شهد صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، مساء أمس، الافتتاح الرسمي لمركز سدرة للطب. ودشّنت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، خلال الحفل، مركز سدرة للطب (عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع)، بوصفه مركزاً عالمياً متخصصاً في تقديم الرعاية الصحية للنساء والأطفال؛ مما يساهم في تعزيز رؤية الدولة واهتمامها الواسع والتزامها بتطوير منظومة الرعاية الصحية لخدمة المرضى من قطر والمنطقة والعالم. حضر الافتتاح معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وعدد من أصحاب السعادة الشيوخ، والوزراء، وكبار المسؤولين من القطاع الصحي، وضيوف الحفل. وألقت صاحبة السمو كلمة خلال الحفل، أكدت فيها أن مركز سدرة للطب يُعدّ واحداً من أكثر المشاريع طموحاً في قطر خلال العقدين الأخيرين، وسرعان ما حقق تأثيرات إيجابية تتخطى الحدود الوطنية، حيث أصبح وجهة إقليمية للسياحة الصحية يقصدها المرضى أسبوعياً من المنطقة ومن خارجها. وأشارت سموها إلى أن افتتاح مركز سدرة للطب، جاء عشية انعقاد القمة العالمية للابتكار في الرعاية الصحية، كما يتزامن مع انطلاق فعاليات أسبوع الرعاية الصحية بالدوحة، وذلك مؤشر على العناية التي توليها الدولة لقطاع الصحة. وقالت صاحبة السمو: «في سياقات العمل النهضوي، لدينا في قطر رؤى تحيل إلى المستقبل في مختلف المجالات، ولنا في مجال الصحة رؤية تمتد إلى يوم شرعنا في التفكير باستقطاب الجامعات العالمية المرموقة، ومنها (وايل كورنيل للطب- قطر) عام 2001، بصفتها مصنعاً متطوراً لإنتاج المعرفة الأكاديمية الطبية». وأضافت سموها أنه «في 2011، أطلقنا الاستراتيجية الوطنية للصحة، بهدف تطوير نظام رعاية صحية شامل بمعايير عالمية في متناول الجميع. وبعد ذلك، عملنا على خلق بُعد أكاديمي وبحثي لجميع المراكز الصحية في دولة قطر، وبناء علاقة تفاعلية بينها وبين (وايل كورنيل للطب- قطر) للاستفادة من معارف الكلية وخبراتها وبما يدعم الاستراتيجية الوطنية للصحة، حيث تتجلى معطيات هذه العلاقة منذ عام 2004 في مستويات التعاون البحثي والأكاديمي والتدريبي، التي بلورتها الاتفاقية الموقّعة بين مؤسسة حمد الطبية وكلية طب (وايل كورنيل)». ولفتت صاحبة السمو إلى دور الكليات المساندة لمهنة الطب، مثل كلية العلوم الصحية وكلية الصيدلة في جامعة قطر، وبرنامج العلوم الصحية في كلية شمال الأطلنطي، وبرنامج العلوم البيولوجية في جامعة «كارنيجي ميلون»، وكلية الصحة وعلوم الحياة بجامعة حمد بن خليفة، وما تقوم به هذه الكليات في سياقات العمل على إتمام النظام الإيكولوجي المتناسب مع ظروف التطور المرتجى في مجال الطب. وقالت سموها إن دولة قطر في إطار تطوير الخدمة النوعية في قطاع التمريض، استقطبت جامعة «كالجاري» التي عُرفت بتخريج كوادر كُفئة في هذا المجال، ويأتي ذلك في جوهر الأمن المهني بوصفه جزءاً مهماً من متطلبات الأمن القومي للدول. مشيرة إلى أنه مع غياب كوادر مؤهلة في قطاع ما، ستجد أية دولة نفسها عاجزة عن أداء واجباتها في لحظة معينة من التاريخ. ولفتت صاحبة السمو إلى أن إنشاء مركز سدرة للطب جاء تتويجاً لهذه الجهود، بصفته مؤسسة طبية وأكاديمية وبحثية تُعنى -على وجه الخصوص- بالأبحاث الجينية، في مسعى للتكامل مع مختلف قطاعات النظام الصحي في قطر، وخاصة مؤسسة حمد الطبية وسواها من المؤسسات الصحية، والارتقاء معاً إلى مستويات عالمية. وأوضحت سموها أنه بصفته مركزاً للريادة والابتكار والتميز في مجاله، ساهمت أبحاث «سدرة للطب» في الانتقال بالنظام الصحي في قطر إلى حقبة جديدة من الرعاية الصحية؛ إذ يتفرد «سدرة للطب» بكونه نموذجاً رائداً في إطلاقه برنامج استخدام الروبوتات في العمليات الجراحية للأطفال، وفي مركز القلب تحديداً، فضلاً عن الاكتشافات العلمية الخاصة بأمراض السكري والقلب والأوعية الدموية وغيرها. وأضافت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، أن «سدرة» أنشأ -بالتعاون مع برنامج «جينوم قطر»- قاعدة بيانات جينومية وطنية؛ لتشكل اللبنة الأساسية للطب الدقيق، وتسهّل تبادل المعارف التي تساعد على فهم الأمراض البشرية بشكل أعمق. وأعلنت صاحبة السمو، في كلمتها، عن الانتهاء من المرحلة الأولى لمشروع «جينوم قطر»، قائلة: «استكملنا تسلسل الجينوم الكامل لـ 10 آلاف مواطن قطري. كما طُوّرت الرقاقة القطرية (Q chip) التي تحمل المعلومات الجينية الخاصة بكل مريض، بالتعاون بين (جينوم قطر) و(قطر بيوبنك) و(كورنيل)، بالإضافة إلى مؤسسة حمد الطبية و(سدرة للطب). وشرع (سدرة) في استحداث نظام إيكولوجي أو بيئي للبحوث الجينومية سيضعنا على قدم المساواة مع برامج الجينوم العالمية. ومن الآن فصاعداً، ستُعطى الأولوية لمشروع الجينوم بوصفه استراتيجية صحية وطنية تُدعى (البرنامج القطري للطب الدقيق)، أو (QPM)، وهي استراتيجية تقوم على الشراكة بين مؤسسة قطر ووزارة الصحة العامة». وتابعت سموها: «العارفون بقطر وقيادتها وشعبها يعرفون أو يلمسون أننا ندرك جيداً معنى التنمية بمفهومها الشامل. وفي سياق هذا الإدراك، كان ولا يزال العمل جماعياً ومتكاملاً من أجل تشييد صروح التقدم، بما يضمن لدولة قطر مكانة في مستقبل لا يرتاده سوى المستقبليين». مشددة على أنه «ما كان لكل ذلك أن يتحقق لولا الرؤية السديدة لقيادة البلاد ودعمها لهذه المشاريع التنموية التي تلتقي في أهدافها مع غايات رؤية قطر 2030». وأكدت أن التنمية المستدامة -وخاصة التنمية البشرية- هي التي تؤمّن للبلاد أمنها واستقرارها ورفاهيتها، في زمن أضحى فيه التعدّي على أمن الآخرين واستقرارهم ورفاهيتهم من القضايا التي تتحكم فيها المعايير المزدوجة ولعبة المصالح. مضيفة سموها: «أما نحن، فقد حرصنا دائماً على ألا نكون أياً من الاثنين: لا نتعدى، ولا نحتكم إلى ازدواجية المعايير». وقالت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، في ختام كلمتها: «ومن قبل ومن بعد، لا يشغلنا سوى التمكين العلمي والبحثي والبشري لاستكمال شروط النهضة، وهي حصن البلاد المنيع في حسابات العقول المستنيرة». مضيفة: «وقد صدّقت الأيام على صحة نهجنا؛ فما تغيّرنا ولا غيّرنا».;
مشاركة :