فتحت القرية التراثية التابعة لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، أبوابها، مع انطلاق موسم القرية العالمية بدبي ال 23، لتعيد ربط الماضي بالحاضر، وتفيض بالإبداع اليدوي من نقش وحياكة وحرف إماراتية وسرد شفاهي، لقصص وحكايات تجود بها ذاكرة سكان القرية المؤلفة من نماذج تعكس البيئات التي ارتبطت بها حضارة الإمارات. لم يتغير الزمن في تلك الواحة المتكاملة، فهي لا تزال تجمع في تناسق بديع بين شريان الحياة المرتبط ببيئة البداوة وأهل الجبل والساحل، وتطل فيها المساكن على تفاصيل لا يعرفها سوى من عاصر تلك الفترات الزمنية. وتتغير الشرفات على مرمى البصر، فالخيام تفترش رمال الصحراء، والمنازل الجبلية تغطي واجهاتها الحجارة الناعمة، وبيوت الطين والحصى تلتحف أغصان النخيل من خوص وسعف.وعلى غرار السنوات الماضية، شيدت القرية التراثية الإماراتية هذا الموسم بنفس المواصفات الخاصة ومواد البناء التي استخدمت في القدم، وتضم بيوت العريش والشعر وخياماً حيكت من السدو، ومنازل حجرية وطينية ومجالس مفتوحة، تعرف باللهجة المحلية في «الحظيرة»، وتزين المساحات مجموعة من الأراجيح تعرف ب«المريحانة» في شكلها القديم، وكأنها تصدّت لرياح العصر فلم تُمح ملامحها. مشهد ألفه الزائر ولكن دفء الحنين يأتي برافد من ساكني هذه القرية التراثية، ويمضي العام تلو الآخر والوالد حسن الشحي يُجيد بما تفيض به قريحته من فنون بسيطة امتهنها في صناعة الفخار ونحت النقوش على المباخر والأواني الفخارية. وعند المغيب، يشتعل الحطب أمام المنازل الجبلية فيضيء جباه من اجتمعوا حوله، وهم في تسامر وتحاور. ومن الركن البعيد، تطل الوالدة موزة وهي تغزل باكورة الصوف في ظلال الخيام، لتصنع قطعاً من السدو تستخدم في الخيام وشداد النوق وغيرها من المآرب المنزلية والحياتية الأخرى. وتبقى المساكن الساحلية، كغيرها، تشرع أبوابها للضيوف وتعرض قطعاً من أثاث قديم وأزياء وزينة، وتعرّف بالزي الوطني، وتتيح للزائر فرصة ارتداء ما طاب له، لالتقاط الصور التذكارية. وقالت هند بن دميثان القمزي، مديرة إدارة الفعاليات في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث: «لطالما شكلت القرية التراثية طوال الأعوام الأربعة الماضية، وجهة يقصدها الزوار للتعرف إلى ما نقدمه من تراث محلي وثقافي ومعنوي وقطع تمت صناعتها وجمعها، لتجسد الصور الحقيقية للبيئات كما كانت عليه الإمارات منذ عقود مضت». وأضافت: «حرصنا في هذا الموسم على زيادة عدد الفعاليات والأنشطة لجعل القرية التراثية وجهة دائمة طوال موسم القرية العالمية، ومن أبرز تلك المشاريع، التعاون مع مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لإثراء تجربة الزائرين بالتنوع التراثي المرتبط بالثقافة المحلية».وأوضحت هند بن دميثان، أنه يتم تنظيم مجموعة من الورش الفنية المخصصة للأطفال، لترسيخ قيم الوطنية لديهم في بيئة تسهم في رفع الوعي التراثي لدى الناشئة، وإقامة عدد من الفعاليات التي تعزز المسؤولية المجتمعية للمركز، بهدف إسعاد شريحة مهمة ودمجها بالمجتمع.
مشاركة :