لماذا وافق مجلس النواب على ضريبة القيمة المضافة؟ قال: لا بديل عنها وعن التوازن المالي.. وإلا انهيار تدريجي لاقتصادنا!! كان سيترتب على الرفض تجميد مسيرة الخير في البحرين تماما لا تتركوا فرصة لمن يلعب بأعصابكم.. لا توجد دولة يمكنها رفض تطبيق هذه الضريبة أقسم بالله أننا لم نتعرض لأي ضغط من أحد لإجبارنا على التصويت على القانون النائب عادل بن حميد عضو اللجنة المالية بمجلس النواب هو من نواب الفصل التشريعي الرابع القلائل الذين يقفون عند كلمتهم.. وعند رأيهم أو قناعاتهم مهما كلَّفه ذلك.. يعرفه الجميع أنه الصريح إلى أبعد الحدود.. وإن كانت صراحته تجيء دائمًا متوافقة مع مصلحة الوطن والمواطنين. من هذه المنطلقات اخترته للتحاور معه حول ضريبة القيمة المضافة «ما لها وما عليها».. وعندما قلت له يُقال إنك قد «بصَمْتَ» مع زملاء لك على مشروع قانون القيمة المضافة، قال: نحن لم نبْصُم.. ولكننا انتصرنا لمصلحة المواطن بالدرجة الأولى.. وعليك أن «تطقطق» أذنيك لتستمع إليَّ جيدًا.. وإلى ما سأقوله لك بصراحة شديدة ومن دون مواربة. قال النائب بن حميد: إن البديل الوحيد عن «القيمة المضافة» وعن برنامج التوازن المالي هو انهيار تدريجي للاقتصاد الوطني.. وهذا الانهيار يعني أيضًا أن الحكومة لن تتمكن من صرف علاوات الغلاء لمستحقيها، ولا امتيازات وحقوق المتقاعدين، ولا حتى العلاوات الدورية للموظفين، وغير ذلك من الامتيازات. وقال: كل دول مجلس التعاون مُلتزمة بتطبيق هذه الضريبة؛ لأنها تأتي في إطار اتفاقية خليجية.. وليس الكلُّ رافضًا لهذه الاتفاقية، فجميع من تحاورتُ معهم متفهمون لقرار المجلس النيابي.. كما أنه ليس صحيحًا أن مجلس النواب قد مُورس عليه ضغطٌ من أي جهة للتصويت لصالح هذا القانون.. فقد كانت قناعاتنا واجتهاداتنا هي الفيصلُ. ومن منطلق صراحته المعهودة قال بن حميد: إن أيَّ مترشح أو جمعية سياسية أو غيرها تعدُ الناس بأن بمقدورها إلغاء القيمة المضافة فإنها تبيع الأوهام للناس.. ومثلهم من يدَّعون أنه بمحاربة الفساد وتقليل المصروفات يمكننا أن ننقذ اقتصادنا مما وصل إليه.. ثم قالها بشكل أشدَّ صراحة: كان بإمكاني دغدغة مشاعر الناس والإقدام على رفض القانون.. ولكنني فضلت أن أكون صريحًا وأقف في صف مصلحة الوطن والمواطنين وليس غيرها أو بعيدًا عنها. وفي حوارنا قال النائب عادل بن حميد الكثير الذي يستحق الوقوف عنده إلى درجة الاعتزاز به.. قال الرجل: إن إقرار قانون ضريبة «القيمة المضافة» قد جاء في أوضاع في غاية الصعوبة تعيشها المملكة، وهذه الظروف تطلبت حصول المملكة على دعم خليجي يقدر بـ10 مليارات دولار.. مع مراعاة أن هذا الدعم مقابل الالتزام بالعمل على زيادة موارد الدولة، وأهم محاور هذه الزيادة هو ضريبة القيمة المضافة التي ستحقق للموازنة العامة للدولة 270 مليون دينار سنويا.. وبصراحة، هذه الضريبة لا يمكن للبحرين أن تتملص منها لأنها في إطار اتفاق خليجي موقع عليه من الجميع.. وقد سبقتنا إلى تطبيقها كل من السعودية والإمارات.. وإذا كانت هناك دول لم تطبقها فإنها في طريقها إلى التطبيق.. لذا؛ فإن من يدَّعي أن بوسعه الابتعاد عن هذه الضريبة فهو واهمٌ.. كما أنه قانونيا ودستوريا ليس بوسع أي دولة أن تغير حرفًا واحدًا من اتفاقية هذه الضريبة. ويؤكد بن حميد أن: هدف ورأي مجلس النواب هو مصلحة المواطن؛ ولذلك رفضنا التعديلات على قانون التقاعد الذي كان سيلغي مستحقات ومزايا المتقاعدين، ووافقنا على قانون ضريبة القيمة المضافة لأنه في مصلحة الوطن والمواطنين أيضا، وكان رفضه سيسبب أضرارًا لا حصر لها للجميع، ومنها حدوث انهيار اقتصادي، وتراجع سعر صرف الدينار، ولجوء الحكومة إلى إجراءات تقشفية ضخمة، ووقف الدعم المالي لذوي الدخل المحدود... إلخ. وقال: تراجع سعر صرف الدينار البحريني هو وحده كارثة.. لأن معناه ارتفاع التضخم وتراجع المستوى المعيشي للمواطنين، وهروب رؤوس الأموال ومعها الشركات إلى خارج البحرين، وارتفاع نسب البطالة. ويؤكد النائب عادل بن حميد: إن البحرين بحاجة إلى الأصوات العقلانية التي تقدم مصلحة الوطن والمواطنين على كل شيء بما فيها المعارك السياسية والانتخابية. تفاصيل الحوار وفيما يأتي نقدم نص الحوار مع النائب عادل بن حميد: المطالبون بعدم التصويت للمترشح الذي قال.. نعم!! قلت: هل تعلم أن هناك غضبا لدى البعض إزاء قرار مجلس النواب إقرار «القيمة المضافة»، إلى درجة مطالبة البعض بعدم التصويت للنائب الذي وافق على القانون؟ } نعم.. أنا شخصيًّا من خلال لقاءاتي وزياراتي في المجالس وجدتُ أن من أبرز الموضوعات التي كان الناس يستشكلون عليها ويسألون عنها هو موضوع ضريبة القيمة المضافة، وهذا الأمر متفهّم، وخصوصًا في ظل حرب الشائعات، وفي ظل استغلال الموضوع في المزاد السياسي والانتخابي. ومن حيث المبدأ فإن من حق جميع الناس أن يكون لهم موقفٌ ورأيٌ في أي موضوع عام يمسُّ حياتهم المعيشية، ومن حقّهم ممارسة جميع أشكال الاعتراض والاحتجاج على أي قانون، فنحن ولله الحمد نعيش في بلدٍ ديمقراطي متاح فيه للناس التعبير عن آرائهم في نطاق الدستور والقانون. لذلك؛ فمن حقّ أي شخص أن يُطْلق أي دعوة ما لم يكن فيها مساسٌ أو اعتداءٌ على الآخر، ومن حق كل مواطن أن يصوِّت للمترشّح الذي يراه معبرًا عن توجّهاته وآرائه. وفي الوقت نفسه، فإن من حق المواطنين أن يطلعوا على حقيقة الأوضاع كما هي عليه، من دون اعتماد الإثارة الإعلامية والانتخابية. وفيما يخص ضريبة القيمة المضافة، فإن جزءًا من الغضب لدى الناس بسبب عدم اطلاع الكثيرين منهم على الخيارات المُتاحة وحقيقة الأوضاع. وأنا شخصيا عندما تحاورت مع كثير من الناس، وشرحت لهم طبيعة الخيارات الصعبة التي أمام البحرين وحقيقة الموقف وحيثيات اتخاذ هذا القرار، وجدتُ أن هناك تفهما كبيرًا لدى الناس لهذا القانون. لكن لماذا صوَّت المجلس على القانون بالموافقة؟ ولكن.. لم تخبرنا لماذا صوَّت مجلس النواب على هذا القانون مع وجود الكثير من اللغط حوله والاعتراضات الشعبية؟ } لا يخفى على أحد أن الوضع الاقتصادي في المملكة كان في تراجع، والتصنيف الائتماني كان ينخفض بشكلٍ تدريجي، حتى وصل إلى مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي أصبح يتهدّد سعر صرف الدينار البحريني. ومن هنا كانت البحرين بحاجة إلى سيولة مالية تنتشل الوضع الاقتصادي مما كان يسير فيه من تدهورٍ مستمر. وهنا جاء الدعم الخليجي من ثلاث دول شقيقة، وهي المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت. وقد جاء هذا الدعم وفق برنامج يجب أن تلتزم به البحرين، وهو برنامج التوازن المالي.. هذا البرنامج يهدف إلى الوصول إلى نقطة التعادل في سنة 2022م، وهي النقطة التي تتساوى فيها الإيرادات والمصروفات.. فاليوم ما نعيشه من أزمة اقتصادية ودَيْن عام وصل إلى 13 مليار دينار هو بسبب استمرار عجز الميزانية العامة للدولة سنوات طويلة؛ إذ تزيد المصروفات على الإيرادات بواقع مليار دينار سنويًّا وأكثر، الأمر الذي كان يضطر الحكومة إلى الاقتراض. ما هي علاقة القيمة المضافة بالتوازن المالي؟ ولكن ما علاقة برنامج التوازن المالي والدعم الخليجي بموضوع ضريبة القيمة المضافة؟ } أجاب بن حميد: ضريبة القيمة المضافة هي جزءٌ من التزامات البحرين فيما يتعلق بالدعم الخليجي وتطبيق برنامج التوازن المالي؛ فالدعم الخليجي المقدر بـ10 مليارات دينار تمَّ في ضوء توقيع المملكة على الاتفاقية الإطارية للتوازن المالي، والتي تنصّ على 6 مبادرات إحداها تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة. فقانون الضريبة المضافة إذن هو التزامٌ يجب أن تقوم به البحرين للحصول على الدعم الخليجي وتطبيق برنامج التوازن المالي. ولكن البعض يقول: لماذا لم تقم البحرين بتأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة على غرار بعض دول مجلس التعاون الخليجي؟ } البحرين لا تستطيع التأجيل لأن اقتصادها الوطني محتاج إلى عوائد ضريبة القيمة المضافة أكثر من غيرها من الدول لمعالجة الخلل الكبير الذي تعاني منه وتزايد الدين العام إلى معدلات خطرة جدًّا، ثم إن التأجيل لن يعني شيئًا؛ فأنت في نهاية المطاف سوف تقوم بتطبيقها عاجلاً أو آجلاً. وجميع دول مجلس التعاون الخليجي سوف تقوم بتطبيقها، لأنها اتفاقية خليجية، وهذه نقطة مهمة وجديرة بالانتباه، وهي أن تطبيق القانون ليس شأنًا بحرينيًّا فحسب، بل هو اتفاق خليجي ليس بإمكان البحرين أن تتملّص من تطبيقه، مع العلم أن الاتفاق يقضي بتطبيق القانون في بداية عام 2018. وقد سبقتنا دول إلى تطبيق القانون؛ كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. إذا كان اتفاقًا خليجيًّا، فلماذا لم تطبقه بعض دول مجلس التعاون؟ } نعم هو اتفاق خليجي، وبعض الدول بادرت إلى تطبيقه كما أوضحت؛ مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، أما الدول الأخرى فهي في طريقها إلى تطبيقه، وتأخرها نابع من عدم جاهزيتها للتطبيق، إذ إن التطبيق يحتاج إلى استعداد لوجستي وتقني كبير، ونحن بفضل الدعم الخليجي سيكون لدينا القدرة على الاستعداد لهذه المرحلة. هناك من يستشكل على مجلس النواب أنه صوَّت على القانون من دون أي نقاش، ومن دون أن يُدْخِلَ أي تعديلات على القانون تصبُّ في صالح وضع استثناءات لشرائح ذوي الدخل المحدود وتراعي الأوضاع المعيشية للناس؟ } يقول النائب عادل بن حميد: أولاً.. القانون في صيغته الحالية جاء مراعيًا للظروف المعيشية للمواطنين عمومًا ولذوي الدخل المحدود بشكلٍ خاص، وإن ليس بمستوى الطموح.. فالضريبة وفق القانون الذي صوَّتنا عليه لن تُطبّق على السلع الغذائية الأساسية، إذ استثنى 97 سلعة غذائية أساسية لن يطولها أي ضريبة. وهذا الأمر يُحسب للقانون، كما لن يطول بعض القطاعات المهمّة؛ كالقطاع العقاري، ومن ثم لن يؤثر على شراء الناس للأراضي والمنازل. ومن جهة أخرى، فإن القانون وصلنا من الحكومة في صيغة مرسوم بقانون، وهذا يعني بحسب الدستور عدم إمكانية إجراء أي تعديل عليه من قِبَل مجلس النواب، فإما موافقة، وإما رفضا كاملا للقانون، ولا شكّ أن تشخصينا هو ضرورة أن يمرَّ هذا القانون. مع إمكانية إجراء تحسينات عليه بعد تطبيقه في الفترة القادمة، وسيكون بإمكان النواب في المجلس التشريعي القادم تقديم المقترحات التي من شأنها إدخال التحسينات والتطوير على القانون، ولكن في إطار الاتفاقية الخليجية لا يمكن أن تجري تغييرًا جذريًّا أو تعديلاً على القانون يتعارض مع أصل الاتفاقية الخليجية. الشعارات الجوفاء تضرنا!! بعض المترشحين ذكروا في برامجهم الانتخابية أنهم سيسعون من أجل إلغاء ضريبة القيمة المضافة أو إجراء تعديل جذري عليها بحيث تشمل التجار فقط؟ } قال: هذا يسمونه بيعَ أوهام للناس لأهداف انتخابية بحتة. وقد وجدت بعض المترشحين يتبنون هذا الموضوع، وربما بعض الجمعيات السياسية، بشكلٍ أو بآخر، من خلال الإيحاء بأن القانون مرفوضٌ شعبيا، ومن ثم لكونها معبّرة عن الشعب فإنها ستسعى لإلغائه. القانون كما سبق أن شرحت هو اتفاق خليجي، فهل بإمكان البحرين أن تقول لدول الخليج سوف أنسحب من الاتفاق؟!! أنا ذكرتُ في تصريح سابق ضرورة أن يرتقي بعض المترشحين بخطاباتهم، وأن يتركوا المزايدة في هذا الملف؛ فالوضع الاقتصادي الذي تمرّ به المملكة حسّاس جدًّا، ولا يتحمل شعارات جوفاء وتحركات تنم عن مراهقة سياسية. يطرح بعض الناس تساؤلات حول إذا ما كانت البحرين تحتاج إلى الأموال لسدِّ العجز في الميزانية ومواجهة الدَّيْن العام، فلماذا لا يبدأ مجلس النواب بمحاربة الفساد؟! فهذا تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية في تقريره السنوي يوفّر للنواب تقارير مهنية وبالأرقام عن الهدْر المالي في الوزارات والهيئات الحكومية، ولكن مجلس النواب لا يقوم بواجبه بحسب بعض الناس، فلماذا لا يُحارب النواب الفساد ويأخذوا هذه الأموال المهدورة لسدّ العجز؟ } أجاب: هذا طرح مبسط جدًّا للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المملكة. وبخصوص تقرير ديوان الرقابة المالية فإن أغلب المخالفات المذكورة فيه في السنوات الماضية هي مخالفات إدارية، وحتى المخالفات المالية يتعلّق كثير منها بعدم عرض كثير من المشتريات الحكومية في مجلس المناقصات، أو عدم الالتزام بالدليل المالي الموحّد الذي وضعته وزارة المالية، أو وجود متأخرات مالية لصالح جهات حكومية؛ مثل متأخرات لهيئة الكهرباء من شركات ومواطنين تخلفوا عن دفع الفواتير، أو متأخرات لصالح وزارة البلديات من شركات ومواطنين، وليست هناك سرقات واضحة.. نعم هناك شبهات، وتم إحالة بعضها إلى النيابة العامة، فهناك تحسّن مستمرٌّ في أداء الجهات الحكومية في الحفاظ على المال العام، وهذا أمر لا يمكن نكرانه، وأي شخص يُقارن بين تقرير ديوان الرقابة المالية قبل عشر سنوات والآن يجد أن هناك تغيرًا وتطورًا في أداء الجهات الحكومية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، حتّى لو سلمنا بوجود هدْرٍ للمال العام، فهذه الأموال المهدورة لا يمكنها معالجة سوى جزءٍ يسير من الأزمة المالية؛ فالأزمة أكبر من وجود هدْر مالي هنا وهناك، الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد كبيرة، وتحتاج إلى سلَّة متنوعة من الحلول، وإلى مجموعة مبادرات، إحدى هذه المبادرات كانت ضريبة القيمة المضافة. لماذا لا تُفرَض ضرائب على التجار؟ ولكن هناك من يقول: لماذا لم يقُم مجلس النواب بفرض ضرائب على التجار بدلاً من أن يفرضها على المواطنين؟ } يقول بن حميد: أنا مع هذا التوجّه، وتمّ تطبيق مقترح بقانون في مجلس النواب بهذا الخصوص، وشخصيًّا كنتُ من الداعمين له. وفي الوقت نفسه يجب ملاحظة أنه ينبغي أن يكون هناك توازنٌ في موضوع فرض ضرائب على التجار؛ لأنها ستنعكس أيضًا على المواطنين من خلال غلاء الأسعار والخدمات. أيضًا يجب الإشارة إلى أن التجار ليسوا بعيدين عن موضوع تحصيل الأموال منهم لصالح خزينة الدولة، إذ إن دعم الكهرباء تم تقليله تدريجيًّا على الشركات، وقريبًا سيكون على الشركة أن تدفع الكهرباء من دون أي دعم حكومي، إذ سيتم احتساب 29 فلسًا عن كل وحدة في فاتورة كهرباء الشركات، وهذا الأمر سيرفع الفواتير على الشركات أضعافًا مضاعفة، كما تم زيادة كثير من الرسوم الحكومية على التجار بشكل كبير جدًّا أدى إلى إرهاق التجار وإخراج عديد من الشركات من السوق بسبب كثرة الأعباء المالية. فالوضع ليس كما يصوّر بعض الناس أن التجار بعيدون عن تحصيل الأموال منهم لصالح خزينة الدولة. هناك من قال إن النواب تعرضوا لضغوط من أجل التصويت على ضريبة القيمة المضافة؟ } أنفي بشدة هذا الاتهام جملة وتفصيلاً. صوَّتنا بكامل قناعتنا لصالح القانون بعد أن استمعنا إلى استشارات وشروحات من الحكومة ومن عدّة خبراء ومستشارين قانونيين واقتصاديين في مجلس النواب. ولكن.. كيف تسنّى لكم دراسة القانون دراسة وافية وقد تسلمتموه في اليوم نفسه الذي تم إقراره فيه؟ } نعم، كان ذلك اليوم شاقًّا ومُرهقًا. وكما أوضحتُ لك سابقًا أن القانون تمت إحالته إلى النواب في صيغة مرسوم بقانون، بمعنى أننا بحسب الدستور ليس بإمكاننا إجراء تعديلات عليه، فإما الموافقة وإما الرفضُ. وهذا الأمر سهَّل المهمة، من حيث إننا شرعنا في قراءة المذكّرة الإيضاحية التي أرسلتها الحكومة والتي تضمنت شرحًا وافيًا عن مرسوم القانون وأهدافه وغاياته ومبادئه، كما قرأنا القانون قراءة نتأكد من خلالها عدم مخالفته للدستور، مع إيماننا المسبق بأهميته وأنه يأتي في ضوء اتفاق خليجي، كما استمعنا في اليوم نفسه إلى شروحات وافية من خبراء اقتصاديين ومستشارين، وتناقشنا معهم وطرحنا جميع أسئلتنا. فلا يمكن أن نوافق على أي قانون من دون أن يكون لدينا إلمام بمضامينه. ما حكايةُ الغرفة المغلقة؟ وماذا دار في الغرفة المغلقة بينكم وبين المستشارين والحكومة من مناقشات أفْضَت إلى اقتناعكم بمرسوم القانون؟ } أجاب: باختصار، توصلنا إلى قناعة بأن البحرين بين خيارين لا ثالث لهما؛ الخيار الأول هو انهيار اقتصادي تدريجي في حال لم تحصل على الدعم الخليجي، أو الحصول على الدعم وإنقاذ الاقتصاد من الانهيار. وفي حال الانهيار الاقتصادي فإن مشكلات عديدة سوف تنفجر ولن يكون بإمكان الحكومة الوفاء بالكثير من التزاماتها، وخصوصًا إذا تراجع سعر صرف الدينار البحريني. وفي ظل الانهيار ستلجأ الحكومة إلى إجراءات تقشفية صعبة، منها وقف المعونات الاجتماعية كالدعم المالي لذوي الدخل المحدود وعلاوة تحسين المعيشة للمتقاعدين، وربما تطول الإجراءات أمورًا أخرى. من جهة أخرى، فإن تراجع سعر صرف الدينار البحريني معناه ارتفاع التضخم، وتراجع المستوى المعيشي للمواطنين، فشخص يتسلم راتبًا قدره 300 دينار شهريًّا، ستكون قيمة الـ300 دينار بعد تراجع العملة أقل. فضلا عن المشاكل الكبرى الأخرى التي ستتفجر، ومنها هروب رؤوس الأموال والشركات من البحرين وارتفاع نسب البطالة بشكل مخيف وتوقف التوظيف في القطاع الحكومي بشكل نهائي. ألا تعتقد أنك تبالغ؟ ألا تعتقد أنّك تبالغ في توصيف الحالة في حال عدم إقرار القيمة المضافة؟ هل من المعقول أن الخيارات ستكون معدومة إلى هذه الدرجة؟ } قال عضو اللجنة المالية بمجلس النواب: أنا أتحدث في حال رفض القيمة المضافة، الأمر الذي يعني رفض الدعم الخليجي المقدّر بعشرة مليارات دولار، وهذا الأمر غير مبالغ فيه أبدًا، ولك في الدول التي وصلت إلى وضعنا ولم تحصل على الدعم المطلوب ولم تتخذ الإجراءات اللازمة لخفض مصروفاتها وزيادة إيراداتها عبرة. وبإمكانك الرجوع إلى تقارير وكالات التصنيف الائتماني ونظرتها السلبية عن اقتصاد المملكة قبل الحصول على الدعم الخليجي، وقد تغيّرت هذه النظرة منذ أن قرّرت دول مجلس التعاون الخليجي مشكورةً دعم اقتصادنا. ولكن.. هناك سؤال مهم.. وهو: هل ضريبة القيمة المضافة قادرة على انتشالنا من الانهيار الاقتصادي؟ } أنا لم أقل إن الضريبة وحدها سوف تنتشل البلاد من الأزمة الاقتصادية.. الأزمة المالية كبيرة جدًّا، والدعم الخليجي الذي يتضمن في أحد محاوره فرض ضريبة القيمة المضافة هو الحل الأبرز، مع العلم أن العوائد السنوية المتوقعة من ضريبة القيمة المضافة ستكون حوالي 270 مليون دينار، وهو عائد جيد سيرفع الإيرادات الحكومية. برأيك، ماذا نحتاج اليوم لكي نوصّل إلى الناس الصورة الصحيحة عن قانون ضريبة القيمة المضافة؟ } أجاب بن حميد: أعتقد أن المملكة بحاجة إلى الأصوات العقلانية الواقعية التي تقدّم مصلحة المملكة واقتصادها على المعارك السياسية والانتخابية. أنا شخصيًّا، كان بإمكاني أن أصوت بـ«لا» على قانون ضريبة القيمة المضافة وأدغدغ مشاعر الناس بهذا التصويت وأوهمهم بأنني وقفت إلى جانبهم ومعهم ضد فرض أي رسوم عليهم. أنا وكثيرون غيري من النواب وقفنا ضدّ كثير من القوانين التي رأينا فيها انتقاصًا من حقوق الناس ومكتسباتهم؛ مثل قانون التقاعد الذي أحالته الحكومة إلى المجلس. ولكن في موضوع ضريبة القيمة المضافة وجدنا أن المصلحة العامة تقتضي الموافقة عليه؛ لأن الخيارات الأخرى ليست في مصلحة الوطن ولا المواطن. لذلك، أعتقد أن إعلامنا الرسمي مسؤولٌ عن توضيح الصورة الحقيقية للناس، وأيضًا كل الخبراء والاقتصاديين المطلعين على حقيقة الوضع عليهم توضيح الأمر للناس.
مشاركة :