مازال بحّارة البحرين يصرخون: أنقذوا البحر، أو بالأدق: أنقذوا ما تبقى منه! بحّت أصوات البحارة وغيرهم وهم ينادون بالحفاظ على بيئتنا البحرية، التي أصبحت مرتعا لعمالة «الفري فيزا» وعَبثهم الذي لا ينتهي بمقدرات الوطن وخيراته، وفي كل مكان. كنّا نشتكي من الدفان الذي دمّر نصف بيئتنا البحرية، ليأتي الصيد الجائر عبر شباك الكراف التي تلتهم صغار السمك وتدمر محاضنه بصورة عشوائية، والمتسبب فيما سبق عمالة آسيوية تحت غطاء بعض البحارة البحرينيين وللأسف الشديد! تبحث عن القوانين الرادعة فلا تجد سوى التصريحات غير الملزمة وغير المطبّقة، والتي لا نرى لها تحركا حقيقيا وجديا على أرض الواقع. أي دولة تتمتع بهذه النعمة البحرية تعتبر المخزون السمكي وبيئتها البحرية ثروة قومية، بل إنها تضع القوانين والجزاءات لحمايتها من اللصوص والعابثين، عبر غرامات باهظة وعقوبات صارمة بعضها يصل إلى السجن. بينما لدينا، وفي الوقت الذي انخفض فيه مخزوننا السمكي بنسبة تقارب 90%، ولأسباب معروفة ومحددة، مازلنا نتفرج وكأن الأمر لا يعنينا! تخيلوا أن الآسيويين يقومون بالكراف لصيد الربيان، أما الكمية التي يصطادونها -بحسب كلام البحّارة المنشور بالأمس في أخبار الخليج- فهي لا تتجاوز 30%، بينما الكمية الأخرى عبارة عن اسماك صغيرة يُعبث في محاضنها، وكائنات بحرية يتم تدمير مواقعها وبيئتها البحرية، وللأسف لا نسمع عن خطوات جادة في الحساب والعقاب حتى يرتدع أولئك الجناة! المشكلة ليست فقط في الآسيويين، ولكن في بعض البحارة البحرينيين الذين يقومون بتأجير رخصهم لتلك العمالة لاستنزاف بحرنا وخيراته. زمان كنا نستمتع بأنواع كثيرة من الاسماك التي اختفت اليوم من بحر البحرين للأسباب السابقة. برودكاست: ارتباط اسم البحرين بالبحر، كنز وتراث وحضارة وثروة. الدول تشتري الكنوز والثروات وتسرق التراث والحضارة حتى تتباهى وتتفاخر، بينما نحن نمتلك كل ما سبق، لكننا مهملون في المحافظة عليه إلى أن يتلاشى أو يندثر. نشرنا سابقا عن صنعة «لقلافة» وهي مهنة صناعة السفن التي تكاد أن تختفي، واليوم نتحدث عن بيئتنا البحرية ومخزوننا السمكي الذي انخفض انخفاضا رهيبا ومأساويا، بسبب «فساد» صنعته أيدي الناس، أسهم فيه غياب دور الدولة في المحافظة عليه ومحاسبة من تسوّل له نفسه العبث فيه وتدميره.
مشاركة :