الحماقة فكرة، والفكرة لا تموت!

  • 11/14/2018
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

في أيام المطر أشعر برغبة في النوم، وأنا كائن لا أنام كثيرا، وقلة نومي لا تعني بالطبع أني كثير المشاغل، بل تعني أني لا أنام فقط. ومشكلة هذه الرغبة في النوم أنها غالبا تبقى مجرد رغبة لا أكثر، لا تنتقل إلى خانة الواقع. وهذا أمر تتشارك فيه جل رغباتي وأحلامي. تبقى كما هي لا تتغير ولا تتبدل ولا تصبح واقعا، وإن فلت حلم وتسلل من مكانه وتحول إلى واقع فإن ذلك يكون غالبا في الوقت غير المناسب. هذه المحبة للنوم والاشتياق إليه تجعلني لا أفهم حب كثير من الناس للخروج في أوقات الأمطار، خاصة أن الطرقات لا تشجع على هذا كثيرا. وأعتذر سلفا من أولئك الذين قد يغضبهم قولي بأن الطرقات لا تشجع على الخروج، وأرجو أن يتقبلوا امتعاضي من مناظر السيول وهي تجوب الطرقات بحثا عن الخلاص. وأن لا يعتبروا ذلك تأليبا للأمطار ولا خيانة للطرقات. وإذا كان فهم مجرد الخروج وقت الأمطار في الشوارع القريبة أمرا استعصى عليّ فهمه فإن محاولاتي فهم عقلية مغامري السيول ستكون دون شك محاولات فاشلة فشلا ذريعا مريعا. قد يمكن قبولها وفهمها من باب أنها مغامرات رياضية لا تختلف عن مغامرة من يقفز من مرتفع شاهق أو من يقود دراجة على شفا جرف هار. لكن المغامرين يغامرون في الغالب فرادى، ويتحمل كل منهم مسؤولية حبه للتهور وعشقه للمجازفة وولعه بتدفق الأدرينالين، لا الدفاع المدني مسؤول عن هواياته ولا الناس ملزمون بالحزن على فراقه، لأنه أحب هواية وهو يعلم يقينا أنها خطرة وقد تودي به إلى الهلاك، وهو حر فيما يختار. لكن أن تغامر بأسرتك وعائلتك، أو بركاب أنت مؤتمن على الحرص على سلامتهم وتعبر بهم الوديان الغاضبة فإن هذه ليست رياضة ولا مغامرة ولا فنا ولا يمكن تصنيفها إلا تحت باب نقص القدرات العقلية والاعتلالات النفسية. وأقترح أن يحتفظ بمثل هؤلاء الأشخاص في مصحات نفسية إن هم استطاعوا النجاة والعبور إلى ضفة الوادي الأخرى بسلام. وعلى أي حال.. المغامرون ليسوا حمقى، والحمقى ليسوا مغامرين، حتى وإن بدا لوهلة أنهما فئتان متشابهتان من البشر، فالأحمق أحمق في كل حين، سواء في الأوقات التي يتم تصويره فيها وهو يعبر الأدوية أو في الأوقات التي يكون فيها بعيدا عن الكاميرات. ثم إني سأحاول النوم، وأبحث عن واد موحش لأعبره مشيا على الأحلام.

مشاركة :