاستفزاز في وجهة النظر التي يعبر عنها فيما يتعلق بالانتخابات. البيان ينتقد الانتخابات ويعتبر انها لا مصداقية لها لأنها تجري في ظل حل جمعية مثل الوفاق ومنع أعضائها من العمل السياسي، وفي ظل صدور احكام قضائية بحق قيادات منها. أي انهم يريدون تجاهل القانون في البحرين تماما، ويشككون صراحة في أحكام القضاء البحريني. يتجاهلون حقيقة ان هذه الإجراءات التي اتخذتها سلطات البحرين بحق الوفاق وغيرها تمت بعد ارتكاب جرائم طائفية مروعة بحق الوطن، وبعد محاولة انقلاب فاشلة قادوها لقلب نظام الحكم، وتمت بعد إجراءات قضائية طويلة مرت بكل المراحل وتوفرت فيها كل سبل الدفاع. نفس الشيء بالنسبة للذين صدرت ضدهم أحكام. هذه الأحكام لم تصدر الا بعد ثبوت ارتكاب جرائم موثقة. المهم هنا ان عضوي الكونجرس، وأعضاء لجنة توم لا نتوس هؤلاء بموقفهم هذا من القانون والقضاء في البحرين، يريدون ان يفرضوا على البحرين قانونهم هم، وأجندتهم هم. وهذا موقف في منتهى السخف والاستفزاز. الأمر الآخر انهم يعتبرون ان الانتخابات القادمة من الصعب ان تكون لها شرعية دولية إذا لم يتم تلبية الشروط التي يريدونها هم. هذا جهل فاضح. العالم كله يعلم ان كل الانتخابات البرلمانية والبلدية التي تجري في البحرين ومنذ سنوات طويلة جدا، تتوافر فيها كل المقومات والمعايير الدولية المتعارف عليها للحيدة والنزاهة. البحرين ليس لها أي تاريخ في تزوير الانتخابات، والعالم كله يعترف بهذا. هذا دون ان نتحدث عن صدور هذا البيان قبل ان تجري الانتخابات أصلا وقبل ان يعرفوا كيف ستجري وما هي الضمانات التي ستتوافر لنزاهتها. أما أعجب ما جاء بالبيان، فهو الشروط التي يطرحونها كي يكون للانتخابات شرعية ومصداقية في رأيهم. هم يطالبون بأن يتم التراجع عن حل الوفاق ورفع الحظر عن اعضائها، وإعادة رسم الدوائر الانتخابية، والافراج عن السجناء من قيادات وأعضاء هذه الجمعيات. هذا غباء مطلق. هم بما يطرحونه على هذا النحو يطلبون من الدولة ان تتراجع عن كل الإجراءات إلى اتخذتها دستوريا وقانونيا لحماية أمن واستقرار البلاد ولمواجهة المتآمرين فقط لأنهم يرون ذلك. وليس هناك غباء اكثر من هذا. أمران مهمان يرتبطان بهذا البيان يجب التنبيه إليهما: الأول: لمن لا يعلم، لجنة توم لانتوس هذه على امتداد السنوات الطويلة الماضية وخصوصا منذ 2011، كانت احد المعاقل الأساسية للترويج للقوى الطائفية الانقلابية في البحرين ومشروعها. عديد من المرات استضافت هؤلاء الطائفيين في ندوات وأفسحت لهم المجال للترويج للمشروع الطائفي. ودأبت اللجنة على إصدار البيانات التي تدعم هؤلاء وتروج الأكاذيب عن البحرين. وفي الأشهر القليلة الماضية عقدت هذه اللجنة عدة ندوات عن الانتخابات في البحرين ردد المشاركون فيها نفس الكلام الذي تضمنه البيان الأخير. والثاني: انه لا يمكن فصل هذا البيان وما جاء فيه عن تحركات القوى الطائفية عبر أعضائها الموجودين في أمريكا والغرب في الفترة الأخيرة. هؤلاء أعلنوا مثلا قبل أيام انهم بعثوا برسائل عن الانتخابات تتضمن بالطبع أفكارهم الطائفية إلى اكثر من 200 منظمة وجهة دولية. السؤال المهم هنا: ماذا فعلت الجهات الرسمية المسؤولة في الدولة في مواجهة هذه التحركات، وردا على المواقف التي تعلنها المنظمات والجهات الغربية مثل هذه اللجنة؟ لجنة حقوق الانسان بمجلس النواب أصدرت بيانا ترد فيه على بيان توم لا نتوس الأخير. وهذا امر جيد. لكن هذا بيان موجه لنا نحن في البحرين. المشكلة ليست هنا، وإنما في هذه اللجنة وغيرها عشرات من المنظمات والمراكز التي تستهدف البحرين. كيف تعاملت الجهات المسؤولة في السنوات الماضية مع هذه المنظمات والمراكز؟.. هل حرصت على التواصل مع هذه الجهات وأمدتها بالحقائق، وفندت آراءها ومواقفها المغلوطة؟.. هل سعت إلى تغيير مواقفها؟.. هل هناك خطة أصلا لهذا؟ كل هذه أسئلة معلقة لا نعرف إجابة عنها.
مشاركة :