باشرت الجزائر، أمس، عملية ترحيل كبرى لرعايا أفارقة نحو بلدان في الساحل الأفريقي، بالتزامن مع زيارة الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن فيديريكا موغيريني إلى الجزائر، وقال مسؤول حكومي بارز إن عمليات الترحيل «لن تتوقف ما دامت تحترم كرامة المعنيين وتتم بالتوافق مع بلدانهم». وحذر مسؤولون بارزون في وزارة الداخلية، الجزائريين من شبكات وصفوها بـ «الإجرامية التي تستغل أطفال اللاجئين الأفارقة في جمع تبرعات تستغل في نشاطات مشبوهة»، وأعلنوا عن عملية ترحيل انطلقت أمس، من العاصمة لـ370 مهاجراً نحو بلدان في الساحل. وبدا أن الجزائر تعمدت الكشف عن خططها في ترحيل اللاجئين تزامنا وتواجد موغيريني على أراضيها، وتستقبل الجزائر انتقادات صريحة من المجموعة الأوربية تجاه سياستها في التعامل مع آلاف المهاجرين من بلدان أفريقية في الساحل الصحراوي المحاذي للحدود الجنوبية للبلاد. وقال حسان قاسيمي مسؤول ملف الهجرة في وزارة الداخلية والجماعات المحلية، إن «ملف الهجرة الأفريقية امتزج في شكل واضح مع شبكات إجرامية»، وأفاد في مؤتمر إعلامي استبق عملية الترحيل الجديدة قائلاً: «أموال التسول التي تمارس في المحافظات أغلبها توجه لتمويل غير مباشر لشبكات إجرامية تهدد أمن الجزائر». وعلم من مصدر في الخارجية الجزائرية، أن لقاء الوزير عبدالقادر مساهل مع موغيريني في اليومين الماضين، قد أثار خطط الجزائر في التعامل مع المهاجرين الأفارقة، في الشكل الذي «لا يتيح إنشاء مراكز احتجاز وفقاً لطلب أوروبي أن تتولى الجزائر هذه المهمة مقابل تمويل سنوي». وحددت الجزائر قائمة موسعة للدول مصدر الهجرة السرية، أن المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون اختراق الحدود الجنوبية ينتمون إلى «جنسية أفريقية تأتي من أفريقيا الغربية ومنطقة الساحل وأفريقيا الوسطى» ، وقد سلمت الجزائر لسلطات النيجر «10 آلاف مهاجر غير شرعي بينهم 7 آلاف طفل و3 آلاف امرأة». وأشار قاسيمي أن «عدداً كبيراً من المهاجرين الذين تم ترحيلهم سابقا عادوا إلى الجزائر أكثر من مرة وتم تقديمهم إلى العدالة»، كما دانت الجزائر «20 ألف نيجري، فيما تمت إدانة 36 ألف مهاجر مالي من طرف العدالة المالية». وعلمت «الحياة» من مسؤول الهجرة في وزارة الداخلية الجزائرية، أن مصالح الأمن تحقق حالياً خلف أشخاص تتهمهم بـ «نقل الأطفال بسيارات أجرة غير مرخصة»، وفق ما علم لدى مصالح ولاية الجزائر التي قامت خلال اليومين الماضيين، بالتعاون مع الدرك (الشرطة) والأمن الوطني بضبط «38 طفلاً يمارسون التسول في شبكات منظمة، ويحوزون على هواتف نقالة وتسيرهم عصابات إجرامية تقوم بتوزيعهم على محطات الميترو والمراكز التجارية، وتنظمهم بدقة لتفادي الوقوع في قبضة مصالح الأمن». تزامن ذلك مع أعمال الدورة الثانية للحوار رفيع المستوى، التي بدأت مساء الإثنين، بين الجزائر والاتحاد الأوروبي حول الأمن الإقليمي وقضايا الإرهاب برئاسة وزير الخارجية عبد القادر مساهل وموغيريني. وتعالج الدورة تطوير التعاون بين الجزائر والاتحاد على الصعيد الأمني ومواجهة التحديات التي يطرحها الإرهاب والتطرف، وتجسيد أولويات الشراكة المتوصل إليها بين الجانبين في آذار(مارس) 2017. ورأت المسؤولة الأوروبية في كلمة افتتاح المؤتمر أنه من غير الممكن التمييز بين الأمن في شمال المتوسط وجنوبه، مؤكدة ضرورة أن يعمل الطرفان معا لتحقيق الاستقرار في بؤر الأزمات وضمان الاستقرار والأمن في المنطقة. بدوره، أكد مساهل أن بلاده تنتظر من حوارها الاستراتيجي مع الاتحاد الأوروبي تفهماً متبادلاً وقراءة صحيحة للانشغالات، وتناسقاً في الأعمال لصالح السلم والأمن.
مشاركة :