عزا شباب وشابات الأعمال تراجع مشروعاتهم الاستثمارية إلى ما وصفوه بتعقيدات واشتراطات تفرضها صناديق وبرامج التمويل والدعم الحكومية المختلفة، وجملة أخرى من الأسباب يأتي من ضمنها غياب دور المصارف المحلية في تبني ودعم مشروعات الشباب. وأكد المستثمرون الشباب الذين تحدثوا لـ “المدينة” أن 70% من المشاركين في معارض شباب الأعمال التي تقام بين فترة وأخرى أقاموا مشروعاتهم بمجهودات ذاتية وأن أكثر أفكارهم تم رفضها بحجة أنها غير مألوفة. وأوضح الشاب علاء محمد أحد الشباب الذين سبق له المشاركة بمشروع في أحد معارض شباب الأعمال أنه بدأ مشروعه بمجهود ذاتي مع مجموعة شباب من زملائه مشيرًا إلى أنهم بدأوا مشروعهم عندما بادر أحد زملائه من المجموعة بالذهاب وحضور أحد المعارض الدولية بالصين ونتج عن الزيارة اختيار بعض الأفكار وبدأ العمل عليها من قبل مجموعة تضمه وثلاثة من زملائه. وأكد أنه لم يحصل على دعم من الجهات الحكومية الراعية لشباب الأعمال بالسعودية ولم يذهب إليها بل إنه واجه صعوبات في دفع الرواتب عندما بدأ في عمل التصميم الداخلي نظرًا لغلاء أسعار التصميمات، وقد حاول الحصول على قرض بدون فائدة من أحد البنوك لكنه وجد صعوبة كبيرة. وتوضح أم فهد التي سبق لها المشاركة في أحد معارض تصميمات كوشات الأفراح ومستلزماتها أنها ما زالت تبحث عن من يدعم مشروعها الذي جاء بعد أن تطورت موهبتها في التصميم خاصة أنها إحدى خريجات الجامعة وتحمل شهادة البكالوريوس وأنها اتجهت لهذا المعرض بعد أن يئست من إيجاد فرصة وظيفة على تخصصها، حيث تشارك فى المعارض لتسويق منتجاتها التي تحتاجها الأسر السعودية في الأفراح والمناسبات كالزواج . ويقول محمد ناصر الشاب السعودي إنه باحث عن التجارة خاصة أنه متخرج من الجامعة ويحمل تخصصًا في إدارة الأعمال وأنه ذهب بفكرة مشروعة إلى كل الجهات الداعمة من بنك التسليف إلى المؤية إلى صندوق الموارد البشرية لكن مع الأسف لم تتبنَ الجهات الرسمية مشروعه لأنها فكرة جديدة في رأيهم حسب قوله، ويتساءل في دهشة كيف يتم دعم الإبداع إذا كانت أفكار المشروعات محددة ولا يتم قبول الأفكار الجديدة التي لم يألفوها من قبل. ويضيف ناصر إن الدعم من الجهات الرسمية يصطدم بشروط تعجيزية وأن هناك تثبيطًا للعزيمة، مشيرًا إلى أنه كصاحب مشروع مبتدئ كيف يطلب منه أن يعمل جدوى اقتصادية للمشروع بشكل متقن خاصة أنها تحمله الكثير من التكلفة إذا قام بعملها عند أحد المختصين. ويرى الشاب ثامر سعود أحد العارضين لفكرة مشروعه في مجال الدعاية والإعلان أن دعم رجال الأعمال يدخل فيه نوع من المجاملات والمحسوبيات والواسطة فرجل الأعمال يدعم المقربين والمحسوبين عليه من الأقارب، وهذا أمر يقول ثامر جيد من ناحية ولكنه أيضًا يجعل الجهود لمثل هذه المعارض تذهب سدى، فكثير من الشباب لا يجد الدعم من رجال الأعمال، ويرى أيضًا أن 70% من الشباب العارضين لأعمالهم بالمعرض قائمون بمجهودات ذاتية وأن الجهات الراعية والرسمية لدعم الشباب ما تزال تدور في فلك البيروقراطية ولم تصل إلى الاحترافية والتفهم للشباب في تفاصيل أعمالهم والعقبات التي يواجهونها من غلاء وحاجات لنجاح أعمالهم في سوق كبيرة سيطرت عليها عمالة أجنبية من عشرات السنين. وتقول دلال حسين مصممة جلابيات سعودية إنها بدأت بمجهود ذاتي وإن لديها محلًا خاصًا بها تعرض به تصميماتها وإنتاجها وترى أن العائق الكبير الذي واجهها هو الحصول على عمالة متخصصة لمحلها، فاشتراطات الجهات الرسمية للاستقدام تجدها صعبة. وفي حديث ذي صلة يقول بدر الشيباني العضو المؤسس في لجنة شباب الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية إن بداية المشروعات تأتي من الصناديق الحكومية من ناحية الأموال التي يحتاجها الشاب للبداية ويأتي بعد ذلك دور رجال الأعمال لأن يجعل هذا المشروع أكبر وبشكل أوسع عن طريق تقديم خبرته ودعمه المالي .مشيرًا إلى أن 90% من رواد الأعمال في العالم يبدأون بأموال خاصة بهم. وفي استشهاد على نجاح فكرة أحد المشروعات الشبابية يسرد بدر قصة الشاب وليد الخضير والذي أسس موقعًا أسماه (قلو وورك ) وهو موقع لتوظيف الفتيات السعوديات وهو صاحب الموقع وقد باعه لشركة أمريكية بمبلغ 16 مليون ريال لأن الشركة الأمريكية كما يقول وجدت فيه فرصة استثمارية جيدة. ويضيف بدر إن رجل الأعمال في النهاية رجل مستثمر وهاجسه الربح والبعد عن الخسارة وعند رغبته في دعم مشروع لأحد الشباب لا بد أن تكون الفكرة جيدة والمشروع على أرض الواقع مكتمل الأركان. وفي إضافة من قبل الرئيس التنفيذي لشركة فرص السعودية علاء حسوبة قال إن الالتزام وتحمل المسؤولية والجدية في المشروع والفكرة الجيدة هي أمور أساسية للدعم المقدم من رجال الأعمال ولا يمكن حسب قوله لوم رجال الأعمال، فهناك تجارب لبعض الشباب تم دعمهم وأخذ كل الضمانات في البداية ولكن لم يكن هناك التزام، مضيفًا بأن التمويل يأتي على شكل شراكة ويسمى كشريك متناقص بحيث ينمو هذا المشروع على أساس نسبة الأرباح بحيث تزيد نسبة الشاب في ما يحصل عليه من الشراكة بشكل طردي مع زيادة الأرباح. وأشار إلى أن مركز تنمية الأعمال في غرفة جدة مركز متكامل يتبنى دعم المشروعات كفكرة او كمشروع صغير يحتاج توسعة أو مشروع متعثر فهو يقوم بعمل دراسات الجدوى الاقتصادية ويقدم الاستشارات التجارية والقانونية، وبعد كل ذلك يحال المشروع إلى مايسمى المصفق وهو عبارة عن قاعة كبيرة فيها شاشة كبيرة ومكاتب استشارات قانونية واستثمارية ويتم تسويق الفكرة على قاعدة البيانات على رجال الأعمال، وعند الاتفاق مع أحد التجار على دعم للمشروع يتم اجتماع الأطراف في القاعة لعمل الإجراءات القانونية. فجميع الأطراف كما يقول يتم جمعهم بطريقة منهجية متكاملة لإتمام المشروع. مشيرًا إلى أن شركة فرص قد أخذت أربعة مشروعات من مركز تنمية الأعمال في غرفة جدة. ويسرد الرئيس التنفيذي لشركة فرص السعودية قصة الشاب طارق الحمدان الذي أنشأ أول مصنع يخرج الفحم من النشارة ومن سعف النخيل وأقيم مشروعه في مدينة القصيم والمشروع الآن ينتج بشكل كبير، وكان الدعم لهذا المشروع من بدايته حتى أصبح على أرض الواقع وما زالت المساعده مستمرة من ناحية التسويق للمنتج. مؤكدًا في نهاية حديثه أن الفكرة التجارية المبتكرة والجيدة تسوِّق نفسها. وأن متى ماكان هناك جدية والتزام سيكون هناك دعم من جميع الجهات سواءً الحكومية أو من رجال الأعمال للمشروعات المقدمة من قبل الشباب والشابات السعوديين.
مشاركة :