كان التأثير الإيجابي كبيرا في اقتصادات الأسواق الصاعدة بشكل خاص، وهي الاقتصادات التي تَزايد استخدامها للمعرفة والتكنولوجيا الأجنبية المتاحة لدعم قدراتها الابتكارية ونمو إنتاجية عمالتها. فعلى سبيل المثال، قد تكون التدفقات المعرفية من رواد التكنولوجيا قد ولدت نموا سنويا في إنتاجية العمالة يقدر بنحو 0.7 نقطة مئوية على مدار الفترة من 2004 - 2014 في متوسط قطاعات هذه البلدان. ويعادل هذا نحو 40 في المائة من متوسط نمو الإنتاجية المشاهد على مدار الفترة من 2004 - 2014. ونخلص إلى أن أحد العوامل المهمة، التي ساعدت على تراكم القدرات الابتكارية في اقتصادات الأسواق الصاعدة، هو مشاركتها المتنامية في سلاسل العرض العالمية مع الشركات متعددة الجنسيات، وإن كانت الشركات لم تستفد كلها من هذا التطور؛ لأن الشركات متعددة الجنسيات تقوم في بعض الأحيان بإعادة توزيع بعض النشاط الابتكاري على أجزاء أخرى من سلسلة القيمة العالمية. وقد جاءت زيادة نقل المعرفة والتكنولوجيا إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة؛ لتعوض جانبا من آثار التباطؤ، الذي حدث أخيرا في النشاط الابتكاري على صعيد التكنولوجيا الحديثة، ولتساعد على الدفع نحو تقارب مستويات الدخل بالنسبة لكثير من الاقتصادات الصاعدة. وفي المقابل، كانت الاقتصادات المتقدمة أكثر تأثرا بتباطؤ وتيرة الابتكارات التكنولوجية الحديثة. وأخيرا، تخلص دراستنا إلى وجود أدلة تفيد بأن رواد التكنولوجيا أنفسهم يستفيد كل منهم من ابتكارات الآخر. ويشير هذا إلى أنه، مع تزايد مساهمة الصين وكوريا في توسيع حدود التكنولوجيا الحديثة، قد يكون هناك مجال في الفترة المقبلة لانتقال تداعيات إيجابية من هؤلاء المبتكرين الجدد إلى المبتكرين التقليديين. فالمعرفة والتكنولوجيا لا تتدفقان في اتجاه واحد فقط. تجلب «العولمة» فائدة أساسية، هي أنها تحفز انتشار المعرفة والتكنولوجيا، ما يساعد على نشر إمكانات النمو عبر البلدان، لكن الترابط المتبادل لا يكفي بمفرده. فغالبا ما تكون الدراية العلمية والهندسية مطلوبة لاستيعاب المعرفة الأجنبية، وامتلاك القدرة على البناء عليها. ولذلك، يمثل الاستثمار في التعليم ورأس المال البشري وأنشطة البحث والتطوير المحلية - أمرا ضروريا لبناء القدرة على استيعاب المعرفة الأجنبية واستخدامها بكفاءة. ويتطلب ذلك أيضا درجة ملائمة من الحماية والاحترام لحقوق الملكية الفكرية - سواء محليا أو دوليا - للحفاظ على قدرة المبتكرين على استرداد التكاليف، مع ضمان دعم المعرفة الجديدة للنمو على مستوى العالم. ويجب على صناع السياسات أيضا التأكد من وصول منافع النمو الإيجابي المترتبة على العولمة والابتكارات التكنولوجية إلى السكان على نطاق واسع، وهو ما يشمل التأكد من ألا تستغل الشركات المبتكِرة التكنولوجيا التي حصلت عليها حديثا لممارسة سيطرة مفرطة على السوق بما يلحق الضرر بالمستهلكين.
مشاركة :