جدة ــ البلاد ــ القاهرة ــ محمد عمر ــ احمد عادل لم يكن طلب التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن وقف تزويد طائراته بالوقود جواً من الجانب الأمريكي في العمليات الحربية محض صدفة، بل تأكيد على تنامي القدرات العسكرية للمملكة القائد الرئيس للتحالف، فالسعودية بما تملك من قوات ضخمة وطائرات مزوّدة بأحدث التقنيات العالمية وقدرات ذاتية عالية المستوى من الكفاءة والتدريب، جعلها في طليعة القوى الإقليمية فى العالم، هذا بخلاف ان المملكة تعد الدولة الرابعة عالمياً إنفاقاً على التسليح العسكري وتحديث المعدات والآليات بما في ذلك الطائرات الحربية متعددة المهام من الهجوم والاعتراض وطائرات التزود بالوقود. ويأتي طلب التحالف لوقف الجانب الأمريكي تزويد الطائرات بالوقود جواً في إطار التطور الكبير الذي تشهده قدرات المملكة العسكرية، بما في ذلك تعزيز الاعتماد على القدرات الذاتية. ويشير هذا القرار الحاسم إلى القدرات المتطورة، التي تملكها المملكة في مجال تزويد الطائرات بالوقود واستخدمت هذه القدرات في اليمن وكذلك في سوريا خلال مشاركتها في التحالف الدولي ضد داعش. يذكر أن التحالف العربي بقيادة المملكة طلب بشكل رسمي من الجانب الأمريكي وقف تزويد طائراته بالوقود جواً في اليمن. وقال التحالف في بيان إنه انطلاقاً من جهود المملكة والدول الأعضاء في تحالف دعم الشرعية في اليمن، للعمل بشكل مستمر على تطوير قدراتها العسكرية وتعزيز الاعتماد على قدراتها الذاتية، تمكنت المملكة ودول التحالف مؤخراً من زيادة قدراتها في مجال تزويد طائراتها بالوقود جواً بشكل مستقل ضمن عملياتها لدعم الشرعية في اليمن. وفي ضوء ذلك، وبالتشاور مع الحلفاء في الولايات المتحدة الأمريكية، قام التحالف بالطلب من الجانب الأمريكي وقف تزويد طائراته بالوقود جواً في العمليات الجارية في اليمن. ولم يخل قرار وقف التزود بالوقود من “واشنطن” رسائل تؤكد القدره والتمكن و جاهزية الجيش السعودي والقوات الجوية للعمل بما لديها من تجهيزات محلية مدربة ومستعدة لتزويد المقاتلات السعودية بالوقود في طلعاتها الجوية، فالمملكة اليوم تمتلك أسطول طائرات التزوّد بالوقود ولديها أكثر من 20 طائرة كانت أولى طائراتها قد دخلت الخدمة عام 2013 ثم ضاعفت العدد في السنوات الأخيرة لتكون من أوائل الدول التي تمتلك هذا الأسطول المهم في الشرق الأوسط لتنفذ العمليات العسكرية الجوية. كما أنه من أهم بنود رؤية السعودية 2030 توطين صناعة الطائرات وتدريب الكفاءات السعودية في هذا المجال الحيوي وتقنيات الصواريخ والمعدات العسكرية لتوفير مئات الوظائف ونقل تجارب الدول المصنعة للسلاح للسعودية، ولعلّ ولي العهد في جولاته الخارجية الاخيرة ركّز على توطين صناعة السلاح لجعل السعودية في مصاف الدول المتقدمة عسكرياً وبصناعة محلية تسابق العالم. ثمة رسالة اخرى حملها طلب التحالف لواشنطن بوقف تزوبد طائراته بالقود جوا، وهي قدرة التحالف على حسم معركة اليمن في اقصر وقت ممكن حال رغب في ذلك، بيد انه تمهل في تحقيق تلك الغاية لأكثر من ثلاث سنوات حفاظاً على أرواح اليمنيين الذين تتخذهم المليشيات الإيرانية دروعا بشرية في مختلف جبهات القتال، ولعل هذا ما أكد عليه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، يوم قال إنه باستطاعة قوات الشرعية اليمنية وقوات التحالف اجتياح صنعاء بريًا غدًا، وتسوية الصراع في أسبوع واحد، ولكن حقنًا لدماء المدنيين لم يتم ذلك. الى ذلك أكد عدد من السياسيين والخبراء الاستراتيجيين المصريين، أن المملكة وقيادتها الرشيدة، منذ نشأتها، تمثل الدرع الواقي للأمن القومي العربي، والسند الأول لقضايا الأمة، على الأصعدة كافة، وفي مواجهة جميع أنواع التحديات. واتفق الخبراء، في أحاديثهم لـ”البلاد” على أن الدور الذي تلعبه المملكة، منذ بداية عهدها على يدي الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، لم يتراجع أو يتهاون أمام تحديات جسام مرت بها الأمة وقال مدير وحدة الدراسات السياسية والمدير التنفيذي بمركز سلمان -زايد لدراسات الشرق الأوسط هشام البقلي أن المملكة حرصت على تنوع مصادر التسليح ما بين روسيا و الولايات المتحدة الامريكية واسبانيا وفرنسا وألمانيا حيث شهد عام2017 خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الى موسكو الاتفاق على توريد انظمة الدفاع الجوي المتطورة s400 و عددا من انظمة الرجم الصواريخي، وفى إطار توطين الصناعات العسكرية السعودية، يقول البقلى تعتزم المملكة توطين قطاع الصناعات العسكرية مما يدعم الناتج المحلي الاجمالي و ميزان المدفوعات و يوفر العديد من فرص العمل , تتم تلك الخطوة ضمن خطة ممنهجة تبدأ بالشراكة مع شركات الصناعه العسكرية العالمية. بدوره قال الباحث المتخصص فى الشأن العسكرى محمد فوزى السيد أن المملكة عززت قوة دفاعها الجوي خلال الاعوام الماضية حيث حصلت المملكة علي النظام المتطور باتريوت للمراقبة الميدانية و باتريوت “باك – 3” المتقدم كذلك قطع غيار نظام صواريخ باتريوت وهوك و توفير دعم فني و إصلاح و صيانه لتلك القطع كذلك حصلت على منظومتي صواريخ الدفاع الجوي شوراد و ميكا ذي الاطلاق العامودي الذي يمتلك ميزة الاطلاق المتعدد حيث تستطيع منصة واحده منه حمل 4 صواريخ تستطيع استهداف 4 اهداف خلال 6 ثواني فقط كما يعاد تلقيمه في 15 ثانية. وأضاف ” فوزى ” أن الدفاع الجوي السعودي بعد انضمام عدد كبير من بطاريات الدفاع الجوي إليه أصبح مختلفا كليا عما سبق وقد اثبت سلاح الدفاع الجوي السعودي تواجده على أرض الواقع من خلال التصدي المتميز للصواريخ البالستية وغيرها التى يتم إطلاقها من قبل مليشيا الحوثي في اليمن على الأراضي السعودية، حيث تصدت منظومة الدفاع الجوي إلى أكثر من 95% من الصواريخ التى أطلقتها المليشيات على المملكة منذ بدأ عاصفة الحزم فى عام 2014. وأشار” فوزى “أن سلاح الجو السعودي يمتلك أحدث الطائرات الحربية بالاضافة الي مروحيات النقل حيث تسعي المملكة الي تحقيق التفوق العسكري فيما يخص المعارك الجوية. وتأتى أهمية سلاح الجو فى المعارك وظهر هذا جليا فى قدرات القوات الجوية السعودية إصابة الأهداف بدقة متناهية خلال الفترة الماضية حيث تقوم القوات يوميا بتدمير أهداف حيوية للمليشيا الإيرانية بكافة المناطق اليمينة المسيطر عليها التنظيم ، كما ظهرت دقة وكفاءة الفرد المقاتل السعودي فى القدرة على إصابة الأهداف دون إحداث خسائر بشرية لدى المدنيين العزل رغم صعوبة هذا الأمر . ومن جانبه شدد مدير مركز سلمان -زايد لدراسات الشرق الأوسط محمد شعت على أن الترسانة البحرية السعودية تعد من أهم الترسانات البحرية على المستوي الأقليمي والدولي حيث يقع على عاتقها تأمين الحدود البحرية السعودية من كافة الجهات ، ولها مهام مشتركة فى تأمين التجارة العالمية من خلال باب المندب والخليج العربي ، كما أنها تجابه محاولات إيران تزويد الحوثي بالسلاح عن طريق البحر ، حيث تعمل البحرية السعودية كصمام أمان لمنع تدفق الأمدادت إلى المليشيات المسلحة . الى ذلك قال الخبير العسكري المصري اللواء حسين عبد الرازق،: “تشهد القوات المسلحة السعودية منذ فترة طويلة تطورا كبيرا في منظومتها القتالية وفي سعيها لامتلاك جيشا قويا يتناسب مع مكانتها الإقليمية في المنطقة العربية والعالم، لمواجهة التحديات التي تحيط بها سواء من إيران أو أي تهديد قد يطرأ، كما أنها قوة عسكرية كبرى في منطقة الخليج وهو ما يلقي عليها مسئولية كبيرة في ضرورة أن تتميز بالقوة والحداثة”. واستطرد عبد الرازق “تتميز القوات المسلحة السعودية بالمناورة، حيث تستطيع أن تنتقل من مكان لآخر بسرعة كبيرة وأن تدير العمليات ضد التهديدات التي تحيط بها بكفاءة عالية وأكبر دليل على ذلك قيامها بدور كبير جدا في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، حيث إنها تحمل على عاتقها مسئولية الحفاظ على الكيان اليمني ضد ميليشيا الحوثي وما تشكله من تهديد وتمزق وتفرق في اليمن لصالح قوة أخرى -إيران- تعمل على الإضرار بالأمن القومي ليس فقط للسعودية ولكن للعالم العربي ككل”. وأشار إلى أن القوات العسكرية السعودية تقوم بتنفيذ الكثير من المناورات مع عدة دول بهدف رفع الكفاءة العسكرية لأفرادها، قائلا: “الجيش السعودي يعمل مع مصر في منظومة واحدة للحفاظ على الأمن القومي العربي، حيث يتم إجراء مناورات مشتركة في كثير من المجالات «البرية، الجوية، البحرية» لتبادل الخبرات ورفع جاهزية القوات، فضلا عن جهود الحفاظ على أمن البحر الأحمر”. وأضاف “القوة العسكرية السعودية في تطور كبير في مجال الطيران، البحرية، البرية، الدفاع الجوي، وتعمل على التطوير والتنمية، لتتماشى مع قوة المملكة الإقليمية في المنطقة وتشكل ردع لجميع التهديدات المحيطة بها والتي تستهدف الإضرار بأمن السعودية على وجه الخصوص وأمن الوطن العربي في العموم”. ولفت إلى أن المملكة ترسل الكثير من أبنائها العسكريين لكافة الدول ذات الخبرات الكبيرة في مجال التدريب العسكري، لتلقي التدريبات اللازمة لتطوير مهاراتهم باستمرار، فضلا عن إرسال بعثات خارجية للدول الأوروبية، للاطلاع على مستجدات الخبرات العالمية في مجال التدريب العسكري والحصول على أرقى الدورات العالمية وهو ما ينعكس بشكل كبير على رفع كفاءة الجيش السعودي القتالية”. وتابع “تسعى المملكة لتنمية المهارات التكتيكية لدى عسكرييها، وهناك الكثير من الزيارات المتبادلة بين السعودية وعدة دولة لتنمية المهارات واكتساب كل ما هو جديد ومتطور في عالم التدريب وتنمية الكفاءة، سواء في مجال المعاهد والكليات العسكرية أو حتى مراكز التدريب، فضلا عن تنمية مهارات الوحدات بتبادل الزيارات مع الدول المتقدمة عسكريا، حيث إنها منفتحة على العالم بشكل كبير في هذا الأمر”. وحول تقييمه للطفرة التي تشهدها القوات المسلحة السعودية، قال اللواء أركان حرب محمد الشهاوي، المستشار بكلية القادة والأركان في مصر: “القوات المسلحة السعودية ذات مركز متقدم على مستوى العالم، ويمتلك الجيش السعودية عقيدة قتالية راسخة، فضلا عن منظومة التسليح المتطورة، ومشاركتها في العديد من التعاونات العسكرية مع عدد من الدول وجهودها الحثيثة لطرد ميليشيات الحوثيين المدعومة من إيران وإعادة الاستقرار إلى اليمن بالتوازي مع قيامها بإرسال القوافل الإغاثية لمساعدة اليمنيين”. وأضاف الشهاوي “هناك تدريب مشترك بين القوات المسلحة السعودية ومصر، وآخرها كان التدريب البري المشترك تبوك 4، الذي شهدته المنطقة الجنوبية العسكرية في مصر، والتدريب المشترك مرجان للقوات البحرية، والتدريب المشترك فيصل للقوات الجوية، كما شاركت السعودية في تدريب النجم الساطع مع الولايات المتحدة الأمريكية وكل هذه التدريبات تهدف إلى تبادل الخبرات العسكرية والاستفادة من التطورات الحادثة في هذه البلدان”. وتابع “يتم تطوير التدريب داخل الجيش السعودي بشكل مستمر ويتم رفع الكفاءة القتالية للمقاتل السعودي، وهو ما انعكس على تحقيقات نجاحات وتطورات كبيرة في اليمن من خلال قوات التحالف العربي وتقديم مستوى متميز خلال التدريبات المشتركة مع جيوش الدول الصديقة”. من جانبه، قال اللواء أركان حرب محمد زكي الألفي، أحد أبطال الفرقة الـ16 في الكتيبة 18 خلال حرب أكتوبر: “يشهد الجيش السعودي نقلة كبيرة في تدريب وتهيئة قواته وتطويرها، حيث إن بها فكر راقي في الاستخدام على أساس ما يحيط بالمملكة من تحديات وتهديدات، وهو ما وضح بشدة خلال الفترة الأخيرة من خلال الاستهداف الممنهج لها”. وأضاف الألفي “للقوات المسلحة السعودية دور كبير في تأمين مسار ناقلات البترول خاصة في منطقة مضيق هرمز والبحر الأحمر، حيث إن هذه الأعمال تحتاج لتدريب راقٍ من نوع خاص وهو ما يتوفر في الجيش السعودي، فضلا عن التعاون الوثيق بينه وبين الدول الأخرى في مواجهة هذه العدائيات من قبل بعض القوى المعادية”. وأشار اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق، إلى أن الجيش السعودي يتميز بالتسليح العالي والحديث، فضلا عن تنظيمه العديد من التدريبات المشتركة مع العديد من الدول، مضيفا “المناورات المكثفة التي أجراها الجيش السعودي على مدار العامين الماضيين، ساهمت بشكل كبير في رفع كفاءة أفراد الجيش”. وبشأن انعكاس الحرب التي تقودها المملكة ضد ميليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن على قوة الجيش السعودي، أضاف الغباري “لاشك أن أي حرب تخوضها الجيوش تساهم بقوة في تعزيز ثقتها بنفسها وإكسابها خبرة كبيرة في القتال وتجعل الجميع يهاب أفرادها، نظرا للنجاحات التي تم تحقيقها في مواجهة هذه الميليشيات المدعومة من إيران”. فالمملكة تواجه إيران عبر عصابة تتمترس بالمدنيين وشدد على أن الكفاءة القتالية للجندي السعودي قد ارتفعت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ جدا، متابعا “السعودية ترصد ميزانية ضخمة جدا لتسليح جيشها وهو ما ساهم في رفع شأنها عسكريا لمكانة عالية، وهو ما يمثل حائط صد كبير ضد أية مؤامرات خارجية”. وأكد العميد اللواء أركان حرب عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، أن المملكة تمتلك قوات مسلحة لها تصنيف عالمي متقدم للغاية، يصرف عليها سنويا ميزانية كبرى تتناسب مع حجم الأعباء الملقاة على عاتقها، مشيرا لوجود تهديدات للمملكة من كافة الجهات. بدوره، أكد اللواء أركان حرب، ناجي شهود، الخبير العسكري المصري، أن التصنيفات التي تصدر عن الجهات الغربية لأوضاع الجيوش في العالم، لا يجب أن تأخذ في عين الاعتبار، معتبرا أنها تصنيفات سياسية في المقام الأول تهدف إلى النيل من عزيمة الدول حتى تطمئن لهذا التصنيف وتتوقف عن تطوير قوتها العسكرية. وحذر شهود من الاعتماد على هذه التصنيفات كتقييم داخلي لأي دولة، مشيرا إلى أن القوات العسكرية السعودية نجحت إلى حد كبير في الحفاظ على أمن وأمان المملكة ومواردها واقتصادها وقال: “القوات المسلحة في المملكة، هي ذراع قوي للشعب السعودي وقادرة على تأمين الأراضي السعودية والمقدسات الدينية إلى يوم الدين”. وأضاف “كل جديد يضاف إلى التسليح هو شيء رائع وراقٍ ولابد من ضمان استمرار مصادر التسليح وموارد الصيانة، حتى لا يتسبب أي ظرف طارئ في حدوث خلل في هذا الأمر، ما قد ينتج عنه تعطيل تطوير الوحدات المختلفة، حيث إن السعودية تواجه الآن هجمة منظمة ولكننا نثق في قدرتها على تجاوز هذا الوضع بفضل إرادة شعبها وجيشها وهو قادر تماما على صيانة أسلحته ومعداته”.
مشاركة :