مطاردة الساحرات في أفريقيا الوسطى

  • 9/25/2013
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

منذ إرغام ديكتاتور أفريقيا الوسطى فرانسوا بوزيزيه على الرحيل، وجدت طبقة سياسية تفتقر إلى الشرعية لنفسها حقلاً خصباً: إثارة المشاعر المعادية للأجانب، من التشاديين والسودانيين وكل معتنق للإسلام. صعود هذا العداء حيال الأجانب ومواطني أفريقيا الوسطى المسلمين مدفوع أساساً بإرادة مظلمة لتجميع باقي مواطني البلاد في قضية واحدة (يشكل المسيحيون نحو 80 في المئة من السكان). تنطوي الاتهامات التي تتناول الجنسيات والثقافة والدين والأيديولوجيات على كل أخطار إعادة إنتاج الأزمة التي عمّت ساحل العاج ومفهومها للـ «عاجية» (تعريف الهوية العاجية الذي قاد إلى انقسام البلاد)، وهو في هذه الحالة «الأفريقية- الوسطى». ثمة خشية كبيرة من أن يَظهر التحكم بالعقول هذا في المواقف، التي تبدأ من الحكم المسبق البسيط غير الودي إلى الأعمال شديدة العنف، وهو يهدد اللُّحمة الوطنية والتعايش بين حاملي جنسية أفريقيا الوسطى، ويشجع على مطاردة الأجانب (من التشاديين والسودانيين والمسلمين). وبدلاً من الصراخ من فوق السطوح بأن مشكلاتهم تأتي من الآخرين، على أبناء أفريقيا الوسطى أن يواجهوا شياطينهم، وأن يحموا بلدهم من الانقلابات العسكرية ومن تناوب الديكتاتوريين الذين لا يقل أحدهم عنفاً ودموية عن الآخر. يقود سياسيو أفريقيا الوسطى بلدهم إلى المنحدر بشن هذه الحملة الصليبية على الإسلام لإرضاء قاعدتهم السياسية. الدعوات المتعددة تلك التي يكاد التنكر لها ألا يخفي إنها مطاردة للساحرات، تقف مباشرة على الضد من المبادئ المؤسسة للأمة الأفريقية الوسطى. انهم يريدون ان ينقضّ مواطنو البلد على مواطنيهم من الأصول الأجنبية أو من الديانة الإسلامية فقط لأن «المجموعة المتمردة» في سيليكا تضم في صفوفها مرتزقة استخدموا السلاح وسخّروا أرواحهم خدمة لتشاد وللسودان بدولتيه. لا ينبغي أن يرتكز مفهوم المواطَنة والانتماء الوطني إلى الدين والأصل والأيديولوجيا والانتماء العرقي أو الجهوي فحسب... ويجب التخلص من الأحكام المسبقة ورفض الآخر في سبيل تكون أمة واحدة في أفريقيا الوسطى تعمل لإخراج البلاد من الفلتان الأمني والركود الاقتصادي. ومن (الرئيس الأول لأفريقيا الوسطى بعد الاستقلال) دافيد داكو إلى بوكاسا (الذي نصب نفسه إمبراطوراً)، لم تعرف أفريقيا الوسطى غير الزعماء عديمي الكفاءة والمتسلطين الذين قادوا بلدهم إلى حفرة لا قعر لها. وما زال الوقت متاحاً لتجاوز خداع السياسيين الذين يبحثون عن كبش فداء يحمل عنهم عبء انعدام كفاءتهم سيء الصيت، ولعودة البلاد إلى الطريق القويم.   * صحافي، عن «الوحدة» التشادية، 11/9/2013، إعداد حسام عيتاني

مشاركة :