تذرعت الحكومة الإيطالية بظروف «استثنائية» للمطالبة بمزيد من المرونة تجاه موازنتها، مقدمة مبررات لن تغيّر موقف المفوضية الأوروبية أو تقنع أسواق المال. وفي مؤشر إلى التوتر في الأسواق، خسرت بورصة ميلانو 1.42 في المئة أمس، بينما بلغ الفارق بين معدلات الفائدة الألمانية والإيطالية (سبريد) 312 نقطة أساس، في مقابل 304 نقاط عند الإغلاق أول من أمس. وبينما رفضت المفوضية الأوروبية في 23 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي مشروع الموازنة الإيطالية وطلبت من الحكومة مراجعته قبل منتصف ليل أول من أمس، قررت حكومة روما الإبقاء على تقديراتها للعجز من دون تغيير عند 2.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل. وفي رسالة وجهها إلى المفوضية، كتب وزير الاقتصاد الإيطالي جيوفاني تريا أن الحكومة «تطلب بعض المرونة بسبب أحداث استثنائية»، مشيراً إلى «أحوال جوية سيئة غير عادية» ضربت البلاد نهاية تشرين الأول الماضي وبداية الشهر الجاري، مشيراً إلى انهيار جسر موراندي في جنوى في شمال غربي إيطاليا. وعن الأحوال الجوية السيئة، قال تريا: «كلفة كبيرة جداً في الضحايا والأضرار المادية، وهذه أحداث لم تكن متوقعة، ودفعت البلاد إلى خطة تدخل استثنائية». وضربت رياح عنيفة وأمطار غزيرة أسفرت عن سقوط نحو 30 قتيلاً منطقة فينيتو في شمال شرقي إيطاليا، حيث اقتلعت مئات الأشجار، وليغوريا حيث دُمّر عدد كبير من المراكب. وفي آب (أغسطس) الماضي، أدى انهيار جسر في جنوى إلى سقوط 43 قتيلاً واضطر السلطات إلى إطلاق «خطة صيانة استثنائية» أيضاً. وأوضح تريا أن مشروع الموازنة يخصص للخطة بليون يورو عام 2019. وأضاف أن «من الأمور الضرورية والأولوية معالجة العواقب الاجتماعية لذلك، ونعتزم إطلاق خطة تقضي بمنح 780 يورو للمواطن لمساعدة الأشخاص الأكثر فقراً وتحسين شروط دخولهم إلى سوق العمل»، مؤكداً أن «2.4 في المئة عجز يمثل عتبة لا يمكن تجاوزها». وتابع: «لتسريع خفض نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي، قررت الحكومة زيادة نسبة خصخصة مؤسسات عامة 1 في المئة من الناتج المحلي عام 2019». وشدد على أن «ذلك سيسمح بخفض نسبة الدين مقابل الناتج المحلي إلى 130 في المئة العام المقبل، و126.7 في عام 2021». لكن من غير المرجح أن تتجاوب مع هذه الحجج الأسواق أو المفوضية، التي حددت أساساً هامشاً يبلغ نحو 30 بليون يورو بين عامي 2015 و2018. وترى المفوضية أن روما لن تتمكن من احترام العتبتين اللتين حددتهما، وتؤكد أن الإجراءات الواردة في الموازنة يمكن أن ترفع العجز إلى 2.9 في المئة عام 2019، و3.1 في المئة عام 2020. وتعول المفوضية على نمو نسبته 1.2 في المئة، بينما تقول روما إنه سيبلغ 1.5 في المئة. وبرفضها تغيير موازنتها، يمكن أن تواجه روما فتح «إجراءات بسبب العجز المفرط»، قد تؤدي إلى عقوبات مالية تشكل 0.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 3.4 بليون يورو. ويرى مؤسس مكتب «أل سي ماكرو» الاستشاري لورنزو كودونيو أن «إيطاليا ستواجه هذه الإجراءات بحلول نهاية كانون الثاني المقبل»، لكنها ستُمنح مهلة من ثلاثة إلى ستة أشهر للتصحيح، ما سيسمح لها بالوصول إلى «الانتخابات الأوروبية من دون عقبات». وأضاف: «لا شيء سيحدث قبل تنصيب المفوضية الأوروبية الجديدة في خريف عام 2019».
مشاركة :