أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لقناة RT، أن موسكو تولي اهتماما خاصا للأزمة في ليبيا والجهود الدولية المبذولة لتسويتها بالتعاون مع الأمم المتحدة. وقال بوغدانوف في مقابلة خاصة، إن المؤتمر حضره أربعة زعماء ليبيين يتنازعون حاليا النفوذ السياسي في البلد – اثنان منهم استقرا في طرابلس في حين ينشط الاثنان الآخران في شرق البلاد. س RT- كيف تقدّرون نتائج المؤتمر إلى حد اليوم وإلى أي درجة يمكن لهذه الفعالية أن تدفع بالعملية السياسية في ليبيا؟ وكيف برأيكم قد تساهم روسيا في إنجاح التسوية؟ بوغدانوف– لقد حظي المؤتمر باهتمام كبير من جانب المجتمع الدولي ما أدّى إلى وصول عدد كبير من الوفود الممثّلة على مستوى رؤساء الدول أو رؤساء الوزراء أو وزراء الخارجية، فترأس رئيس الوزراء دميتري مدفيديف الوفد الروسي وهذا يشير إلى الاهتمام الذي توليه روسيا للأزمة الليبية والجهود الموجّهة إلى تسوية الأمور في هذه البلاد بالتعاون مع الأمم متحدة، التي أوفدت إلى هذا المؤتمر مبعوثها الخاص إلى ليبيا السيد غسان سلامة. من المعروف أيضا أن السيد سلامة كان قد قدم تقارير تحليلية مكرّسة للوضع في ليبيا وأطلعَنا على الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة وفريقه إضافة إلى الخطط المستقبلية. ولعل ما هو أكثر أهمية أن المؤتمر شهد حضور أربعة زعماء ليبيين هم الأكثر نفوذا ويتنازعون حاليا النفوذ السياسي في البلد – اثنان منهم استقرّا في طرابلس في حين ينشط الاثنان الآخران في شرق البلاد. وأنا أقصد هنا رئيس حكومة الوفاق الوطني ورئيس المجلس الرئاسي الليبي السيد فائز السراج الذي أجرى لقاء خاصا مع ديميتري مدفيديف، خلال المرحلة الختامية للمؤتمر. وحضر المؤتمر أيضا رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية السيد خالد المشري، في حين وصل من شرق البلاد رئيس البرلمان عقيلة صالح وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر. جرى صباح اليوم لقاء مصغر، وأعتبره مهما جدا، حيث نُظّم هذا اللقاء بمبادرة رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، وكان صاحب فكرة عقد هذا المؤتمر، ولا يخفى عليكم أن السيد كونتي كان قد دعا القيادة الروسية إلى المشاركة في هذا المؤتمر خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو ولقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين. جمع اللقاء اليوم عددا من المسؤولين القياديين الذين يلعبون دورا مهما في الأحداث الليبية من وجهة نظرنا ومن بينهم السيد السراج والسيد حفتر، وجرى اللقاء برعاية من قبل رئيس الوزراء الإيطالي في حين شارك فيه أيضا كل من الرئيسين المصري والتونسي ورئيس الوزراء الجزائري فضلا عن وزير الخارجية الفرنسي ورئيس المفوّضية الأوروبية. وطبعا، شارك في الاجتماع رئيس الوفد الروسي دميتري مدفيديف، نظرا للدور الروسي والاهتمام الكبير لهذا الدور من قبل الأطراف الليبية المشاركة في العملية السياسية التي للأسف تجري ببطء. وتهدف العملية إلى تسوية الصراع الليبي وتجاوز الفتنة في البلاد وأيضا الحيلولة دون تقسيم الدولة والمجتمع الليبيين وبغية تأمين وحدة الأراضي الليبية وسلامتها وسيادة الدولة عن طريق إنشاء مؤسسات الدولة الفعالة والموحدة عبر الانتخابات، وذلك لأن الفكرة الرئيسية، هي أنه ينبغي في الربيع المقبل، مع أنه لم تتحدد المواعيد الدقيقة بعد، أن تجرى في ليبيا: الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ويبدأ التحضير لهذه الانتخابات من اليوم عن طريق حل مجموعة من القضايا، مثل توفير الأمن من خلال إنشاء قوات مسلحة وخدمة أمن موحدة وتجهيز المرجعية القانونية الضرورية لإجراء الانتخابات، مثل الإعلان الدستوري وقانون الانتخابات والعديد من الوثائق الأخرى التي تحتاج إلى دراسة إضافية ثم إلى إقرارها. طبعاً، يرحب الجميع بالموقف الروسي، وينطلق الجميع من أنه موقف موضوعي ومتوازن حقا، وقد ركز السيد مدفيديف في كلمته على أننا نجري اتصالات مع جميع الفرقاء الليبيين ولا نفضل فريقا على حساب فريق آخر، لأن هدفنا، أولا وأخيراً، أن يقرر الليبيون مصيرهم بأنفسهم، وهدفنا أن نساعدهم في ذلك، إذ يجب أن يتوصل الليبيون في النهاية إلى أرضية مشتركة وأن يعالجوا قضايا جدول الأعمال الوطني على أساس الإجماع والوفاق الوطني. ومن هذا المنطلق، كان المؤتمر مفيدا بلا شك، وأتاح الفرصة لتبادل الآراء، وشارك فيه عدد كبير من البلدان، وكانت هناك كلمات مهمة ألقاها جيران ليبيا، مثل تونس والجزائر ومصر، فضلا عن جيرانها الجنوبيين، فكما ذكرت، حضر رئيس النيجر ووفد من تشاد ووزير خارجية السودان، وطبعا الشركاء الأوروبيون أيضا، كما وحضرت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية السيدة موغيريني وعدد من ممثلي الدول الأوروبية الأخرى، فالجميع يقلقه الوضع في ليبيا من حيث انتشار الإرهاب وتفشي الفوضى والهجرة غير الشرعية، بما في ذلك نحو أوروبا. أعتقد أن شركاءنا الليبيين اختاروا باليرمو وصقليا عن قصد لعقد هذا المؤتمر نظرا لموقعها القريب من سواحل ليبيا، إنها علامة اهتمام متميز من جانب إيطاليا ومناطقها الجنوبية بما يحدث في ليبيا من تحديات ومخاطر تهدد إيطاليا وغيرها من البلدان المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط نتيجة عدم الاستقرار والوضع السياسي العسكري المقلق في ليبيا، ولذلك فمن الأهمية بمكان أننا نجحنا في نهاية المطاف في الإجماع حول البيان النهائي، وأعتقد أنه سينشر اليوم، ويحوي جميع تقييمات المجتمع الدولي لشتى نواحي الأزمة ولتلك القضايا التي نعتبرها جميعا، ويوافقنا في ذلك الفرقاء الليبيون والأمم المتحدة، السبيل وخارطة الطريق لتسوية الأزمة الليبية. التصعيد الأخيرة في قطاع غزة س RT- سؤال آخر إذا سمحتم، خلال اليومين الأخيرين حدث تصعيد كبير حول قطاع غزة، فما هو تقييكم لهذه الأحداث وما هو الموقف الروسي، وهل هناك خطوات قد تتبناها موسكو لاستعادة الأمن والهدوء؟ بوغدانوف - نحن دائما نقول إن ما يحدث في غزة، بما في ذلك ما يجري هذه الأيام هي انتكاسة لما حدث في الماضي، ونحن لا نود أن يحدث هذا مجددا في المستقبل، وندعو دائما إلى إبداء ضبط النفس من جانب جميع الأطراف، الإسرائيليين والفلسطينيين، وإقامة اتصالات لبحث تهدئة الوضع ووقف الأعمال العسكرية التي تؤدي فقط إلى مقتل الأبرياء وتدمير المباني، وهذه كلها أمور تثير الأسى والأسف. باعتبارنا أصدقاء للفلسطينيين وللإسرائيليين، فإننا نرغب في أن يتوصلوا إلى اتفاق حول طريقة للتعايش المشترك، بما أنهم جيران، وفي هذه الحالة نحن دائما مستعدون للمساعدة، ودورنا مطلوب ومفيد، فضلا عن أننا دائما نقترح موسكو وروسيا الاتحادية مكانا لعقد لقاءات أو اتصالات بين الأطراف. حدث هذا بالفعل، وأقصد هنا أننا نظمنا عدة لقاءات فلسطينية - فلسطينية (بين الأطراف الفلسطينية)، كما أن لدينا علاقات جيدة مع القيادة الإسرائيلية على جميع المستويات، لذلك ندعو من جديد لوقف هذه الأعمال العسكرية المتصاعدة التي لن تؤدي في نهاية المطاف إلى أية نتائج جيدة بالنسبة للطرفين. وفي الوقت ذاته نقول إننا مستعدون، ولو بالتنسيق مع اللاعبين الدوليين الآخرين، للعب دور الوساطة لكي يهدأ الوضع ونتحرك إلى الأمام، إذ إن التهدئة وحدها غير كافية، لأنه من واقع ما نراه، فإن غياب أي تقدم حقيقي في التسوية الإسرائيلية الفلسطينية يهيئ التربة لمثل هذه الانتكاسات، لهذه الأسباب فإننا ندعو دائما إلى تبني هذه المقاربة الجادة والعميقة بشأن هذه القضية، وتحديدا التسوية بالسبل السياسية المبنية على المفاوضات بين الأطراف، في ختام المطاف كما نتصور، وهذا هو موقف روسيا الثابت. ويبقى حل الدولتين هو الحل الأمثل، والذي في إطاره يحصل الشعبان على دولتين ذواتي سيادة قابلتين للتعايش في سلام ووفاق جنبا إلى جنب على أساس حدود عام 1967 مع إمكانية تبادل الأراضي، وأقصد هنا رسم الحدود الإقليمية للدولتين بعاصمتيهما في القدس، وأعني أن تصبح القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، والقدس الغربية، كما سبق وتحدثنا عن ذلك، عاصمة لدولة إسرائيل. وبهذا الصدد يمكن أن تكون هناك اتصالات ثنائية وثلاثية ورباعية، وكما تعلمون هناك آلية دولية شكلت بهذا الخصوص وهي "اللجنة الرباعية" للوسطاء الدوليين، والتي عملت على مدى سنوات عديدة، ويمكن استخدام إمكانيات هذه اللجنة أو توسيع قائمة المشاركين في هذه الآلية الدولية. بالطبع يمكن استخدام منصة الأمم المتحدة وغيرها من المنصات لأن القضية الفلسطينية تثير قلقا لدى الفلسطينيين، بل ولدينا نحن كأصدقاء للشعبين (الفلسطيني والإسرائيلي)، وتثير قلقا في العالم العربي ككل وفي العالم الإسلامي، ولذلك دائما نقول، إن المرجعية الدولية القانونية للتسوية تكمن في مبادرة السلام العربية، التي جرى الاتفاق عليها من قبل جميع الدول العربية، وتم إقرار هذه المبادرة خلال عقد اجتماعات القمة للبلدان العربية والبلدان الإسلامية في إطار منظمة التعاون الإسلامي، وبهذا الشكل نرى الأوضاع الحالية وطرق الخروج من التصعيد الراهن. المصدر: RT
مشاركة :