وراء الصورة الموحدة لأكثر من 6 ملايين مسلم يعيشون على الأرض الفرنسية ويعلنون رفضهم للتطرف والأعمال الإرهابية، هناك أصوات نشاز تجد متنفسا لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو بين شباب الضواحي المهمشة والفقيرة. وفي حين أدان مسؤولو الطائفة الإسلامية بشكل صارم حوادث العنف التي كانت باريس مسرحا لها خلال الأسبوع الماضي، فقد اعتبرت أوساط المتطرفين أن الإرهابيين الذين نفذوا عمليات القتل واحتجاز الرهائن أبطال يستحقون الثناء. وإلى جانب شعار «أنا شارلي» الذي انتشر في فرنسا وخارجها، من قمة قوس النصر في جادة «الشانزلزيه» في باريس وحتى الرقع التي حملها المواطنون العاديون على صدورهم، رفع شباب المسلمين شعار «كلنا أحمد» تكريما للشرطي الفرنسي، العربي الأصل، أحمد المرابط الذي لقي مصرعه برصاص الإرهاب في الهجوم على المجلة. لكن كان هناك، أيضا، من رفض هذا الشعار ودعا إلى حمل وسم مناقض هو «أنا كواشي»، تيمنا بالأخوين شريف وسعيد كواشي منفذي مجزرة المجلة، الأربعاء الماضي. وقد جاء الهجوم على مخزن الأطعمة الحلال للطائفة اليهودية «الكاشير» في باريس، صباح الجمعة، ليرفع من حدة التوتر ويحبط مشاركة أعداد من المسلمين في التظاهرة التضامنية المقررة، اليوم، لإعلان توحد فرنسا في مواجهة الإرهاب. في مقابل بعض المظاهر المخالفة، ركزت وسائل الإعلام الفرنسية، أمس، على الوفاق الذي يسود الأحياء والبلدات التي تقطنها أعداد كبيرة من اليهود والمسلمين، جنبا إلى جنب، مثل حي «بلفيل» وضاحيتي «ليلا» و«سان دوني»، شمال العاصمة وشرقها. وفي مقابلات أجريت معهم، عبر منتسبو الطائفتين عن قلقهم إزاء الأحداث الخطيرة والأفكار المستوردة التي تحاول بث الفرقة بينهم بعد أن عاشوا في سلام طوال العقود الماضية ، وكانوا يشتركون في مقاعد الدراسة وفرق كرة القدم. كما كشف عامل في محل للبقالة أنه وزملاء له اضطروا إلى حلق لحاهم خشية حوادث الانتقام الأعمى التي يمكن أن يقوم بها متطرفون من الطرف الآخر المعادي للإسلام. وفي حديث لصحيفة «الباريزيان»، أمس، قال محمد حنيش، الأمين العام لاتحاد الجمعيات المسلمة في منطقة «سين إيه مارن»، إن «مسلمي فرنسا يعرفون أنهم من سيدفع ثمن العمليات التي وقعت في الأيام الماضية، رغم أن منفذيها قلة من الهامشيين تعد على أصابع اليد». وأضاف حنيش أن «أبناء بلدته عاشوا من كابوس لآخر، وقد أدرك الجميع أن الأمر سينقلب عليهم حتى ولو صرح السياسيون بأنهم ضد الخلط بين الإسلام وبين الجماعات السياسية المتطرفة وعكسوا صورة لبلد موحد بكل مكوناته». ومن بين الفنانين والرياضيين المسلمين البارزين في فرنسا، برز الموقف الذي سجلته المغنية ديامس على صفحتها في «فيسبوك»، أمس، وجاء فيه: «أود أن أعبر عن جزعي وحزني أمام أعمال لا تفسير لها وقعت هنا. أنا فرنسية، أنا مسلمة، وأنا منكوبة ومصدومة من كل البربرية المنتشرة هنا وهناك باسم الإسلام. وأخشى أن يكون باب قد انفتح للحقد المتبادل. إن الإسلام يحرم الإرهاب ويدعو إلى السلام لا إلى الرعب. وعلينا ألا ننساق وراء اللعبة الشيطانية لتصاعد الكراهية».
مشاركة :