بعد أكثر من سنتين على انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، يتوقع الكثير من الخبراء أن تظهر نتائج البرنامج خلال السنة المالية المقبلة، في وقت أظهرت السنة المالية الماضية تحسناً في مؤشرات الاقتصاد الكلّي. ونقلت وكالة «رويترز» عن وزير المال المصري محمد معيط، أن موازنة مصر للسنة المالية 2019- 2020 ستظهر نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي قامت به الحكومة في السنوات القليلة الماضية. وأضاف معيط خلال ندوة الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال الليلة الماضية، أن «السنة الجارية كانت من أصعب السنوات من جهة أثر الدين العام على الخزانة العامة، بسبب اعتمادنا لسنوات طويلة فى الإنفاق الجاري على الاستدانة وليس إيرادات حقيقية». وبلغ الدين المحلي 3.695 تريليون جنيه (205.7 بليون دولار) في نهاية حزيران (يونيو) الماضي، مقارنة بـ3.161 تريليون جنيه قبل عام. وسجل الدين الخارجي 92.64 بليون دولار في نهاية حزيران بزيادة 17.2 في المئة على أساس سنوي. وارتفعت الاحتياطات الأجنبية لمصر إلى 44.501 بليون دولار في نهاية تشرين الأول (أكتوبر). وقال معيط إنه «نتيجة للإصلاحات الهيكيلية في السياسة المالية والنقدية بمصر لم ينخفض سعر الصرف، ولم ينخفض الاحتياط النقدي ولم ترتفع أسعار الفائدة، وتحققت مستهدفات الموازنة خلال الأشهر الأربعة الماضية من السنة المالية». وفي الإطار، أشاد خبراء اقتصاديون ومؤسسات مالية دولية بالسياسات النقدية التي اتخذها البنك المركزي المصري على مدار العامين الماضيين، التي نجحت في تجنيب الاقتصاد المصري الأثار السلبية للأزمات التي تشهدها الأسواق الناشئة في الفترة الحالية، أبرزها الهزات العنيفة لاقتصادات تركيا وفنزويلا والأرجنتين. وأكد الخبراء، في تصريحات صحافية لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن السياسة النقدية للمصرف المركزي نجحت في الحد من تقلبات سوق الصرف، على رغم ترك السوق حر، والحفاظ على مرونة سعر العملة، بالإضافة إلى نجاحه في الهبوط بمعدلات التضخم من 35 في المئة في العام الماضي إلى قرب 10 في المئة في تموز ( يوليو) الماضي، فضلاً عن الوصول بمعدل الاحتياط النقدي إلى رقم تاريخي. وأوضح رئيس قطاع الخزانة وأسواق المال في «بنك التنمية الصناعية» هيثم عادل، أن «المركزي نجح تدريجاً في إزالة جميع القيود التي كانت مفروضة على تعاملات النقد في سوق الصرف المصرية، مع تزايد الإفصاح والشفافية والتفاعل على السوق في شكل لحظي». واعتبر رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في مصر سوبير لال أن «المركزي المصري استطاع بناء احتياطات وقائية قوية من النقد الأجنبي، دعمت تزايد صلابة الاقتصاد المصري ضد الصدمات الخارجية». وأفاد بأن أثر تشديد الأوضاع المالية العالمية لا يزال ضعيفاً نسبياً على مصر، في الوقت الذي تتأثر فيه كل البلدان، بما فيها الأسواق الصاعدة. وبيّن مدير إدارة الشرق الأوسط وأسيا الوسطي بصندوق النقد الدولي جهاد أزعور، أن الأوضاع المالية في مصر تحسنت في شكل كبير تزامناً مع ارتفاع حجم الاحتياط النقدي الأجنبي لدى المركزي المصري، وتحسن تدفق رؤوس الأموال، والتراجع الملموس في معدلات التضخم. ولفت أزعور إلى أن المركزي نجح في خفض أسعار الفائدة بـ200 نقطة أو 2 في المئة، في الوقت الذي شهدت فيه الأسواق العالمية مستويات فائدة مرتفعة. وأوضح النائب الأول لمدير عام صندوق النقد الدولي ديفيد ليبتون، أن مصر ابتعدت عن مرحلة الخطر، وعاد الاستقرار الاقتصادي الكلي، كما عادت الثقة إلى الأسواق، واستأنف النمو مساره، وتراجع التضخم، متوقعاً انخفاض نسبة الدين العام للمرة الأولى منذ ما يقرب من عقد من الزمن. وأكد صندوق النقد الدولي أن القطاع المصرفي المصري ما زال يتمتع بالسيولة والربحية، ويمتلك رأس مال جيد ونسبة كفاية رأس المال الإجمالية، تحسنت من 14 في المئة من الأصول المرجحة بالأخطار في كانون الأول (ديسمبر) 2016 إلى 15.2 في المئة في كانون الأول الماضي، بينما تحسنت نسبة الرافعة المالية من 4.8 في المئة إلى 6 في المئة خلال الفترة ذاتها، وتحسنت نسبة القروض الرديئة من 6 إلى 4.9 في المئة بسبب شطب القروض غير العاملة. إلى ذلك، لفت الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن قيـمة العجــز في الميـزان التجــاري بلغت 3.95 بليون دولار خلال آب (أغسطس)، في مقابل 3.66 بليون دولار للشهر ذاته من العام الماضي، بارتفاع نسبته 8 في المئة. وبلغت قيمة صادرات مصر خلال الفترة ذاتها 1.98 بليون دولار، في مقابل 2.26 بليون دولار للشهر ذاته من العام السابق، بانخفاض بلغت نسبته 12.2 في المئة. وعلى مستوى الواردات، أشارت النشرة الإحصائية، إلى ارتفاع قيمة الواردات المصرية بنسبة 0.3 في المئة، وبلغت 5.94 بليون دولار خلال آب، في مقابل 5.92 بليون دولار للشهر ذاته من العام الماضي. وفي سياق منفصل، أعلنت شركة «اتش سي» للأوراق المال ارتفاع قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ في مصر إلى 1.5 بليون دولار بإجمالي 14 صفقة خلال 2018، متجاوزة بذلك القيمة التي سجلتها الصفقات العشرة المبرمة في 2017، التي وصلـت إلى 389 مليــون دولار.
مشاركة :